حازم مبيضين مرة بعد أخرى يحتج الطرف الخاسر في الانتخابات بأنها كانت مزورة،ووصل الأمر إلى تهم التزوير لمن لم يكتسح الانتخابات، والأمر هنا ليس متعلقا بالعالم العربي، فقد حدث ذلك في أكرانيا أول ماحدث ثم صار ذلك تقليداًًً لم يمنعه من الانتشار أن العمليات الانتخابية تجري باشراف مفوضيات مستقلة،يفترض أنها خارج دائرة الهيمنة الحكومية، وإذا تجاوزنا اتهامات التزوير،
فأننا سنجابه باتهام الفرز الالكتروني بالعجز وعدم الدقة ،حدث ذلك في العراق ويحدث اليوم في السودان ،والحبل على الجرار ،والمتوقع أن كل انتخابات قادمة ستقع تحت سيف تهمة التزوير من جهة ما،إن لم تكن من الخاسرين فيها،فلن تعدم جهة خارجية تتولى ذلك وتشكك بالنتائج حسب هواها ومصلحتها.والراهن أن هذه المعضلة التي تتفاقم مع كل انتخابات،حتى لو كانت تتم في بلدية صغيرة ونائية،تحتاج إلى حل حاسم،ينهي مرة واحدة وإلى الابد التشكيك بنتائج الانتخابات ورفض تلك النتائج،وفي ظني أن انشاء مفوضية دولية محايدة تشرف عليها الامم المتحدة،وتتولى تفاصيل العمليات الانتخابية في كل دول العالم،وتشرف عليها إشرافاً كاملاً هو الحل الأمثل،والأفضل من استدراج مراقبين دوليين،سيتهمون سلفاً بالانحياز إلى هذه الجهة أو تلك،وعادة ما يتم تجاهل تقاريرهم،ويرفضها الطرف الخاسر إن تضمنت إشادة بالعملية الانتخابية،وتتجاهلها القوة الفائزة إن رأت في تقاريرها ما يشير إلى أية سلبيات.يمكن للأمم المتحدة أن تعلن سلفا رفض المجتمع الدولي لنتائج أي انتخابات لاتتولاها المفوضية الدولية المقترحة من الالف إلى الياء،ويجب أن تراعي تشكيلتها أقصى درجات التشدد في اختيار الاشخاص الذين يتمتعون بالنزاهة أولا والمؤمنين بالديمقراطية سبيلا وحيدا للحكم،والقادرين على ضبط الأمور،وليس مستحيلاً أن تتبع لهذه المفوضية قوة مسلحة تسليحا خفيفا لضبط الامور الأمنية،ومنع أي جهة من التغول على اختيارات الناس،وحريتهم في إيصال من يثقون بهم إلى مقاعد البرلمان أولا وإلى قيادة السلطة التنفيذية في وقت لاحق،وأنا بالتأكيد لا أدعي الكمال لاقتراحي،وهو بالتأكيد قابل للزيادة والحذف والتطوير،وقابل للمناقشة على كل المستويات،وإذا كان تنفيذه مستحيلا على المستوى الدولي فانني أعتقد بامكانية ذلك في عالمنا العربي،ولست أظن أن لدى جامعة الدول العربية من النشاطات ما يمنعها من النهوض بهذه المهمة التي قد تكون أكبر انجازاتها،وقد تكون المبرر العملي لاستمرارها . بالطبع سنجد من يندد بالاقتراح باعتبار أنه يشرع للتدخل في الشؤون الداخلية للدول،وأنه سيتيح لبعض القوى الدولية المتنفذة إيصال من تراه مناسبا إلى مقاعد الحكم،وسيتباكى البعض على ضياع استقلال الأوطان،وسنتهم بالرضوخ لمشاريع العولمة التي يرفضها الشعاراتيون دون أن يدركوا مضمونها،وسيكون من حقنا سؤال هؤلاء عن الحقوق المهدورة للناخبين،وعن التزوير الفاضح في بعض المناطق لإرادتهم،وعن الوقت المهدور في المهاترات التي صارت لازمة تلي أي عملية انتخابية،وعن المال المهدور نتيجة تعطل الحياة الاقتصادية،بانتظار حسم الأمور السياسية،وإنهاء التنازع بين الرافضين والقابلين للنتائج المعلنة للانتخابات،ولنا هنا أن نتابع ما يجري في ايران منذ سنة كاملة،حيث الرفض المستمر لنتائج الانتخابات الرئاسية والتشكيك بشرعية حكومة أحمدي نجاد،وما يرافق ذلك من صدامات لاتخلو من إسالة الدماء واغتيال تاريخ شخصيات دينية وسياسية كانت لها بصماتها الواضحة في نظام الجمهورية الإسلامية،كما يمكن النظر بامعان إلى ما يجري في العراق،حيث تباينت المواقف بين قبول النتائج ورفضها،عقب الانتهاء من فرز كل صندوق من صناديق الاقتراع.
خارج الحدود: انتخابات باشراف دولي
نشر في: 1 مايو, 2010: 04:59 م