متابعة اخبارية:اعتبارا من يوم غد الخميس ستندلع مواجهة سياسية جديدة بين الرئيس الامريكي باراك اوباما والحزب الجمهوري. في هذا الموعد، وحسب ما حدده البيت الابيض، فان خطة جديدة للرئيس سيتم الكشف عنها تتعلق بـ»الانقاذ» او «الاصلاح» المالي في البلاد.
ويعتقد ان الجمهوريون ان الرئيس يسير في خط غير مالوف امريكيا؛ فالبنسبة اليهم يبدو ان قانون الضمان الصحي الاخير يكشف عن نية الادارة الجديدة في توسيع رقعة «النفوذ الحكومي» على قطاع الصحة، ولا يسبتعدون، بسبب ذلك، ان يكون خطاب الخميس المقبل متسقا مع هذه الوجهة.ويمكننا التذكير، هنا، ببعض الاراء التي اطلقت من باب انتقاد سياسة اوباما، حيث حشدت الماكنة الاعلامية للجمهوريين قواها من اجل اظهار الرئيس على انه واحد من دعاة الاشتراكية في امريكا، وان «أفكاره» تشكل خطرا فادحا على العقيدة الاقتصادية للامريكيين.امر اخر يستحق في الشأن، اذ ان السياسة الجديدة لاوباما، خصوصا ما يتعلق بالقضايا الخارجية وعلاقة امريكا بالعالم، تنحى نحو تقليص الوجود العسكري في افغانستان والعراق، هو الذي يراه محللون اقتصاديون لا يروق لعرابي صناعة السلاح، هؤلاء يعتقدون ان استمرار الحروب في بعض مناطق العالم يزيد من نسبة عقود العمل بالنسبة اليهم، وهم الان يلعبون دورا كبيرا في اعاقة جهود اوباما.المهم ان اوباما سيواجه مصاعب جدية ستفوق، دون شك، ما قد واجهه ايام اقرار قانون الضمان الصحي، فالبعض يتخوف من ان يطبق الرجل افكاره بخصوص سيطرة الشركات الكبرى على اعمال الحكومة. لقد عبر اوباما في مناسبات عديدة ان خطة الانقاذ لابد وان تضمن وضع حدود لتلك الشركات.وكان البيت الأبيض اعلن أن الرئيس سيلقي بعد غد في نيويورك خطاباً، يدعو فيه إلى إصلاح النظام المالي، الذي يأمل أن يصادق عليه مجلس الشيوخ سريعاً.روبرت غيبس، الناطق باسم أوباما، قال أن الاخير سيتوجه الخميس إلى نيويورك لإلقاء خطاب حول إصلاح وول ستريت في كوبر يونيون، وهي جامعة خاصة في جنوب مانهاتن.أوباما نفسه قال الأربعاء الماضي أنه يريد «التحرك سريعاً» من أجل مصادقة مجلس الشيوخ على هذا الإصلاح، الذي تعتبره إدارته أولوية جديدة، بعد إصلاح الضمان الصحي، الذي تم إقراره في 23 آذار.لكن على سلسلة القوانين التي يقترحها الديمقراطيون، لتفادي تكرار الأزمة المالية للعام 2008، وامتدادها إلى الاقتصاد الحقيقي، أن تتخطى معارضة الجمهوريين في مجلس الشيوخ، حيث تتمتع المعارضة بأقلية معطّلة. وفي نيويورك، وبعد سنتين تقريباً من الأزمة، وبعد مرور سنة على عرض الإدارة خطة مفصلة لتحميل وول ستريت مسؤولية عملياتها وحماية المستهلكين، سيدعو الرئيس مجلس الشيوخ إلى التحرك سريعاً.الأزمة المالية قد أتت على آلاف المليارات من الدولارات من الممتلكات، وكلّفت إلغاء أكثر من ثمانية ملايين وظيفة، وهنا قال غيبس ان الرئيس سيذكّر الأميركيين في خطابه بالرهانات، في حال لم «نتحرك» لتغيير القواعد في إطار مجموعة متينة من القوانين لإصلاح وول ستريت.وتبقى الاشارة الى ان الاقتصاد الأمريكي هو اقتصاد خدمي يقوم على الصفقات والأوراق الماليّة والاستثمارات في هذا المجال، وهو لا يعتمد على قدرة البلاد الإنتاجية بقدر ما يعتمد على سمعتها وأدائها على الصعيد الاقتصادي، وبناء على ذلك فإنّ هذا النوع من الاقتصاد لا يعكس الصورة الحقيقيّة للوضع الاقتصادي وإن كان يتأثّر ببعض جوانبه، ومن المعلوم أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تستند في سيطرتها على العالم على ثلاث محاور أساسيّة هي:قوة السلاح، قوة المال، النفط والمواد الأولية: بمعنى الاستدانة من الآخرين عبر استثماراتهم والاستيلاء على مواقع الثروات العالمية.كل هذه المحاور متصلة ببعضها البعض في حلقة متكاملة، فإن تمّ ضرب إحدى هذه العناصر تنهار الحلقة بأكملها وتتداعى.ولا ننسى التقارير الدوليّة التي افادت أن أكثر من نصف البنوك المركزيّة العالميّة قد حوّلت بالفعل احتياطيّاتها من الدولار إلى اليورو. ما يصعب الامور على الخطة الامريكية الجديدة.ولكن هل سياتي أوباما بخطة ناجحة، وهل يمتلكن وادارته، العزيمة على تحدي المعارضة؟، وهل سيسمح له الجمهوريون بذلك؟