كريم محمد حسن للوهلة الاولى لدى سماعك بشركات التمويل الذاتي تحسب نفسك وكأنك تسمع حركة المكائن الكبيرة المدوية في المصانع، التي تعج بالعاملين وهم في حالة دخول وخروج ببدلاتهم الزرقاء وعرقهم يعتلي جباههم، وفي آخر الشهر يتسلمون رواتبهم، وتضاف إليها الارباح التي جاءت نتيجة الجهد والانتاج، الذي استهلك محليا اوصدّر الى الاسواق الخارجية ،
في هذه الحالة فقط لاينبغي للموظف والعامل ان يطالب بأي استحقاق من الدولة، كونها وفرت المكائن والبنى التحتية للعمل، كذلك وفرت المواد الاولية واوقفت إسهال السلع المستوردة التي تضر بالمنتوج المحلي، والمستهلك والعامل.. في هذه الحالة عليك ان تلتزم الصمت وتكف عن المطالبة بأي شيء، لكن كل هذا لم يحدث في العراق الجديد، بل هو يشبه بعض الاحلام، وما يغيظ الموظف، المسمى بالتمويل الذاتي هو في نهاية كل شهر ينتظر راتبه الذي بات لايعرف من اين يتسلمه او من اين يأتيه او لايتسلمه اصلا وتحت ذرائع شتى منها: على شركات التمويل الذاتي ان تدفع لمنتسبيها نصف الراتب، وعلى وزارة المالية النصف الآخر، والسؤال هنا من اين تأتي الشركة الممولة ذاتيا برواتب موظفيها، بينما ترى هؤلاء الموظفين يجلسون القرفصاء في باحات مصانعهم الخاوية والخالية من اي ملمح يشير الى أن هناك عملا قائما، والمضحك في الامر هو ان الحكومة تعرف تماما بأن حركة الانتاج وعلى الصعيدين الحكومي والقطاع الخاص متوقفة، ومع هذا فهي اول من يتخلى عن عمالها وموظفيها الذين افنوا معظم سني عمرهم في خدمة بلدهم ومجتمهم، وهم ضحية حالة تغيير فرحوا بها في بداية الامر، لكنهم الآن يعيشون مذلة السؤال عن استحقاقتهم، والذنب ليس ذنبهم، فلهم حاجاتهم وعوائلهم التي تنتظر رواتبهم لسد الاحتياجات والمتطلبات، في خضم غلاء وغزو تكنولوجي يدفع الكثيرين الى الاقتناء واشباع الرغبات التي حرم منها المواطن لعقود خلت، بل ما يزيد الطين بلة هو الخدمات التي فارقت المواطن من كهرباء معضلة المعضلات، وبات حل ازمتها يحتاج الى معجزة، والمجاري والبنى التحتية الاخرى التي تأكل مدخلات المواطنين بكل طبقاتهم، وانواع دخولهم، فاصبح الفرد يركض ويدفع ليوفر الكهرباء والماء الصالح للشرب، ويدفع ايضا لمن يرفع قمامته، وكل هذا بطبيعة الحال يحتاج الى راتب شهري معلوم، وواضح الملامح، فبعد كل هذا العناء والمرارة تأتيك وزارة المالية وتقول لك:" انت تمويل ذاتي" او انت من ال
كلام ابيض :التمويل الذاتي
نشر في: 21 إبريل, 2010: 06:19 م