TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > المقالات الافتتاحية لصحف المعارضة فـي العهد الوطني (جريدة البلاد انموذجاً)

المقالات الافتتاحية لصحف المعارضة فـي العهد الوطني (جريدة البلاد انموذجاً)

نشر في: 2 مايو, 2010: 04:46 م

صبيح الحافظيلعب المقال الافتتاحي في الصحيفة دوراً مهماً في تحريك الرأي العام لموضوع (حديث الساعة)، ويحتل أيضاً المكانة الأولى للدفاع عن مصالح المواطنين وحلّ مشاكلهم وقضاياهم الأساسية، ولهذا فأن المقال الافتتاحي يعد ويحرر من قبل رئيس التحرير المسؤول.
يصف احد الإعلاميين المرموقين أن قوة التأثير في المقال الافتتاحي تستند على بعض الخصائص منها:-اولاً: الثبات على سياسة واحدة وهي تمثل سياسة الصحيفة.ثانياً: الحذر والاحتياط في ابداء الرأي.ثالثاً: الابتعاد عن المصطلحات والمفردات غير المعروفة.رابعاً: الإقناع عن طريق الشواهد والأمثلة  المشتقة.خامساً: التوجيه والإرشاد.في أوائل الخمسينات وحتى نهاية العهد الملكي في 14 تموز 1958 كانت هناك عدد من الصحف الوطنية منها حزبية وأخرى مستقلة مع وجود هامش من الحرية الصحفية ، وهذه الصحف هي الشعب والإخبار والأهالي والبلاد والزمان والحرية . وبما أننا نتحدث عن المقال الافتتاحي فأنني انقل هنا مقتطفات من المقال الافتتاحي لجريدة (البلاد) بقلم صاحبها ورئيس تحريرها المرحوم رفائيل بطي يتضمن نقداً جريئاً لدوائر ومؤسسات الدول يتضمن الفساد المستشري فيها (العدد 3396 في 9/ آب/1953). يبدأ المقال: لم يجمع المشتغلون في السياسة في البلاد على اختلاف نزاعاتهم وأحزابهم ، إجماعهم على أن الفساد قد استشرى في دولة العراق على حداثة عهدها في مواليد الدول ، ولذلك علل واسباب ليس هذا موضع شرحها وتحليها ، إنما نقف عند هذا الواقع أن الدولة مصابة بفساد ، حتى أن الأحزاب المعارضة لما دعاها الواجب في الخريف الماضي فخطت الخطوة الأولى بدفع مذكرات وضحت فيها هذا الفساد ونبهت الى إخطاره ، وقد شاركها في هذا الشعور والتسليم بهذه الحقيقة المؤلمة معظم الساسة الايجابيين الذين يشعرون ويفكرون حتى أن رئيس ( حزب الاتحاد الدستوري ) نفسه دون في بيانه الذي أذاعه على الجمهور في ذلك الظرف المتأزم هذا الرأي الواضح. وبذكر البيان ايضاً : أن فساد الجهاز الحكومي هو الداء العياء الذي يشكو منه العراق وعليه فأن الضرورة القصوى تقضي بتشريع القوانين التي تكفل تحقيق عملية التطهير بسرعة وعدالة.ويعلق الأستاذ رفائيل بطي على البيان المذكور آنفاً بقوله : أن حاجة العراق المستعجلة في الظروف الراهنة تتركز في أمور معروفة في مقدمتها تطهير الجهاز الحكومي من:-أ- العناصر التي اشتهرت بسوء السمعة.ب- العناصر التي تنقصها الكفاية التي تجعل منها أداة صالحة لإدارة شؤون الدولة كل حسب اختصاصه. ج - تشريع قانون (من أين لك هذا) على أن يكون ذا اثر رجعي. ويستمر الأستاذ بطي في مقاله بقوله : ان الظرف العسير ولد هزة في الشعب قدم من جرائها ضحايا في الأرواح ذهبت مع الريح ، وها قد انقضت سنه كاملة ولم يشعر الناس بأي حركة من الحكومة تدل على أنها عازمة على عمل شيء في هذا الباب او مقدمة على مكافحة الفساد بمعنى أن الإبقاء على هذا الفسد إبقاء على مبعث الشكوى ، فيظل ينخر في جسم المجتمع ويعطل كل عمل مفيد ويزيد المصاعب والشرور ويدفع الاهلون ثمنه الباهض من المصائب والحيف ونكد العيش ، وبالتالي يعرض كيان البلد للزعزه فالانهيار.يستمر الأستاذ رفائيل بطي بقوله  ايضاً : أن المسؤولين مع ان بينهم من يعترف بهذا الفساد ويتحدث عنه ومنهم قد سجل على نفسه الوعد للآهلين بالقيام بهذا العمل عندما يتولى الحكم وهو متوليه الان ولكنه لم يحقق في هذا الشأن شيئاً من وعده.ومازال الفساد يعبث بالدولة وأبناء الأمة يقاسون أثاره في تعطيل الأعمال وتبديد الجهود سدى وعرقلة الرزق الحلال وتتغيص العيش. وبخصوص مفهوم الإرشاد يقول الأستاذ بطي : فعلى الحكومة ان تنتبه الى واجبها ، وان تبادر فوراً الى اتخاذ الإجراء الذي يقنع المواطنين على اختلاف درجاتهم بأن المسؤولين جادون غير هازلين وان الفساد الذي يشكو منه الشعب يكافح بالطرق والأساليب التي تقضي عليه ، بهذه الوسيلة يستطيع المسؤولين ان يقدموا للامة دليلاً محسوساً على أنهم يشعروا من بشعورها ويعملون في سبيل اطمئنانها ورفاهها ، وهكذا تعالج بعض أسباب الشكوى والتذمر اللذين يغمران مجتمعنا ، ولكننا عندما نتحدث عن الإجراء اللازم في معالجة الفساد ومطاردته نريد أعمالاً لا كلاماً  تزخر به الأحاديث والوعود فقد شبع الجمهور العراقي بل تخم كما تخمت الشعوب العربية كلها من الكلام الذي لا يعزز بعمل حاسم. أن المبادرة الى مقاومة الفساد ، وإصلاح الخلل ، بطريقة عملية تعيد به الحكومة الى النفوس شيئاً من الثقة التي قد انتزعت انتزاعاً ، فلم يعهد الفرد يصدق ان حاله ستتحسن وان غده أفضل من يومه ، وبانعدام الثقة نشأ التذمر النفسي الذي نلمسه بين الحكومة والشعب ، هذه الحال التي ولدت اليأس ، واليأس اذا استولى على الجماعات فقد يدفعها الى ارتكاب كل مركب خشن ثم يخرجها من طورها العادي فتقدم على ما تقدم عليه ، وهي أملة عظيمة الرجاء بالمستقبل.ليس ما نطلبه من مكافحة الفساد من الأمور الفنية الضخمة التي تفتقر الى الاختصاصين يجلبون من الخارج أو لآلات والأجهزة المستوردة من أقاصي الدنيا ليكون ذلك مدعاة التعلل والانتظار ، أنما يكفي للاضطلاع بهذا العمل ننبه من الحكو

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram