عامر القيسي مشكلة بعض الكتاب العرب والاعلام العربي عموما انه ناصب العداء التجربة العراقية الجديدة منذ انطلاقتها بعد سقوط الدكتاتورية في التاسع من نيسان 2003 ، فضائية الجزيرة على سبيل المثال ، التي تتحدث بلاهوادة عن الاحتلال في العراق ،
تنسى أو تتناسى ان مقر قيادة القوات الامريكية في الشرق الاوسط لا تبعد سوى امتارا قليلة عن مكتبهم ، وهو المقر الذي كان يقود عمليات حرب اسقاط صدام . ربما يكون هذا الكلام قديما نوعا ما ، لكن الاخوة الكتاب العرب يتحفوننا بانتقاداتهم وتحليلاتهم عن الوضع العراقي باستمرار . السيد خالد عبد العزيز السعد كتب في صحيفة السياسة الكويتية مقالا بعنوان " العراق والسبع العجاف " تحدث بلغة مليونية فخمة ففي العراق " قتلى بالملايين " و" ومهاجرون بالملايين " و" لاجئون بالملايين " و " مليونا ارملة " و" اربعة ملايين يتيم " ماالذي ابقاه لنا السيد السعد من الناس المليونية هذه ، وأعتقد انه لايريد ان يرى الملايين من التلاميذ الذين يتوجهون يوميا الى المدارس والكليات ، ولا الملايين غيرهم من الموظفين الذين يؤدون اعمالهم في مؤسسات الدولة ، ولا الملايين التي تقاتل الارهاب والجريمة وتبني العراق حجراً على حجر، انه لايريد ان يرى غير المبالغات التي في مخيلته . ويقول السعد في فقرة اخرى " كل ما يقال عن العراق المحتل خلال الاعوام السبعة العجاف التي عاشها الشعب العراقي يبقى في نطاق الصراع الطائفي " . فيما يتعلق بالاحتلال فلا اعتقد ان الكاتب السعد لايعرف ان طلائع القوات الامريكية التي اسقطت صدام قد انطلقت من أراضي بلاده ، وان حكومته قد استنجدت بقوات الاحتلال لتحرير بلدها من الاحتلال الصدامي ، ولا اظنه غافلا عن القوات الامريكية التي بقيت في بلاده تحت اي مسمى دون ان يعلن عنها ، في نفس الوقت الذي اعلنا فيها عن اتفاقيات سحب القوات الامريكية من العراق ، ونشرت الاتفاقية كاملة في وسائل الاعلام من دون ملحقات سريّة ، ربما يعتقدها الكاتب أو غيره موجودة خارج نصوص الاتفاقية .ويستمر السعد في ماراثون هجومه على التجربة العراقية فيقول في فقرة من مقاله " الانتخابات التي يقال ان الفائز الأكبر فيها هو العراق كذب ودجل " ، ومن باب التذكير نقول للسعد ان انتخابات الكذب والدجل المستاء منها جدا ، انتجت لنا ثلاثة رؤساء وزراء وثلاثة مجالس للنواب وحكومات محلية منتخبة ودستورا استفتاه ملايين الناس من اقصى العراق الى اقصاه ، ومن الملائم جدا ان نطرح على الكاتب الجليل سؤالا خبيثا وبسيطا ، ان كان باستطاعة ذاكرته المشحونة بالارقام المليونية العراقية ، ان تتذكر آخر مرّة تم فيها استبدال وزير بآخر من وزراء حكومته ؟ ربما سيكون الجواب عسيرا ، لان المرّة الاخيرة التي نطالبه بتذكرها بعيدة الى الحد الذي لايمكن تذكرها.نتفق مع الكاتب بشأن الكثير من كوارثنا ، التي وزعها صدام علينا وعليهم ، لكن مانقوم به من عمل تأريخي ليس لغزا كما يتصور الكاتب ، لان الافضل لديه ان يكتب عن المساحات التي يفهم فيها بدل ان يطرح حيرته التي لانفهمها حين يقول:اللغز العراقي ابعد بكثير من لغز أبو الهول "!
كتابة على الحيطان :العراق ولغز "أبو الهول"
نشر في: 25 إبريل, 2010: 07:53 م