عبدالله السكوتي يحكى ان مجموعة من الطلبة الأعاجم كانوا يدرسون اللغة العربية في احدى مدن العراق، فلما اخذوا الاجازة، ورجعوا عن طريق بغداد، ووصلوا الى نهر(الخر)، وجدوا بعض الاطفال يسبحون في النهر ويرتجفون قائلين:
(يرك ، يرك ، حمر الدرك ، جاج الرفش ، يكفش كفش ، غطي)، فلما اراد الطلاب اعراب هذه الجمل قالوا: (يرك ، يرك ) حرف نداء ومنادى است، (حمر الدرك) ، صفة وموصفست ، (جاج الرفش)، فعل وفاعلست ، (يكفش كفش) ، فعل مضارع ومصدرست، ثم انهم توقفوا عند اعراب (غطي)، حيث اجمعوا ان الاشكال في غطي، ولم يجدوا بدا من الرجوع ليتساءلوا عن معنى هذه المفردة واعرابها، حتى قيل لهم انها (فعل امرست) .وهذه الحكاية تحكى للامر الواضح يستعصي حله على البعض، وبعض الاحيان يكون الامتناع عن الحل مقصودا، لغاية في نفس يعقوب كما يقولون؛ والشعب العراقي متنوع ويضم الكثير من الاطياف ولايمكن لأي احد ان يصادر الاخر، وهو من الشعوب التي توالت عليها الثقافات المتنوعة، ونظرة الى الامس البعيد والقريب، نستطيع ان نرى بوضوح التعدد والاختلاف وكذلك نرى مصير من اراد ان يفرض فكرا واحداعلى الناس، وزعيما واحدا، حيث عقمت الدنيا ان تنجب غيره، السلطة جميلة أليس كذلك؟ والمنصب مهم، لكنه الان يختلف عن السابق، اذا ماعلمنا ان الكراسي في هذه الفترة تستبدل اصحابها بحسب شرائع الديمقراطية وقوانينها، ومن حاول ان ينتزع السلطة بطرق ملتوية او بالتهديد بالحرب او الاضطرابات ، فمعنى ذلك ان المشروع الديمقراطي في العراق قد نسف من اساسه. ان الفوز بكأس السنوات الاربع المقبلة يقتضي مراعاة مصلحة الشعب، اما المعارك والتصريحات والاصوات المختلفة كل هذا هبط في الحوار كما يقول زميل لنا في الصحيفة، حين نتكلم في أمر مهم فيدخل على الخط احد لايعرف فيما نخوض، فيدلي برأيه، فما يكون من زميلنا الروائي الا ان يقول يكفي فقد (هبط الحوار)، الا ان هبوط الحوار بالنسبة للكتل السياسية بلغ الافتراء والكذب بشأن عدد الاصوات والائتلافات وبشأن المفوضية ايضا في حين ان هنالك من يقول: ان المفوضية نزيهة ويصف قدرتها الكبيرة على ضبط الانتخابات في واقع سياسي مشوش وواقع امني هش، وهذا الرأي صحيح، خصوصا اذا اردنا استعراض امكانات هذه المفوضية الناشئة والتي قامت بجهد استثنائي ، اما الامر الذي يكمن فيه مشكلة (غطي) فهو التوافقات التي كان من المفترض ان تفرضها الاصوات وليست التوجهات، لانها اتت بشيء جديد بنسبة كبيرة من المقاعد، وهنا تدخل امور اخرى تذكرنا بما يسمى بالجبهة الوطنية في السبعينيات والتي نشأت بين البعث والحزب الشيوعي العراقي ، ومع اختلاف التوجهات والاهداف والافكار، عندها كان الهدف معروفا ويصب في سياسة الابتلاع والمصادرة ، في حين بسط الحزب الشيوعي كوادره وتجربته في خدمة الوطن بحسب الشراكة التي آمن بها ولم تكن من اهدافه في حينه، واذكر حادثة في هذا حين ارسلوا بعثيا ليقوم بالتأثير على احد الشيوعيين ويكسبه الى صفوف البعث، فقام الشيوعي باقناع هذا البعثي باهداف الحزب وافكاره وكلمه عن الاشتراكية والمساواة بين الناس حيث (لاغني ولافقير) وانما عدالة اجتماعية في توزيع الثروات وتغيير واقع الفقراء الى واقع مشترك مع جميع الطبقات، حينها عاد البعثي الى مسؤوله وقال له: (رفيق كلما يكوله صاحبنا صحيح وانه مقتنع بيه) فما كان من الرفيق الا ان وبخه ومنعه من الاختلاط ثانية بالشيوعيين؛ وهناك فرصة جديدة لاتحاد المتناقضات والكثيرون يرفضون هذه التحالفات كما رفض الكثيرون الجبهة آنذاك حين قال الشاعر: (الف مبروك بالعشرة الجديدة ولاتشوف اشصار بينه عمي احجي اشما تريد امفتحه ابواب المدينه انته ياعمي الردته احنه يابويه اشعلينه خوش مركه وخوش ديج وخوش تشريبه سمينه) ونقول الف مبارك لاية اتفاقات جديدة ، خالية من المراوغة وتحفظ مصلحة الشع
هواء فـي شبك :( الاشكال فـي غطي )
نشر في: 27 إبريل, 2010: 08:21 م