عامر القيسيبرغم كل الاهتمام الذي استحوذت عليه انتخاباتنا النيابية محليا واقليميا وعالميا ، ومع الاعترافات الصريحة بأن ماجرى عندنا من ممارسة ديمقراطية لم تشهدها منطقة الشرق الاوسط منذ نصف قرن، وبرغم العدد الهائل من الكتل السياسية التي شاركت في الانتخابات والتي شملت كل مكونات الشعب العراقي، واشترك فيها حتى البعثيون بوجوه جديدة وعباءات تغيرت ألوانها ،
بل حتى بعض الفصائل التي مازالت تعارض العملية السياسية في البلاد لأنها ، حسب قولهم ، الابنة الشرعية للاحتلال . مع كل ذلك ، قال رئيس وفد الجامعة العربية لمراقبة انتخاباتنا: ان الأمور تحتاج الى تدقيق ، وان الانتخابات كانت جيدة ولكن.. وهذه اللاكن اخفت في طياتها كل ايجابيات انتخاباتنا ، وبرغم ذلك اعتبرنا رأ ي الجامعة العربية تحولا مقبولا لدينا. ولكن انظروا كيف قيّم وفد الجامعة العربية الانتخابات السودانية، التي لم يشارك فيها غير حزبين معارضين، سرعان ما انسحبا بعد فضائح التزوير، واضطرت مفوضية الانتخابات الى تمديد وقت الاقتراع يومين اضافيين، اضافة الى عدم الاكتراث الاقليمي والعالمي بهذه المهزلة العربية الجديدة ، الا ان وفد الجامعة العربية يقول عنها:انها خطوة كبيرة يحتذى بها "جميع الفصائل الرئيسية المعارضة لم تشارك فيها"!!انها انجاز متميز مقارنة مع دول اخرى "في اليوم الثاني انسحب الحزبان اللذان جازفا وشاركا في الانتخابات".هذا التميز في الانتخابات السودانية لا أحد يعلم من أين انبثق ، وسط اجماع محلي سوداني واقليمي ودولي على هزال الانتخابات وكوميديتها . وهذا الكلام لانتجناه على احد ، فشهود تقييم الانتخابات من نفس الدار.يقول"حاتم السر"مرشح الحزب الاتحادي الديمقراطي:انني ارفض نتائج الانتخابات. ويقول "حسن الترابي" الزعيم التقليدي لحزب المؤتمر الشعبي"لن اشارك في المؤسسات التي ستنبثق عن الانتخابات ، واتهم حزب المؤتمر الوطني الحاكم بتزوير الانتخابات. فيما قال" فاروق ابو عيسى"المتحدث باسم ائتلاف المعارضة "ان هذه الانتخابات زائفة من الألف الى الياء، وانها مخططة منذ البداية". وفد الجامعة العربية فرح جدا بنسبة المشاركة الجماهيرية التي تراوحت بين 60% و 80% ، وكأن الوفد لايدري ولم يسمع أو يقرأ ان هذه نسبة متدنية بالنسبة الى انتخابات المنطقة العربية التي تصل نسبة المشاركة والتصويت فيها الى 99،99%وهي نفس نسبة التصويت للرئيس أو لحزبه أو قائمته، والبشير وصل الى نسبة 92% وربما سيحتج الرجل على نسبته لان في الأمر"ان "والجزء اليسير جدا الذي لم يصوت أو صوت عكس اتجاه الريح في اي انتخابات عربية المنشأ والصناعة والتسويق، فانهم فئة ضالة خائنة ، كما شبهنا، على سبيل المثال،عزت الدوري وهو يتحدث عن نتائج يوم البيعة لصدام. نحن لانحسد السودانيين لحصولهم على هذا التقييم من وفد الجامعة العربية ونتمنى لهم كشعب كل الخير والرفاهية في ظل قيادات مطلوبة للمحكمة الجنائية الدولية بسبب جرائم ضد الانسانية. لكننا نتمنى على المنظمالت العربية الرسمية وغير الرسمية التي ناصبت التجربة السياسية الديمقراطية العراقية العداء أن تضع الله بين عينيها كما نقول عادة، وان تقارن بين ما يجري عندنا وما يجري في جغرافية عربية ثانية!
كتابة على الحيطان :نحن والسودان والجامعة العربية ..
نشر في: 19 إبريل, 2010: 07:28 م