TOP

جريدة المدى > مقالات واعمدة ارشيف > هواء فـي شبك: (يجتفنه فصوع، ويهدنه فصيعان )

هواء فـي شبك: (يجتفنه فصوع، ويهدنه فصيعان )

نشر في: 26 إبريل, 2010: 07:59 م

عبدالله السكوتي يحكى ان أسدا كان يتجول في خارج منطقته، فوصل إلى محل وجد فيه الذئب يرعى مع الغنم، والحيوانات جميعها في دعة وامان ، ولايعتدي القوي على الضعيف، فاستغرب مما شاهده ، ولما استفسر عن السبب، قالوا له :كل ذلك بفضل ملكهم، فسأل عن محل اقامته لمشاهدته ، فقالوا له: سيأتي وتراه ، ثم حضر حطاب ، فعلم انه ملكهم، فطلب الاسد منازلته ،
 فقال الحطاب: ( لا أنازلك حتى تأتي بكفيل) ، فقال الاسد : ولماذا؟ فأجاب الحطاب : لأنني سأجلب سلاحي واخشى ان تهرب اثناء غيابي، فرد الاسد انه لايوجد من يكفله، فاقترح الحطاب ان يوثقه بحبل فوافق الاسد، فأوثقه الحطاب بحبل قوي بحيث تصعب معه حركته، ثم سحب فأسه وبدأ يضرب الاسد حتى ادماه، والاسد يستغيث، فسأل الأسد الحطاب عن اسمه فقال : اسمي فصوع ، ثم تركه غارقا بدمه، حتى هيأ الله للاسد فأرا بعد ان استغاث بالنمر والفيل والذئب والفهد، فلم يستطع احد مساعدته، لكن الفأر ابدى استعداده لتخليص الاسد من شدته ، واخذ يقرض الحبل شيئا فشيئا حتى حرر الاسد، فسأله الاسد عن اسمه  ليرد له الصنيع الجميل فقال : فصيعان ؛ ثم ان الاسد انطلق هائما على وجهه لايعرف اين يتجه، فلقيه الجمل وسأله عن سبب وجود الدماء بكثرة على وجهه وجسده ، فذكر مالاقاه ، وختم بقوله: (ان الديرة التي يقيد فيها فصوع ويحرر فيها فصيعان ما ابقه بيها).ونحن بين الاثنين (يجتفنه فصوع ويهدنه فصيعان) ومع الخير الذي فعله فصيعان، لكن هذه البلدة لايمكن العيش فيها الا بتغيير قوة من هاتين القوتين، ومع هذا يبقى الشعب سيد الموقف، ويميز اعداءه بصورة واضحة، اما الضبابية والغشاوة التي نعيش تحت ظلها فهي ليست من مصلحة احد، وانما هي بقاء وقوة للمشبوهين، الذين يتزيون بزي الراعي ويأكلون بأنياب الذئب.هنالك الكثيرون من هؤلاء الذين ينخرون جسد الوطن ويرفعون الشعارات التي تخفي خلفها اللصوصية والاجرام وتنفيذ مايطلب منهم من وراء الحدود، والشعب المسكين يصدق في احيان كثيرة مايقولون، ويأخذه الحماس لخطبهم الرنانة فيخرج يحدوه الامل، ان الغد خير من الامس ، لكنه كلما تقدم ظهرت الوجوه على حقيقتها ، منهم من يستغل الوضع ليثبت وطنيته في نيله من القوات الامنية ومنجزها  ، وآخر ينادي بما عفا عليه الزمن فيضع غشاوة على عيون البسطاء ، وآخر يتحالف مع الشيطان لتنفيذ مايراد بهذا الوطن من موت وتمزيق، وآخر يرى حياته في موت غيره، فيضع جماجم الابرياء ويبني فوقها صرحا يشيده على هواه ومن دون تدخل او رجوع الى الاخرين، ونوع آخر هم المغشوشون الذين تتوفر لهم فرصة توفر لهم الاموال والجاه، فيبيعون ولا يعلمون قيمة المساومة وغيرهم كثير، كل وضع فأسه بيمينه يهدم ماوصلت اليه يداه، وانا متأكد انه لايدري ماذا يفعل ، وهذا اهون ممن تحالف مع الشيطان ، ولبس ملابس التقى والورع.كثيرون من يريدون تدمير الوطن ، بتصرف او قول اوفعل، ومنهم من ينشد الامارة حتى على الحجارة، وهؤلاء باتوا معروفين، واحترقت اوراقهم ؛ نحن في مأزق كبير لانعرف اعداءنا، بين خفافيش يفجرون ويقتلون ، وبين سماسرة يبيعون مايبيعون، وعلى هذا الحال ستطول بنا الحال، ننتظر في الطابور تصل سكاكين الجزارين الى رقابنا،  وتعتذر، تتركنا لنبقى على قائمة الانتظار لسنا الى الموت ولا الى الحياة وكما قال الشاعر 🙁 منهو ابحالنا احنه المساكين             من يسأل علينه احنه البعيدينفض الازدحام وفضت الناس              ويم اركابنا وتعمه السجاجين   )ومع الذي قلنا، فما يزال الأمل معقودا في الكثيرين الذين يريدون انقاذ الوطن ويحاولون، لكن للأسف بأصوات خافتة ومبحوحة لايصل مداها حدود الوطن الكبير.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

حياتي وموت علي طالب

حياتي وموت علي طالب

غادة العاملي في لحظة تزامنت فيها الحياة مع الموت استعدت ذكريات عشر سنوات ،أو أكثر .. أختصرها الآن في ذاكرتي بالأشهر الثلاثة الأخيرة. حينما اتفقنا أناقرر هو أن يسافر ملبيا الدعوة التي انتظرها لأكثر...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram