نبيل العطية في الاول من اب عام 1997 غادرت الحياة كاتبة عراقية قديرة، واستاذة جامعية بارزة، تلك هي الدكتورة حياة شرارة، غير ان مما يؤسف عليه انها فارقت الساحة الثقافية بطريقة غير تقليدية، وبأسلوب مأساوي هو الانتحار..لقد كانت حياة في سلوكها الاجتماعي،
وتوجهها الثقافي، وانتاجها العلمي، ورؤيتها الحياتية ضد النزعة الظلامية مؤمنة بالانسان وحتمية انتصاره، كما كانت مفعمة الاحساس بالمستقبل الزاهر، ولكن الظروف وقساوة الطغيان، وثقل الحصار، كل ذلك اضعف روح المقاومة لديها، وهذا هو الذي كان...يمتاز انتاج حياة بالتنوع، فقد كتبت: الرواية، القصة، الدراسة، المقالة والترجمة، كما انها زاولت (التحقيق) ونظمت الشعر، ومع تعدد المناحي الثقافية، واختلاف منابعها سعة في الثراء، وعمق في الغنى، وظني في تفسير هذا يرجع الى نشأتها الادبية، فقد عاشت في بيئة يؤمها الشاعر والقاص على حد سواء، وكان والدها المرحوم محمد شرارة نفسه شاعرا كبيرا اسمعها الكثير من شعره، كما كان ذا مجلس ادبي عامر يحضره عمالقة الشعر كالجواهري ، السياب والبياتي ، في هذه الاجواء الزاخرة بالادب، والشعر والثقافة ازدهرت شخصيتها ونمت فأحبت الشعر وحفظت عيونه، وآمنت بالكتاب وسيلة ابداعية، وبالثقافة منهجا حياتيا، كان ذلك منذ نعومة الاظفار ، وسغر الجدائل، وطراوة العقل، وطفولة المخيلة. وسمحت الحياة لحياة ان تسافر الى روسيا، بلد الراوية والقصة القصيرة بلد دستوفسكي ، بوشكن، انطوان تشيخوف، تولستوي وغوركي، والرعيل الاول من عمالقة الثقافة لدراسة الادب الروسي عامة وتولستوي خاصة. حياة والدراسات الادبية: وحياة دراسة عميقة، ودراستها قائمة على التحليل والغوص الجاد وراء الظواهر، وفحص مفردات المنجز الابداعي بطريقة اخاذة، يتضح ذلك في كتابها، تولستوي فنانا" فقد درست هذا الكاتب الكبير بعناية تامة، معبرة عن مقدرة في الاستقصاء.. وجمالية في الطرح، ونظير ذلك كتابها "الادب الروسي في القرن التاسع عشر" الذي ينطوي على دراسة حياة مجموعة من اعاظم الكتاب الروس بشكل جذاب مع تحيللات ادبية موضوعية لتلك الشخصيات، على ان اهتمامها بالادب الروسي لم يصرفها عن الالتفات الى دراسة حياة شاعرة كبيرة هي نازم الملائكة، فكان كتباها صفحات من حياة شاعرة كبيرة هي نازك الملائكة فكان كتابها صفحات من حياة نازك الملائكة الصادر ببيروت عام 1994 دليلا على ذلك. حياة والرواية:وتأتي روايتها "اذا الايام اغسقت" الصادرة بعد وفاتها بمراجعة وتقديم شقيقتها الاديبة بلقيس شرارة لتعبر عن معاناة الاستاذ الجامعي في ظل النظام السابق، والمواجهات الحادة التي اضطر الى خوضها، وبالرغم من ترهل هذه الرواية واغراقها بفيض من التفاصيل غير الضرورية ، بمعنى انه كان بالامكان الاقتصاد في حجمها مع سلامة المنهج، ووضوح الرؤية ، بيد ان حياة لم تفعل ذلك لحرصها الشديد على ادانة هذا النظام باوسع ما يمكن من الكلمات، واقوى ما تستطيع ، مفضلة سيادة النزعة الفوتوغرافية مع الايضاح المبسط على وجازة الالفاظ وابهامية المحتوى! حياة والترجمة وتعد حياة من دون مبالغة واحدة من احذق المترجمين العراقيين: سلامة في المنهج الترجمين ودقة في نقل النص مع اضفاء الطابع الحيوي على النسيج اللغوي الجديد، وعكست اهتمامها في هذا الميدان ترجمتها كتاب "فن الترجمة" لـ (ك سورينيان) و(س.فلورين) و(فل روسيلي) الصادر ببغداد عام 1979 يتضمن هذا الكتاب مجموعة من التجارب الغنية في حقل الترجمة التي لاغنى للقراء عنها، وفي مقدمتها له أبانت عن مفهومها للترجمة بوصفها علما للتعارف، والتقارب، والتفاهم والتفاعل بين الشعوب وثقافتها لا "مجرد نقل افكار، بل هي بالدرجة الاولى، - عملية ابداعية".. وشبيه بهذا ترجمتها لـ "تشيخوف بين القصة والمسرح" لمجموعة من الكتاب ، صدر هذا الكتاب ببيروت عام 1975، ولغة هذه الترجمة صافية واسلوبها شائق..rnحياة والمقالة: وحياة مقالية ممتازة واسلوبها في "المقالة" دال على ضلاعة وتمكن،وجل ماكتبته متعلق بروايات روسية كرواية بوشكن "يفغيني انيغن، وتورغنيف،الاباء وابنون وغوغول ، الارواح الميتة، الى جانب موضوعات اخرى، من نحو مقالها عن المرأة بين روايتي زقاق المدق، والنخلة والجيران ويسنين من الربوع العربية وسواها في المقالات.. حياة والتحقيق ولتوطد علم التحقيق في ادبنا العربي، وتقديرا ووفاء لعبقرية والدها فقد حققت كتابه المتنبي بين البطولة والاغتراب، كما حققت كتابه نظرات في تراثنا القومي، وقد بدت حياة في كلا العملين محققة مقتصدة في استخدام "الحواشي" فلا ترهل في الشرح ولا اسراف في التعليق، وبهذه الطريقة انتمت حياة الى المدرسة الحديثة التي تعنى بتوثيق النص، وكشف غوامضه بايجاز ودقة!حياة والشعر:ليس غريبا ان تكتب حياة الشعر وقد تربت في احضان بيئة شعرية ،ورعاها شاعر كبير هو والدها محمد شرارة ، لحياة ديوانان اثنان هما"قصائد قديمة ، وشفق الفجر"، لم ينشرا كما اعلمتنا شقيقتها بلقيس، ان اديبة مرهفة الحس غنية بالمواهب لابد ان تكتب الشعر الجيد المفعم بالموسيقى وا
فرادة في الابداع وتعدد في النوع
نشر في: 28 إبريل, 2010: 04:37 م