TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > وقفة :الحفرة وما جاورها

وقفة :الحفرة وما جاورها

نشر في: 25 إبريل, 2010: 05:04 م

محمد درويش علي للحفرة استخدامات كثيرة في حياتنا، ومعظمها تدلل على ان حافرها يريد السوء بصاحبه، حتى باتت بعض الأقوال عن الحفرة تأخذ شكل المثل، ومنها (من حفر حفرة لأخيه وقع فيه) أما لماذا لا يقولون وقع فيها فلا أدري ذلك! وهناك قول آخر:
 (حفرتله خوش حفرة) أو(ديحفر جواي) أو(ديحفر من جوه لجوه) أو (يحفر للمشكلة بأبرة) وثمة طرفة قيلت عن الحفرة، وهي ان حفرة كانت بجانب طريق عام وقف عندها ثلاثة ثمالى لاعتقادهم بأنهم يعالجون أمرها  أولهم قال نردمها لم يوافق الاثنان على مقترحه، ثانيهما قال: نأتي بسيارة اسعاف ونوقفها جنب الحفرة لكي تنقل كل من يقع فيها الى المستشفى، لم يحصل الاجماع على قوله أيضاً، وقال الثالث: نبني بجانبها مستشفى والسلام.يبدو ان الحفرة مثل المفاهيم الاجتماعية  تأخذ في كل زمان ومكان معنى آخر يختلف عن معناه السابق مثلما نرى هذه الأيام، فالحفرة باتت ملاذاً لكل من يسعى لقتل الناس من دون وجه حق، ويدعو السفهاء من أمثاله الى قتل الأبرياء أيضاً من أجل خلق الفوضى وإرضاء لرغبة من يموله بالسحت الحرام. ولكن هل الحفرة تنجي مثل هؤلاء من العدالة ومواجهة الحقيقة الصارمة التي هي أقسى من كل ما قاموا به؟ الواقع ينفي ذلك ويظهر الحقيقة بشكل واضح، ولا غير هذه الحقيقة، وثمة حقيقة أخرى لا أعتقد أمثال هؤلاء الذين وجدوا في الحفر بقادرين عليها، لأنها تحتاج الى شجاعة أولاً وثم مبادئ وإحساس بخدمة الآخرين، مع ذلك أفترض لو أن هؤلاء حمل كل واحد منهم بندقية  وذهب الى الجهة التي يعتقد بأنها على خطأ وقاتلها مات فكيف يكون النظر اليه؟ أكرر وأقول هذا افتراض وليس حقيقة لأن من يقتل الآخرين ظلماً ويزرع الخوف في طريقهم ويشيع الفتنة لا يمتلك شجاعة رجال المبادئ كي يقاتل ويضحي بنفسه من أجل الآخرين، وهذه الحالة تكشفها الاحداث التي تجري من حولنا حينما يلقى القبض على أحد هؤلاء العتاة في القتل وشرب دماء الابرياء من دون وازع من ضمير. أقول كلامي هذا بمناسبة مقتل البغدادي والمصري في حفرة في منطقة الثرثار اذ كانا فيها تخفياً من الموت، ولاأدري عندما يكون الأمر هكذا كيف يؤمن بهما من يواليهما وينفذ مآربهما الدنيئة؟  فقبل أيام، وبالتحديد يوم الجمعة الماضي،قام أذناب من وجدوهما في الحفرة بتفجير عدة أماكن في بغداد وقتل عدد كبير من الأبرياء وجرح آخرين منهم  وتزامنت بعض التفجيرات مع موعد انتهاء الصلاة (رغم كل قدسية الحالة) فكان هناك من يتباكى من المسؤولين أو الأبواق المأجورة في خارج الحدود، ليلقي اللوم على الجهات الأمنية وحدها من دون الاشارة الى الأذناب المتضررة من نجاح الانتخابات واستتباب الوضع الأمني وعودة الروح الى الحياة بعد الشعور الذي انتاب المواطن بنجاحه في مسعاه برغم كل ما حصل. والسؤال الذي يطرح نفسه: هل ان هذه التفجيرات تجعل من المواطن ان يتخلى عن دوره، ويترك وطنه لكل من هب ودب ليأكل من ثمره ويبقى يتفرج عليه؟ ان المواطن العراقي يعي حقيقة مايجري من حوله، وكل ما يقومون به، فالتضحيات كبيرة وهي تأخذ من المواطن الشيء الكثير من أعصابه ومن عمره، لكنه يستأنف حياته ويدوس على كل الصعاب التي واجهته، من أجل أن يبقى الوطن معافى.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram