اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > ( بلاد لا يموت فيها أحد ) .. ألبانيا أورنيلا فوربسي القاسية الموحشة

( بلاد لا يموت فيها أحد ) .. ألبانيا أورنيلا فوربسي القاسية الموحشة

نشر في: 23 إبريل, 2010: 05:02 م

ترجمة: عادل العامليمكن القول إن كتاب فوربسي هذا، و لو أنه يوصف بأنه رواية، لا ينسجم بصورة ملائمة مع  فهم المرء لذلك الشكل الأدبي، كما تقول جيف ووكسمان في مقالها هذا. فليس هناك راوٍ مشترك في هذه السلسلة المجزَّأة من التذكّرات،
 و إنما فقط فتاة في حالة تحوّل. فأحياناً تسمى أورنيلا ــ أجل، مثل المؤلفة! ــ أو أورميرا، أو واحدة من تغيّرات أخرى عديدة؛ و الثابت الوحيد هو صوتها.كما أن عمرها يتذبذب من الطفولة عبر المراهقة و إلى الوراء ثانيةً، لكنها دائماً صغيرة، فتاةً أم امرأة شابة. و هذه الفصول مثل الصورة في تسلسل، مربوطة بالفكرة الرئيسة فقط، و بواسطة الحس الثابت بالمكان.والقصص، التي تحدث في سبعينيات القرن الماضي قي ألبانيا، هي قصص بلاد و شعب في حالة خراب. و لن يكون من التجاوز وصف هذا الكتاب بأنه يتّسم بطابع السيرة الذاتية ، و لن يكون من الخطأ أيضاً القول إنه يوحي بشعور غير مريح من الحنين إلى الوطن.رغم هذا، فإن المكان المرئي من خلال عدسات فوربسي يتّسم بالوحشة و الكبت، شيءٌ ما هو نتاج الشيوعية السوفييتية و الفقر. و هذه صورة صارمة، مرسومة بالغبار من الذاكرة.ففي ألبانيا فوربسي نجد ثقافةً تعاقب على النشاط الجنسي و تتوجع له؛ مكان تُمنَح فيه الراحة فقط لأولئك العاجزين عن تقديرها؛ حيث تحدث الأمور السيئة كلَّ يوم، لكن للناس الآخرين ( الذين من المحتمل أنهم جعلوها تجيء ). تكتب فوربسي :" كانت بليرتا نحيفةً و كان لها شعر يخفّ جعلته في تسريحة ذيل الحصان.وكانت مطيعةً جداً بطبعتها إلى حدّ أنها كانت تفعل أي شيءٍ يطلب منها أي واحد أن تفعله. و هذا ربما هو ما أوقعها في المتاعب. فقد قام شخصٌ ما بانتقالةٍ نحوها و لم تعرف كيف ترفض ".إن خوفاً مستوطناً من الجنس يعمّ، مطوّفاً على عدم ثقةٍ مرَضي من النساء، و من النشاط الجنسي الأنثوي. فهؤلاء الناس ينطوون على عداءٍ لما هو طبيعي، عدم ارتياح مع الجسد و ملذّاته يقترن بشهوةٍ ثابتة و مزعجة. و النساء هنا أقسى منتقدات للنساء الأخريات، و نحن نرى مشهداً فوق مشهدٍ من هذا الصراع. و هنا لدينا إلقاء قبض على امرأتين كانت لديهما " عادات سيئة ". [ كانتا متهمتين بكونهما لاأخلاقيتين. ... فكيف تُشفق عليهما الآن النسوة في الجوار! ...  كانت شقوق النوافذ تُسدّ بأشرطة لاصقة. و قد أثبت الشريط أنه قوي بما يكفي، ظاهرياً، لتعليق العاهرتين المهزولتين، المعلّقتين ذقناً إلى ذقن. ]و هناك مشاهد أخرى تحث على ردود فعل مماثلة. فحين تُصبح امرأةٌ حاملاً خارج علاقة الزواج و تموت من عملية إجهاض بائسة، يُقابَل الخبر بالهمسات والاعتداد smugness. وكل شخصية في هذا الكتاب مسكونة بشاغل العذرية. تكتب فوربسي : " تزوج بابا. و زوجته تبلغ من العمر  ثمانية و ثلاثين عاماً. و قد أخبرني أنها كانت لا  تزال عذراء. و ينوح الكورس الألباني : " العذراء الجميلة! مَن يدري كم مرةً جعلتهم يخيّطونها و يُزيلون الخياطة؟! " إن هناك الكثير من هذه العدائية و الصراع بحيث أنه يُتخم كل مشهد عن كل امرأةٍ في هذا الكتاب. والمؤلفة، و هي لم نعد طفلةً، تعرف عمّاذا تبحث، و ما الذي تعود بنظرها إليه، و ما الذي تتألم له؛ فهي مشاركة في ذلك إذاً، لكنه شيء آخر الآن. و هذه المشاهد التي ينطوي عليها الكتاب مؤلمةٌ، ومدمرة بالنسبة للشخصيات إضافةً للقارئ، و راويتنا مرتبكة، و أحياناً مضطربة بسببها، إلى حد أن هذا الكتاب، هذه المجموعة، يُصبح تعويذة أو رُقية فوربسي لعفاريت بلادها الذين لا يزالون أحياء.وتبقى فوربسي مفعمة بالحنين مع هذا، إلى شيءٍ ما فقدته، إحساس ما خفي بالوطن. إن ( بلاد لا يموت فيها أحدٌ أبداً) كما هو واضح ليست بالرواية العذبة، لكنها رواية يخترقها حسٌّ قوي بالمكان، و الحنين إلى الوطن. و هنالك شيءٌ ما بشأن هذا الكتاب، شيءٌ ما ثقيل و ناضج كثيراً، إحساسٌ يخفّف من كتابٍ قاسٍ من نواحٍ أخرى و باعث على الإزعاج. إنه كتاب التشوق، و الرغبة في شيءٍ ما حزين بشكل صلب و بعيد بطريقة مستحيلة. و هذا الدفء الخفي الذي يصعب تصوّره هو الذي يجعل هذا الكتاب شيئاً أفضل بكثير مما يبدو عليه في الأول.عن/ words without borders         

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram