سعد محمد رحيمبعد كل عملية إرهابية توجه سهام النقد إلى الحكومة وأجهزتها الأمنية، وإذا كان بإمكاننا أن نفسّر انتقادات الجهات السياسية المعارضة واتهاماتها للحكومة بأنها مناورات سياسية فإن من حقنا أن نتساءل؛ لماذا يلقي أغلب من تلتقيهم وسائل الإعلام من المواطنين بعد كل فاجعة يسببها الإرهاب المسؤولية،
كذلك، على السياسيين العراقيين والحكومة؟. والجواب ببساطة لأنهم (أي المواطنين) يحسون أنفسهم مكشوفين للإرهابيين، لا حول لهم ولا قوة. يبيتون ليلهم في منازلهم غير مطمئنين، ويخرجون إلى عملهم في كل صباح، يهجسون بالمفخخات، ويمضون نهارهم في قلق.. هؤلاء يشعرون أن لا أحد بإمكانه مساعدتهم وحمايتهم غير الحكومة والأجهزة الأمنية.وحين تخفق الحكومة وأجهزتها في وقف مسلسل العنف والقتل. وحين يسقط العشرات يوميا شهداء وجرحى ومعاقين من غير أن يردع الإرهابيين رادع حاسم، فإن غضب الشارع ينصب على الحكومة وأجهزتها الأمنية ما دامت هي المسؤولة عن هذا الملف الساخن والخطير.قد يكون جوهر الإرهاب واحداً في كل زمان ومكان، لكن وسائل الإرهابيين، بمختلف مسمياتهم وانتماءاتهم، تتعدد، وأهدافهم تتباين. فيما قدراتهم ودرجة خطورتهم ومدى قسوتهم وطبيعة عملياتهم لا تبقى على حال واحدة. والإرهاب الذي نتعرض له، في كل يوم، ومنذ سنوات سبع، يبدو، على الرغم من أن له غايات معينة، وكأنه لا يبغي سوى القتل.. إستراتيجيته القتل، وتكتيكاته القتل، وثقافته القتل، ورسائله إلى الآخرين القتل، كما لو أنه الشر المحض، الشر الأعمى الذي يوجّه فوهات آلته المميتة يميناً وشمالاً، وعشوائياً، ليوقع أكبر قدر ممكن من الضرر والخراب، أكثر عدد ممكن من الجثث في المباني والطرقات، وأوسع بقع من الدماء على الأرض والجدران. وليدفع من يعدّهم أعداءً (وهم نحن/الآخرون جميعاً) إلى حافة الرعب الدائم واليأس.التبريرات لا تجدي، والإدانة وحدها لن تمنع الإرهابيين من تنفيذ خططهم الإجرامية، والوعود لن تهدِّئ مخاوف الناس. ما يجدي وما يقضي على الإرهاب، وما سيهدِّئ المخاوف هو إيجاد حلول حقيقية أولها الإسراع في تشكيل حكومة الشراكة الوطنية، كما يسمّونها، والاعتماد على الكفاءة والإخلاص في اختيار الأشخاص لإشغال المناصب، وتقوية المؤسسات الاستخبارية ومكاتب المعلومات، فضلاً عن رفع قدرات القوات المسلحة، والتشديد على جعلها على أهبة الاستعداد دائماً وتجنب الاسترخاء. وتضييق نطاق الفساد الإداري والمالي الذي يعد الثغرة الأكبر الذي ينفذ من خلاله الإرهابيون. ولابد من إشراك المواطنين وقنوات الإعلام ومنظمات المجتمع المدني في المواجهة بطرق أكثر فعالية، وخلق مؤسسة دراسات وبحوث علمية خاصة، كما نوهنا في مقال سابق، ترعاها الدولة ومؤسساتها الأكاديمية والعلمية، لتحليل ظاهرة الإرهاب في العراق والمنطقة والعالم، وتفكيك الإيديولوجية الموجِّهة لها. فما لم نحسم معركتنا مع الإرهاب، سنضيع ويضيع العراق، لا سمح الله.وأخيراً يجب أن ندرك أن الأشرار (وهم القلّة) لن يُهزموا إلا باتحاد الأخيار (وهم الأغلبية الغالبة من العراقيين) وتفانيهم، وعملهم الدؤوب في بناء بلادهم، وثقتهم بأنفسهم، وبالمستقبل.
وقفة :الإرهاب ومسؤولية الحكومة
نشر في: 26 إبريل, 2010: 06:11 م