وديع غزوانمرت يوم امس ذكرى عيد العمال العالمي , الذي اعتدنا فيه ان نشهد فعاليات متنوعة للعمال العراقيين تساندهم شرائح مسحوقة اخرى فلاحون وطلبة وشباب ومثقفون , فعلى مدى عقود تصدرت الطبقة العاملة بجدارة قيادة النضال الوطني في العراق ومنه كردستان , وقدمت تضحيات جسيمة ومآثر خالدة حتى تحققت ثورة 14 تموز الخالدة حيث وجدالعمال فيها فرصتهم لتحقيق حلمهم الكبير بوطن خال من القهروانواع العبودية .
وحدثت انعطافات كثيرة في مسيرة الحركة الوطنية منذ تموز 1958 حتى الان, ادت الى تغيير الكثير من المفاهيم والقيم وتخلي البعض من احلامهم بل بيع تاريخهم النضالي في سوق المساومات السياسية الا المخلصين ممن كانوا كباراً في عطائهم وتعففهم من الانجرار وراء اغراءات الانظمة وغواياتها.. فكانوا بحق نموذجاً مشرفاً للعمال ولتاريخهم النضالي, عمال بسطاء اسهموا بما يمتلكونه من ثقافة وحب بإثراء ساحة العمل اين ما حلوا , وقد رحلوا وبصماتهم باقية لم تستطع مفاهيم العولمة محوها من الحياة .في هذه المناسبة اجد من باب الوفاء ان نستذكر هؤلاء ونشير اليهم كرموز , وان نغير ما تعودنا عليه من الاحتفاء بالمسؤولين في حين ان ذاكرة الاحزاب الوطنية تحتفظ بالكثير من العمال الذين شغلوا مساحة لايستهان بها , لكنهم كانوا زهاداً في الحياة فابتعدوا عن بهرجة الاضواء .من هؤلاء العامل مرتضى النجار ابو هيفاء الذي لااظن ان احداً من عمال النسيج لايعرفه خاصة في الكاظمية فقد كان شاعراً ينظم الفصيح والشعبي واستحوذ بهدوئه على احترام وحب كل من قابله حتى من اختلف معهم بالرأي والعقيدة والذين كان البعض منهم يحرص على الاستفادة من نصائحه وحكمه الصائب النابع من القلب على الكثير من القضايا . ابو هيفاء بقي وفياً لمبادئه وما يؤمن به ويحمله من مبادىء , ولم يهتز او يخف حتى وهو يؤشرللخطأ في زمن كانت فيه كلمة الحق من شخص مثله قد تكلفه حياته . لم يستجب لتوسلات ابنته بالسفر الى خارج العراق ابان فترة التسعينيات وظل يكافح باتجاهين الاول الفكرة الصادقة والثاني رفد مصانع النسيج بما تحتاجه من ادوات احتياطية او الخبرة والمشورة وبقي حتى بعد استشهاده في داره في منطقة العكيلات بعد نيسان 2003 نموذجاً يرهب بفطرته وحبه الناس واخلاصه للوطن الذي ترجمه الى فعل , كل اولئك الظلاميين الذين وجدوا في صدق مشاعره , التي كان يعبر عنها بر فض بعض المظاهر التي طفت على سطح الاحداث بعد 2003 , خطراً يهدد مخططاتهم فاغتالوه بطريقة خسيسة اذ عمدوا الى خنقه بكوفيته وهو نائم في فراشه وهم يعلمون انه لايقوى على مقاومتهم كونه مريضاً وكبير السن , كما انه كان يقول دائماً ان اقوى سلاح ترهب به الجلادين هو الكلمة . ولاادري لماذا لم تسعفه الكلمة حتى بالكشف عن مرتكبي الجريمة .؟!المهم رحل ابو هيفاء العامل المناضل ورحل الكثير غيره لكن ذكراهم تبقى خالدة تقوّم خطواتنا كلما اردنا الاقتراب من هوى معارك السياسة واغراءات مناصبها .. لقد رحلوا وجاء عيد العمال باهتاً كما توقعوا.
كردستانيات: الاول من أيار.. درس وذكرى
نشر في: 1 مايو, 2010: 05:45 م