صباح محسندائما ماتكون الاحالة لشرح الحدث او الشخصية في الافلام السينمائية بشكل خاص، متكئة على الصورة، وباعتبار الجانب البصري هو الاداة الرئيسة لكسر حالة الشرح المسترسل في السيناريو، ودائماً مايتم تجاوز هذه العناصر الجامدة في النص واحالتها على شكل صور تنتقل حسب انتقال الشخصية او الحدث لأيصالهما قد تكون عليه تلك الشخصية او ذاك الحدث وفعلاً قدمت السينما الكثير من الافلام المليئة بالأحالات
ذات الطابع الموحي بما يدور في قلب الشخصية او مظاهرها العامة كمتقاربات سيمائية لتثبيت البناء العام للحدث..ومن ثم فضح مراميه الفكرية والاجتماعية.حيث برع المخرج فيل ترايل ومن خلال السيناريو المكتوب والذي قدمه كيم باركر في فلم كل شيء من اجل ستيف،في تقديم دراما كوميدية لاتخلو من مأساة او تراجيديا، اذ ان الشخصية الرئيسة في الفيلم ماري هورواتيز والتي ادتها بامتياز النجمة ساندرا بولوك الحائزة على جائزة الاوسكار عن فيلمها المثير للجدل الجانب الاعمى The blind side في اذار 2010 والمنتج عام 2009 حيث عرض في دور السينما بداية العام نفسه وقد تم عرض الفيلم نهاية 2009 ليكون اخر افلام النجمة ساندرا بولوك .الثيمة الاساسية التي اشتغل عليها السيناريو شخصية ماري المصابة بخلل في البناء النفسي والذي لم يكن واضحاً على من لم يتعرف اليها او الذي يراها عن بعد لكن الذين يعرفونها عن قرب يقدرون حالتها والتي تجمع بين طفولة معينة وبين نضج لم يكتمل وكان هذا واضحاً اثناء خروجها من البيت وهي متجهه الى مكان عملها في مجلة محلية ضمن نطاق سكنها والذي يبعد مسافة لاتتجاوز الست دقائق للوصول اليها، وكانت تعمل في حل الكلمات المتقاطعة في تلك المجلة، وكان النجاح في عملها باعتبارها لاتمتلك اي شيء اخر غير حل الكلمات المتقاطعة، وكما اشرت فأن المخرج قد شرح امر الارتباك في داخل شخصيتها في ارتدائها ملابس وحذاء خارج العادة في وسط اجتماعي وبيئة تهتم بكل ماهو جديد على مستوى الازياء واختيار التناسق بين مايلبسون الا ماري حيث تنتعل حذاءً طويلاً احمرً يتجاوز الساق حتى المفصل وملابس لاعلاقة لها في شخصيتها في سن الثلاثين والاشارة الثانية لعدم تعاملها مع مسؤولها في العمل حيث تضع الاوراق الخاصة بالكلمات المتقاطعة على طاولة المسؤول وفوق اوراقه الخاصة بعد ان يزيح الاوراق التي وضعها لأنها تغطي اوراقه التي يعمل بها وهذه اشارة ثانية لعدم انتباهها لما تقوم به من افعال.وكان الفيلم قد استخدم اغنية تصاحبها موسيقى تشرح تلك الانتقالات في شخصية ماري بشكل مقبول ويقدم شرحاً اضافيا لما تقوم به مستقبلاً، وكان الامر اكثر من مهم في الفيلم.وقد انتجت افلام عديدة تكون الاغنية المرافقة للاحداث الجانب الاهم من ناحية تقديم اضافة ثانية لاحداث الفيلم الذي تتخلله تلك الاغاني.وقد وفق المخرج فيل ترايل في استغلال طاقة الممثلة ساندرا بولوك في المزج بين ادائها الكوميدي وتقديم الاحساس بالغبن في ان واحد خاصة وان ساندرا بولوك تمتلك مواصفات الممثلة التي تتحرك بخفة في اغلب افلامها لامتلاكها مقومات الممثلة الاكثر استرخاءاً وعدم الانفعال الذي قد يسببه تقمص بعض الشخصيات لكن ساندرا لاتغير في طبيعتها في الحياة والفن وهذا امر يحسب للممثلة رغم ان هناك ممثلين لايقلون شأناً في اداءاتهم التمثيلية.الرائع في الثيمة الاساسية للسيناريو تلك الفكرة المتضمنة الاشكالات الموجودة في الانسان. حين يكون وحيداً او معزولاً ليس في مكان خاص به خارج سياقه الاجتماعي بل تلك الوحدة او العزلة المتشكلة من خلل اجتماعي عائلي او عاهة نفسية قد تحيل صاحبها الى متوحد في عالمه الخاص، وهذا الامر يكشفه المخرج في متابعته تطور شخصية ماري، من غرفتها داخل منزل عائلتها المكون من اب وام يتابعان اهتماماتها بشكل ابوي عطوف الى مسيرتها في الشارع والارتباك الواضح على معالم شخصيتها في تحركاتها وعدم استقرارها في سيرها بشكل عادي، حيث تتقلب في حركاتها مع وجود حذاء احمر طويل وملابس قصيرة، وهي تصطدم بأول شخص اثناء دخولها مقر المجلة الى متابعتها لسقوط قنينة ماء فارغة تقع من احد الاشخاص الذين يمشون في الشارع وتقديمها له بعد ان هرولت وراءه لامر لايستدعي كل ذلك والاهتمام لسقوط قنينة ماء فارغة! اشارات واضحة منذ بداية الفيلم وحتى نهايته حيث يتم تقربها من شخصية المصور ستيف والذي يعمل في احدى القنوات الاهلية الخاصة حيث يقوم والدا ماري بتقديمه لها عسى ان يساهم ذلك في اعادة الاستقرار النفسي والارتباك لشخصيتها التي تجمع بين الطفولة والنضج واظهار اندهاشها المغلف بالصمت حيث تسرع لغرفتها وتقوم بتبديل ملابسها القصيرة بملابس اكثر اغراء مع وجود الحذاء الاحمر الطويل والذي يرافقها وكأنه جزء من شخصيتها، لتخرج معه وبالاتفاق مع ابويها، لمحاولة كسر الجمود في حياتها وكان توديع ابويها لصديقها المصور باللغة العبرية بكلمة شالوم وهذه اشارة ان العائلة يهودية ومن خلال الحرص الزائد لابويهما وعدم الاختلاط مع الاخرين وظهورهما دائماً وحدهما حتى وهما يمارسان لعبة البلياردو داخل المنزل وحين يستقلان السيارة للذهاب الى مكان للتسلية يبدأ حوار قصير ومقتضب حول الجنس لتقوم وبشكل سريع وغير واع بنزع ملابسها وملابس ستيف وبطريقة سريعة لاتنم عن فهم في ماتقوم به وامام دهشته لعدم قيامه بهذا الامر سابقا
فيلم كل شيء من اجل ستيف..الشخصية المركبة في تناولات المشهدية السينمائية
نشر في: 28 إبريل, 2010: 04:51 م