فريدريك كاجانربما يحجب القلق إزاء التأخر في تشكيل حكومة عراقية جديدة وآفاق احترام الجدول الزمني الذي أعلن عنه أوباما بشأن الانسحاب من العراق النظرَ عن مسألة أكثر إلحاحاً وهي أن الولايات المتحدة قد تكون على وشك خسارة فرصة للنجاح في العراق بسبب غض الطرف
عن خطوة طائفية ومسيّسة للانقلاب على نتائج الانتخابات العراقية. ولذلك، فعلى الولايات المتحدة أن تتحرك الآن بسرعة للدفاع عن نزاهة وسلامة العملية الانتخابية، ودعم جهود الزعماء العراقيين لكبح جماح لجنة «اجتثاث البعث» التي تهدد بإضعاف وتقويض العملية الديمقراطية برمتها. إن النظام الانتخابي العراقي، وعلى غرار النظام في أميركا، يسمح للمرشحين بالطعن في النتائج؛ وقد وافقت بعض المحاكم على مطالبة بعض المرشحين بإعادة فرز الأصوات. غير أنه علينا أن ننظر إلى عمليات إعادة الفرز هذه في سياقها. فقد تطلب الحسم بشأن نتيجة انتخابات مجلس الشيوخ الأميركي لعام 2008 في ولاية مينيسوتا ثمانية أشهر، في حين أن العراقيين صوتوا قبل ستة أسابيع؛ والتأخر في التصديق على النتائج ليس صادماً. ولكن إلى أن تنتهي عمليات إعادة الفرز تلك، فإن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق لا يمكنها أن تصادق على نتائج انتخابات آذار مارس، بشكل نهائي. والواقع أنه ما لم يخرج الوضع الأمني عن السيطرة بشكل سريع، فإن عدد القوات الأميركية في العراق سينخفض إلى 50 ألف جندي بحلول ايلول سبتمبر المقبل. على أن ثمة ثلاثة أشياء فقط قد تستحق إعادة النظر في خفض عديد القوات الأميركية إلى ذلك المستوى وهي: انهيار قوات الأمن العراقية أو استعمالها في نزاع سياسي عنيف، أو إعادة تعبئة المليشيات. ولكن حتى في تلك السيناريوهات المستبعدة، فإن الوضع الأمني لن يستفيد بالضرورة من تشكيل للحكومة على نحو سريع. بل على العكس، ذلك أن من شأن الإسراع في تشكيل حكومة كيفما اتفق أن يستبعد على الأرجح لاعبين أساسيين أو يتجاهل نقاشات أساسية، ما قد يزيد من احتمال تجدد العنف على المدى الطويل. وعلى سبيل المثال، فإن حكومة تشمل كتلة إياد علاوي «القائمة العراقية» و»التحالف الكردستاني» و»المجلس الأعلى الإسلامي»، ربما ستكون مستقرة وتميل نحو شراكة طويلة المدى مع الولايات المتحدة، وإن كانت المفاوضات حول تشكيل مثل هذه الحكومة يمكن أن تطول. كما أن تلك المفاوضات السياسية يمكن أن تكون مفيدة أكثر لجهة حل المشكلة الكردية العربية، مقارنة مع سنوات من المفاوضات التي ترعاها الأمم المتحدة؛ وسيخدم السماح بانطلاق مثل هذه المفاوضات مصالح كل من العراق والولايات المتحدة على حد سواء. وفي هذه الأثناء، من المهم التمييز بين الآليات المقررة قانوناً والمراقبة دوليّاً التي تتيح للمرشحين العراقيين الطعن في نتائج الانتخابات وقرارات «لجنة المساءلة والعدالة»، التي تنظر في علاقات المرشحين الماضية مع «حزب البعث» المحظور. فقبل الانتخابات، سعت تلك اللجنة إلى حظر أزيد من 500 مرشح زعمت أنهم «بعثيون»؛ كما أقصت المحاكم العراقية البعض ولكنها سمحت باستبدال كل واحد منهم بأعضاء من القوائم الانتخابية التي كانوا ينتمون إليها. ولكن كتلة المالكي «قائمة دولة القانون» طالبت اللجنة بالسعي لإقصاء مرشحين برلمانيين تزعم أنهم كانوا ينتمون لحزب «البعث»، بأثر رجعي - وإلغاء كل الأصوات المدلى بها لصالحهم. وبتوصية من اللجنة، قامت محكمة عراقية يوم الاثنين الماضي باستبعاد 52 مرشحاً، اثنان منهم فازا بمقعدين في البرلمان. بل إن اللجنة طرحت مزيداً من الأسماء، من بينها ثمانية من «القائمة العراقية» فازوا بمقاعد أيضاً في البرلمان. بيد أن من شأن هذه القرارات أن تمنح كتلة المالكي عدداً من المقاعد يفوق ما حصلت عليه كتلة علاوي. وإذا حصلت «دولة القانون» على أربعة مقاعد، فإنها يمكن أن تشكل حكومة مع الكتلة الأخرى «الائتلاف الوطني العراقي»، (....). ولكن هذه النتيجة -الكارثية بدون شك بالنسبة للمصالح الأميركية- من شأنها أن تضع (البعض) في موضع حاكم سلطوي ممكن، وتقوي (الاخر).... والواقع أن قرار يوم الاثنين، وخلافاً للأحكام التي تستبعد المرشحين قبل الانتخابات، يلغي أصواتاً تم الإدلاء بها. ولذلك، فإن الآلاف من العراقيين مرشحون لأن يُحرموا من حق التصويت على رغم أنهم أدلوا بأصواتهم على نحو صحيح وتم فرز وإحصاء تلك الأصوات. والأدهى أن هذا القرار سيشكل سابقة تقوم فيها «لجنة المساءلة والعدالة» على نحو انتقائي بإقصاء واستبعاد الأفراد إلى أن يتم تشكيل حكومة. وتأسيساً على ما تقدم، فإنه يتعين على واشنطن أن (....) تحث «مجلس الرئاسة» العراقي على الالتزام بالقوانين الانتخابية ورفض تلاعب اللجنة بالنتائج؛ وأن يعمل على ألا تتأثر الطرق القانونية وقرارات المحاكم بشأن الانتخابات بالترهيب السياسي أو العنف. ولع
نزاهة الانتخابات العراقية... مهمة أميركية
نشر في: 1 مايو, 2010: 07:05 م