حازم مبيضين حدثان لافتان استقبلت بهما إسرائيل الموفد الامريكي الى الشرق الاوسط جورج ميتشل في جولتة الجديدة, أولهما إعادة التاكيد على رفض أي تجميد للاستيطان في القدس المحتلة، والثاني هو ما سمي بالصواريخ اللقيطة التي ضربت فجر الخميس مستودعاً في مدينة العقبة الاردنية,
المحاذية لايلات الاسرائيلية على البحر الاحمر, وإذا كان الحدث الاول شديد الوضوح استنادا إلى تصريحات رئيس الوزراء الاسرائيلي القائلة إنه "لن يكون هناك تجميد للبناء في القدس والكل يعرفون ذلك". وان الدولة العبرية"لا تتفق مع الولايات المتحدة على كل شيء, الا ان كون علاقتهما تقوم على اساس صلب يتيح تجاوز المشاكل", فان صواريخ العقبة ستظل مجرد فرقعة صوتية بعد الموقف الاردني الذي أكد أنها لم تنطلق من أراضي الاردن, وترافق زيارة الملك عبد الله الثاني للرئيس المصري حسني مبارك لتهنئته بالسلامة, وهي زيارة قصد منها القول إن عمان تعرف أن تلك الصواريخ لم تنطلق من الاراضي المصرية, وهنا سيكون الاستنتاج الوحيد أنها أتت من اسرائيل, حتى دون توجيه اتهام رسمي.مواقف الفئة الحاكمة في اسرائيل تأتي بعد أن كشفت واشنطن " المؤسسة العسكرية " أن تحقيق التسوية للصراع في فلسطين يشكل مصلحة للجيش الأمريكي. وبعد تحذيرات للوبي الصهيوني الأميركي وحكومة نتنياهو بأن إفشال مهمة جورج ميتشل يتعارض مع رغبة الجيش والسي.آي.أي. ولكن الواضح أن الرسالة لم تصل، بدليل إفشال نتنياهو لمهمة ميتشل الأولى، حين أعلن عن قرار بناء 1600 وحدة سكنية استيطانية جديدة في القدس خلال زيارة نائب الرئيس الأميركي جو بايدن إلى القدس التي زارها لدعم مهمة ميتشل في إطلاق مفاوضات, وهو ما استدعى ردّ فعل أقوى مما كان يمكن يتوقعه نتنياهو, وتبع ذلك التصعيد الذي مارسته وزيرة الخارجية هيلاري مما يكشف عن احتقان وغضب حقيقيين، بعد أن فاض الكيل بسبب عدم تعاون نتنياهو وامتناعه عن المساعدة في إنجاز طلب أميركي يمسّ مصلحة أميركية عليا لا يمكن التهاون بشأنها, وهي نتاج ما أكده الجنرال بتراوس في تقرير خلاصته أن اللعب الآن ليس مع أوباما, ويخرج عن حدود اللعبة السياسية الأميركية الداخلية, وان الأمر يتعلق الآن بمواجهة مع الجيش وهي تمسّ الدم الأميركي والمصلحة العليا الأميركية.الحدثان التخريبيان جاءا بعد تأكيد الرئيس الامريكي ووزيرة خارجيته للرئيس الفلسطيني التزام واشنطن بحل الدولتين ، وفي ظل أنباء مفادها أن زيارة ميتشل المفاجئة تأتي في أعقاب حصول تقدم في المباحثات السرية بين مسؤولين اميركيين واسرائيليين, لكن الوقائع على الارض تؤكد أن مواقف اليمين الصهيوني تسعى لتقويض جهود اوباما لإحياء عملية السلام, ويعني ذلك أن آفاق الوصول إلى تسوية مسدودة بالكامل, ويعمق آثار الازمة الحالية, وينعكس في الغرب عموماً بشكل سلبي على الموقف من إسرائيل, ويعني أيضاً أن خسارة إسرائيل لتعاطف الرأي العام الأميركي والغربي سيكون لها أبعاد ستراتيجية على مجرى الصراع, ومعروف أن تعاطف الرأي العام الأميركي والأوروبي مع الدولة العبرية كان له أثر كبير في ما حققه من إنجازات وبهذا يكون السحر قد انقلب على الساحر في واحد من المجالات المهمّة في الصراع على أرض فلسطين.
خارج الحدود :السحر ينقلب على الساحر
نشر في: 23 إبريل, 2010: 05:51 م