محمود النمريقول القاص يوسف أبو الفوز :" لو تيسر لي طبع كل مخطوطاتي ،فان هذا الكتاب سيكون ترتيبه في آخر القائمة،هذا الكتاب الذي تيسر طبعه أخيراً ، يضم مجموعة من القصص،تم اختيارها من آخر ما كتبت من قصص لاعتقادي ان هناك ما يجمعها ،وإحساسي بان ثمة خيوطا مشتركة ما تمر بين نسيجها، حاولت الى حد ما ترتيبها بشكل ربما يوحي للقارئ إنها على نسيج ممتد من بلدي العراق الى أوجاع المنافي ليرجع هذا الوجع مرة ثانية محملا بتلك المعاناة".
لو تلاحظ ان هذه المجموعة هي انعكاسات موجعة للقاص يوسف أبو الفوز ،عبر الأمكنة والدول التي مر بها عبر ما يقارب من أكثر من ثلاثة عقود عاشها في المنافي وهي شواهد حية تاركة شروخها على وجه يوسف منذ انضمامه الى الثوار – الأنصار – في كردستان العراق الى آخر محطة في –فنلندا – الذي مازال فيها هو وعائلته ،وهذه المجموعة هي عبارة عن رواية مجزأة ،وهذا هو الحبل السري الذي يربط جميع القصص التي كتبها أبو الفوز في المنفى القسري الذي لاقته عائلته كلها هربا من بطش النظام البعثي الاستبدادي، فهم عائلة من مدينة السماوة اعتنقت الفكر الماركسي ،ففي الثمانينيات من القرن الماضي حاول أزلام السلطة البعثية بالقضاء على تلك العائلة المناضلة، يوسف أبو الفوز، وأخويه الشاعر عبد الكريم هداد والشاعر جاسم هداد، الذين عانوا الكثير من المنافي، وطائر الدهشة هي واحدة من تلك المكابدات التي جسدها أبو الفوز في هذه المجموعة التي فيها دلالات واضحة وجلية على ان الانسان مهما يبتعد عن البدايات يظل مرتبطا بحبل سري مع الأمكنة التي عاشها سواء كانت تلك الأمكنة في وطنه او التي عاشها في المنافي فهي مجموعة ارتحالات ومشاهدات ومعايشات كونت خزيناً متجانساً في نفس المبدع لتظهر على البياض بهذا النوع الإبداعي، هي إشارات قد تظن ان ابا الفوز يتكلم عن نفسه ولكنه من خلال ذلك الطرح يستحضر الكثير من الأمكنة فهو يعتمد على خلط كل الأشياء الشخوص والأمكنة وحتى الأزمنة في سرد حكائي فيه لعبة الروي الجمالي الذي لا يمنح نفسه ببساطة تلك العوالم وإنما يعطيها عوالم إنتاج الحلم مع الواقع والحقيقة مع الخيال وهذه هي اختلافات في عملية خلق النص اذ تعتمد على مقدار الوعي المعرفي للقاص في عملية تنصيب الأشياء وإعادة ترتيبها بالشكل الذي يدهش القارئ وتلك هي مجموعة طائر الدهشة التي كتبها أبو الفوز بدهشة المنفى والغربة والفجيعة .rn
طائر الدهشة.. الخيط الممدود مع الطائرة الورقية
نشر في: 25 إبريل, 2010: 05:37 م