بغداد/ كاظم الجماسيمنذ زمن موغل في الماضي عرف الانسان الموازين والمكاييل كوسيلة لقياس الأوزان واستخدامها لاغراض البيع لمختلف انواع البضائع، ومرت تلك الالية بمراحل مختلفة من حيث تطور تقنياتها او من حيث شيوع وانتشار استخداماتها، وصارت للموازين والمكاييل مهنة وممتهنون مختصون بها، ولعل الوزان عندنا طوال عقود النصف الاول من القرن المنصرم
وما بعدها أمست التسمية المميزة لمن يمارس مهنة شائعة ومشهورة الا وهي مهنة الوزن والكيل. يقول الحاج طعمة عبد علي / صاحب محل توابل في منطقة الشورجة: تمثلت بواكير مهنة الوزان بعصا ينتهي طرفاها بوعائين من خوص النخيل تكال بها انواع الحبوب كالشعير والحنطة والرز والماش والعدس والحمص وغيرها من انواع الحبوب الاخرى. و تطورت من ثم تقنياتها ولعل اكثرها انتشارا واستخداما الميزان المعدني الذي يشيع استخدامه في محال بيع المواد الغذائية والمنزلية وفي اسواق بيع الخضار واللحوم في مختلف مناطقنا السكنية، وكانت الى وقت قريب تخضع الى ضوابط دقيقة تقررها مديرية التقييس والسيطرة النوعية التي من مهامها فحص الموازين ومنح الاجازات الخاصة باستعمالها، وليس ذلك فقط بل تقوم تلك المديرية بجولات تفتيشية مفاجئة بين وقت وآخر لرصد المخالفات التي يمكن ان يقوم بها بعض قليلي الذمة.وتذكر لنا سعدية عباس/ بائعة خضروات في سوق الحي- مدينة الثورة: لم يكن عدد المتعاطين ببيع الخضروات سابقا بهذا الحجم، كنا معدودين نمارس هذه المهنة داخل الاسواق وكان لكل منا هوية واجازة تمنحها لنا جهات رسمية من وزارة الزراعة ومن وزارة التجارة، وكان الالتزام بالوزن الحقيقي هو الغالب على معظم الباعة ما يعكس الاخلاقية الحقيقية للعراقيين، ولكن الانحدار الخلقي بدأ بعد غزو الكويت وصولا الى يومنا هذا فانتشر الغش في الميزان وراح ضعاف النفوس يحفرون(العيارات) من الاسفل ويملأونها بالشمع من دون خوف من عقاب الآخرة او وازع من ضمير.الحاج روضان السوداني/ قصاب في منطقة الشعب/ يرى ان اخلاق بعض العراقيين تغيرت كثيرا مع الاسف خصوصا عند الاجيال الشابة، فانتشر الغش في التعاملات التجارية ومن ضمنها الغش في الميزان، وراح نفر من ضعاف النفوس يلصق في مكان غير مرئي قطعة مغناطيس بكفة الميزان لسرقة جزء من وزن المادة التي يبيعها للمواطنين. ويلقي السوداني باللائمة على الجهات الحكومية المختصة التي لا تمارس دورها في الرقابة اليومية الميدانية التي ينبغي ان تشكل رادعا يمنع الفاسدين من سرقة قوت الناس عبر تلك الأساليب الدنيئة والبعيدة كل البعد عن اخلاق العراقيين.فيما تقول المواطنة ام احمد/ ربة بيت من حي اور/ ظاهرة الغش في الميزان باتت واقع حال تعاني منه ربات البيوت اللواتي في تماس مباشر مع الاسواق، وقد عانيت شخصيا منها غير انني وجدت طريقة احمي بها نفسي من عبث الغشاشين، حيث اقتنيت ميزان الكتروني منزلي ورحت ازن فيه المسواق اليومي من الخضروات واللحوم والمواد الغذائية الاخرى، وحين اجد نقصا في وزن بعض المواد امتنع عن الشراء من نفس البائع الغشاش مرة اخرى، بل وانصح جاراتي بالامتناع عن الشراء منه، وفي الختام انصح كل ربات المنازل باقتناء ميزان منزلي يقيهن شر الغش والغشاشين.
فـي أسواقنا المحلية..الموازين والمكاييل.. بين العشوائية وغش البيع
نشر في: 19 إبريل, 2010: 05:35 م