اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > ياسين طه حافظ.... ما قـاله آخـر الخطباء..الحضور ما وراء التخييل

ياسين طه حافظ.... ما قـاله آخـر الخطباء..الحضور ما وراء التخييل

نشر في: 21 إبريل, 2010: 04:42 م

جبار النجديتتسم تجربة الشاعر ياسين طه حافظ في جوانب كثيرة منها، بسمات الشعر المحلق المتحرك الذي يطل علينا من شاهق، بمعني شرحلة كشفية محلقة، يبرع الشاعر بتحريك روافع التحليق فيها باتجاهات متعددة وآفاق فسيحة، وبموجب ذلك فان الوقت لم يطل بنا كثيراً لنكتشف إن الشاعر ياسين طه حافظ هو من اكبر دارسي الطبيعة في انتاج الشعر العراقي،
 لدرجة إن حفريات المعنى والدلالة لديه لا تنجز إشتغالاتها على الأرض فحسب، بل في الأجواء والأعالي أيضاً، إلى الحد الذي يجعل دلالة أية مساحة أرضية حتي وإن كانت حجراً فأنها تتخذ شكلاً شراعياً محلقاً، ولذلك فنحن لا نجد في اشتغالات الشاعر ياسين طه حافظ سوى حاجته للحركة والتحليق والدوران، فلا ضير إذن لو نظرنا إلي قصائده بمقياس ما ينظر إلي الكواكب السيارة، لما تضفيه هذه النصوص من حركة دؤوبة لكائن لايهدأ ابداً، ولعل هذا الكائن الشعري هو الأكثر تنقلاً وحركة في مجموعته (ما قاله آخر الخطباء) حيث يذهب بعيدا ليصل إلي درجة معينة من درجات التخييل ليضمن الوصول بمحاذاة ما يمكن تسميته بــ (استحالة التخييل) والتي هي بالأحرى تخييل آخر يحرز صفة التقدم على (التخييل) الذي يتقن المراوحة ولا يتوق إلي بلوغ حدود افتراضيه لممكناته، وهو أمر يعني إن الفضاء الافتراضي للتخييل يمثل في حقيقة الأمر قراءة أخرى للتخييل ذاته من قبل الشاعر وان هذه القراءة قائمة علي إمكانية حضور ما وراء التخييل لمصلحة توسيع البناء التخييلي باتجاه مديات أُخر، ينقل من خلالها الشاعر طه ياسين حافظ لنا إنطباعاً يفيد بأن الشعر هو وحده الذي يتنبأ بالمتغيرات الخفية في الطبيعة، فهو مثلاً يأخذ دور ترجمان الكلمات التي يدلي بها جسد شجرة راقصة في مهب الريح، فيما ينبغي التأكيد بأن اشتغالات ما فوق التخييل بوسعها أن تمضي قُدماً بدفع الكائن الشعري إلى حركة مكوكية، وهذا ما نجده في طائفة من الكلمات التي تعتبر وسيلة لتحليقات هذا الكائن مثل (الغيوم والريح والعراء و الجناح و الأشجار و العاصفة) وكثير مثلها.إذن يمكننا الافتراض إن نصوص المجموعة مشدودة لمقتضيات البيئة التي لا تقاس إلاٌ بمعيار عام هو الشعر، وبالتحديد ما يرقي إلي مصاف المغامرة إنطلاقاً من إن (مبدأ المغامرة هو مبدأ الحرية) التي بمقدورها أن تتعدي مديات وحدود (التخييل) إذ ليس غريباً أن يطرح اللاتناهي في النظرة إلي الطبيعة فرصاً مهمة لإتاحة إضاءة عوالم الإبهام فيها، لاسيما وإن ما يستجليه الشعر هو هارب من كل عين وخفي عن كل بصر، انه الشئ الذي بوسعه أن يوفر الطابع التوليدي لتدوير المعني والدلالة نشداناً للقصيدة التي لا يمكن إنهائها، وإذا ما توقفت لاستجلاء أمر ما فأن توقفها هو بمثابة استئناف لدوامها، بمعنى إن أية نهاية بإمكانها أن تعيد إظهار البداية مجدداً طلباً لإتمام سيرورتها: الثلج ما يزال في قبعة الجبلوخمس زهرات هنا تجرأت واطلعت رؤوسهاقد وصل الربيع سراً، مدٌ ناره لهاوخبأ الياقوتبين غصون التين أو في خصل السرخس أو في عشبةمجهولة تطلع كالزائر كل عام يقترب الربيع من بيوتنا ونحن قرب النار لا احد يدري به يمرر الومضة بين صخرة وصخرة إلى أن يقول:.......وفوق هذا الكتف الحجرغامر غصن فستقينهض من نقاهة يرعش في براعم جديدةفزجرته زخة من المطرإذن كل شيء يمر عبر جسد الطبيعة أملاً في الكشف عن دلالة بعيدة التصور، وإنطلاقا من هذا الاختيار نجد نصوص المجموعة تستهويها الأقدام التي تضل طريقها لتذهب بعيداً، وبالتالي يكون بإمكانها الوصول إلي مفاتن جسد الطبيعة الجديرة بالتعري، ومعني ذلك إن الأداء الشعري في مجموعة (ما قاله آخر الخطباء) يكمن في الحركة لا في السطور المكتوبة، يضاف إلى إن الشعر في المجموعة ليس قائماً علي تلبية حاجة آنية وإنما قائم علي تأكيد قيمة، استنادا إلى إن ثمن الشيء ليس الشكل الدال علي قيمته، وجلية الأمر إن الشعر هنا يدخر قوى الطبيعة بأكملها، محاولا إدراك وظيفة أخري له تتمثل في انه عامل اكتشاف لموجودات وأشكال وأحاسيس ماثلة في مجهولية الأشياء المألوفة، وما يبدو واضحاً إن قصيدة ياسين طه حافظ تنمو دون ان تبلغ سن الرشد، وما تمردها هذا وتيهانها في الأرجاء إلا جزء من مغامرتها التي تغنينا إدراكا بان الشعر أذكي من الطبيعة بكثير، ما دامت مكوناتها الدلالية قادرة علي خرق مظاهر الصلابة أينما كانت، فهي بمقدورها أن تعرض لنا الأحجار التي لها أشكال حية نابضة، في الوقت الذي تسمعنا بوضوح الإيقاعات الخفية في الأمكنة، أي إنها ترينا بما لا يقبل الشك الارتجال الجمالي لعناصر الطبيعة، وليس علينا بعد ذلك سوي القول: إن الإنسان والشعر في مجموعة (ما قاله آخر الخطباء) هما نتاج التشارك مع الأخطار:غاب صوت الريحوأنا في الغابة محتجز، سيجيء الظلامويأخذنيالظلام يغطي السفوحيغطي الدكاكين يغطي بقايا الشجروالمدينة صامتةتتلامع، تبرق، تغمض أعينهاهذه البلدة عالقة كلها فوق سفحوتسكب أبراجها والبيوت وأشجارهاوالمصابيح...الى جوف وادِالى هوة لا تُري وسوادْلاتسعي نصوص طه ياسين حافظ إلي إخلاء نفسها من قبضة الطبيعة ومتاهاتها، إنها تجيد تشمم الأثر للإيغال بعيدا، قاطعة علي نفسها طرق التقهقر والعودة، ولا عجب في إن معظم نصوص المجمعة لا تترك برهة واحدة في السهو عن الطبيعة ونسيان وجودها مواصلة سبر مخفيات غ

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

بالصور| تظاهرات حاشدة أمام وزارة التخطيط للمطالبة بتعديل سلم الرواتب

805 قتلى وجرحى بأعمال شغب مستمرة في بنغلاديش

مجلس النواب يعقد جلسته برئاسة المندلاوي

خبراء يحذرون: أغطية الوسائد "أقذر من المرحاض" في الصيف

القبض على 7 تجار مخدرات في بغداد وبابل  

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

مقالات ذات صلة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و
غير مصنف

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

متابعة / المدىأكد الفنان السوري علي كريم، بأن انتقاداته لأداء باسم ياخور ومحمد حداقي ومحمد الأحمد، في مسلسلي ضيعة ضايعة والخربة، لا تنال من مكانتهم الإبداعية.  وقال كريم خلال لقاء مع رابعة الزيات في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram