وديع غزوانكانت ومازالت مشكلة التعامل مع المعتقلين هماً يشغل المهتمين بحقوق الانسان, وبشكل خاص المنظمات الدولية , دون اغفال تعمد استخدام هذا الشعار لاغراض سياسية لاعلاقة لها بحقوق الانسان احياناً. ومع ذلك يبقى التعاطي مع امر كهذا قضية جوهرية وضرورية ,
خاصة في دول العالم الثالث التي اتخذت من اسلوب التعذيب منهجاً في تعاملها مع المعتقلين ممن يخالفون انظمتها الرأي .في عراق قبل 2003 لدينا صور مروعة عن حجم المعاناة والامتهان للسجناء السياسيين امتدت لعشرات السنين .. صور لاتمت بصلة للانسانية او الحدود الدنيا من مفاهيمها, لذا كانت مسألة التعامل مع موضوع شائك ومعقد كهذا بالغ الصعوبة , فمن لم يمارس منا فعلياً سلوكيات كهذه فانه نشأ على شعور داخلي يتملكه مفاده ان انتزاع الاعترافات لاتتم دون التفنن باستخدام وسائل تعذيب وحشية بحق المشتبه بهم ,لذا فان التوجه نحو نمط جديد مع مثل هذا الموضوع يستلهم قيم احترام الا نسان والقانون, في ظل ظروف كالتي مر ويمربها العراق يتطلب اكثر من مجرد تثقيف طلبة كلية الشرطة على مبادىء حقوق الانسان او إلقاء محاضرات على منتسبي الاجهزة الامنية بشأن الموضوع , بل يجب ان ترافقه سلسة اجراءات تؤكد ايماننا باحترام الانسان وحرصنا على تطبيق مفاهيم وقيم جديدة في كل مؤسساتنا , ومنها السجون قد يكون من بينها تنشيط عمل المنظمات المعنية بحقوق الانسان وتفعيل دورها خاصة المرتبط منها بالبرلمان ومنحها صلاحيات القيام بزيارات مفاجئة للسجون والمعتقلات , اضافة لتفعيل دور واجبات الباحثين الاجتماعيين .المسؤولون في إقليم كردستان تجاوزوامثل هذا الامر, وعملوا على ان يكون شعار تحويل السجون الى اصلاحيات امر واقع وملموس لدى المواطن , ومع ذلك لاندعي عدم حصول خروقات هنا وهناك,لكن هنالك بشكل عام حرص على ان يكون القانون واحترام حقوق الانسان وتطبيق المعايير الدولية هو السائد , كما ان اعلان وزير داخلية الإقليم كريم سنجاري بان ابواب (جميع السجون مفتوحة طوال الوقت لجميع المنظمات الدولية والمؤسسات ذات العلاقة ) دليل على تمسك الشرطة والمؤسسات الامنية في كردستان باحترام حقوق الانسان في عملها تجسيدً لاهمية تطبيق القوانين المتخذة في هذا المجال .ومع إقرارنا بصعوبة تطبيق جوهر هذاالامرو روحه في العراق , خاصة في ظل ما نواجهه من هجمات ارهابية قذرة بحق الابرياء , فان تشبثنا ببناء نموذج لعراق جديد يتمتع فيه الجميع بحقوقهم دون امتهان لكرامتهم , يعزز الثقة بقدرة الاجهزة المختصة للتعامل مع المعتقلين على وفق القانون والتأسيسس لمفاهيم تؤكد اصالة انتمائنا للاسلام وكل الديانات التي ما جاءت الا لتعزيز القيم الانسانية .. ولنتذكر بان احتمال وجود بريء واحد بين المعتقلين مسؤولية تتطلب التعامل معها بشرف وامانة.ربما يتوهم البعض ان الوقت ما زال مبكراً لتطبيق مثل هذه المفاهيم في عراق ندافع فيه عن وجودنا ضد قوى الظلام, غيران حلقات بناء عراق ديمقراطي لاتتجزأ وبالتأكيد فان من ابرز مقوماتها اشاعة مفاهيم احترام القانون والقضاء العادل وتطبيقه على الجميع .ان ما يثارحالياً من انتهاكات حصلت في عدد من السجون العراقية يتطلب وقفة جادة لإيضاح حقيقة مايجري .. وقفة تتجاوز التنافس السياسي والتصعيد المفتعل للقضية .. وقفة تتطلب مصلحة العراقيين في المقام الاول .
كردستانيات: السجون وحقوق الانسان
نشر في: 24 إبريل, 2010: 05:58 م