اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > يحيى الرفاعي.. والديمقراطية

يحيى الرفاعي.. والديمقراطية

نشر في: 20 إبريل, 2010: 04:32 م

حسين عبد الرازقمن الصعب على الكتابة عن المستشار الجليل (يحيى الرفاعي) بلغة الغياب، فهو حاضر دائما بمواقفة ونضاله دفاعا عن استقلال القضاء والحريات العامة والديمقراطية، ولكن سنة الحياة هو الرحيل عنها في أجل محتوم.
وقد عرفت (يحيى الرفاعي) لما يقرب من أربعة عقود يمكن تقسيمها إلي فترتين.في الفترة الأولى تابعت نضاله عن بعد، وكنت مهتما بنضال القضاة وناديهم العريق دفاعا عن استقلال القضاة والديمقراطية، كجزء من اهتمامي بالشأن العام، في هذه الفترة تعرض قضاة مصر لمذبحة 1969 بعد رفضهم للانضمام للاتحاد الاشتراكي العربي، وتصديهم لنفر قليل منهم انضموا إلى (تنظيم طليعة الاشتراكيين) وهو التنظيم أو الجهاز السري الذي أقيم داخل الحزب الواحد الحاكم في ذلك الوقت (الاتحاد الاشتراكي العربي)، فأصدر رئيس الجمهورية خمسة قرارات جمهورية تم بموجبها حل مجلس إدارة نادي القضاة برئاسة المستشار ممتاز نصار وأمانة المستشار يحيي الرفاعي، وإلغاء مجلس القضاء الأعلى برئاسة رئيس محكمة النقض وإنشاء (المجلس الأعلى للهيئات القضائية) برئاسة رئيس الجمهورية، وعزل 133 قاضيا على رأسهم ممتاز نصار ويحيى الرفاعي. كان استهداف نادي القضاة وقياداته خطا رئيسيا في سياسات الحكم في العهود المختلفة، لقد نشأ نادي القضاة بمبادرة من القضاة أنفسهم، حين عقد 59 قاضيا بمحكمة استئناف مصر في 10 فبراير 1939 اجتماعا صاغوا فيه القانون الأساسي لنادي القضاة وحددوا هدفه الرئيسي في (توثيق روابط الإخاء والتضامن بين رجال القضاء وتسهيل سبل الاجتماع والتعارف فيما بينهم، بالإضافة إلي دعم استقلال القضاء ورجاله)، وخاض النادي منذ نشأته معارك عديدة من أجل استقلال القضاء وإلغاء المحاكم المختلطة، وإصدار قانون استقلال القضاء الأول رقم 66 في 10 يوليو 1943، ومن أهم معاركه ضد تدخل الحكومة في القضاء، ما حدث عقب حريق القاهرة في 26 يناير 1952، فقد اتهمت الحكومة أحمد حسين رئيس الحزب الاشتراكي (مصر الفتاة)بالتحريض علي حرق القاهرة، وتم إحالة القضية إلي دائرة خاصة بمحكمة الجنايات كان رئيسها قد قارب سن المعاش، فسعت الحكومة لرفع سن المعاش إلي 65 عاما ليتمكن رئيس هذه الدائرة من الحكم في القضية، ورفض نادي القضاة رفع سن المعاش، ووجه ممتاز نصار سكرتير النادي آنذاك الدعوة لعقد جمعية عمومية طارئة، قررت بالإجماع رفض قرار رفع السن تمكينا لقاض بعينه من نظر قضية محددة، وأرسل النادي برقيات بهذا المعنى للملك ورئيس الوزراء ووزير العدل.وشهد عام 1963 مواجهة بين نادي القضاة ووزير العدل الذي استصدر القانونين رقمي 74 و76 لسنة 1963 بحل مجلسي إدارة نادي قضاة مصر والإسكندرية وجعلهما بالتعيين، وقاطع القضاة الناديين، وتصدي النادي لوزارة العدل التي حاولت ضم القضاة إلي الاتحاد الاشتراكي عام 1966 بالمخالفة للقانون والقواعد القضائية المستقرة والتي تمنع القضاة من الاشتغال بالعمل السياسي الحزبي، وعقب هزيمة 1967 أصدر النادي بيانا حدد فيه أسباب النكسة، وأكد أن إطلاق الحريات والإصلاح السياسي هو السبيل لمواجهة النكسة، وكان هذا البيان ورفض الانضمام لتنظيم طليعة الاشتراكيين وراء مذبحة القضاة. وعند انعقاد مؤتمر العدالة الأول الذي نظمه نادي القضاة في أبريل 1986، وإصدار عدة قرارات تتعلق باستقلال القضاء وكذلك بالحريات العامة وحقوق الإنسان والديمقراطية - وكان يحيى الرفاعي رئيسا لنادي القضاة والمؤتمر - خاطب الرفاعي الرئيس حسني مبارك مطالبا إياه بإنهاء حالة الطوارئ.في الفترة الثانية والتي تبدأ في نهاية تسعينات القرن الماضي، برز يحيى الرفاعي كأحد أبرز الشخصيات السياسية المهتمة بالديمقراطية والحريات العامة، والتقيت به وعملت معه مباشرة عندما دعت لجنة التنسيق بين النقابات المهنية خلال عقد مؤتمرها حول (الحريات والمجتمع المدني)عام 1994 لصياغة ميثاق وفاق وطني، ودعت الأحزاب والقوى السياسية للمشاركة في الوفاق والوطني، وكانت لجنة الصياغة مشكلة من عدد من الشخصيات العامة ومقررها هو المستشار يحيى الرفاعي، وكنت أمثل حزب التجمع في الاجتماعات الخاصة بالوفاق الوطني، لعب يحيى الرفاعي ود. سعيد النجار دورا مهما للغاية في قضية الوفاق الوطني وفي الإصرار على أن يعكس الميثاق مبادئ الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الإنسان والدولة المدنية كما يعرفها العالم، ووقع على الوثيقة فؤاد سراج الدين (الوفد) وخالد محيي الدين (التجمع)وأبو العلا ماضي (لجنة التنسيق بين النقابات) وعدد من الشخصيات العامة غير الحزبية يتقدمهم يحيى الرفاعي ود. سعيد النجار ود. ميلاد حنا ود. محمد سليم العوا ونبيل الهلالي، ولكن الوثيقة لم تر النور نتيجة لموقف الإخوان المسلمين (المستشار مأمون الهضيبي)وحزب العمل (عادل حسين). ولا شك أن مواقف يحيى الرفاعي على مدى تاريخه، كقاضي ثم كمحام وأخيرا كشخصية سياسية بارزة منحازة للديمقراطية والعدل، كانت وراء هذا الاحتشاد غير المسبوق من تيارات وقوى وشخصيات مختلفة، حرصت علي المشاركة في العزاء تأكيدا لكل المعاني السامية التي مثلها يحيى الرفاعي طيلة حياته.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram