TOP

جريدة المدى > المنتدى العام > فـي خمول مجتمعات عربية بقيت للعراق ثقافته

فـي خمول مجتمعات عربية بقيت للعراق ثقافته

نشر في: 3 مايو, 2010: 04:21 م

تركي عبد الله السديريفي عالمنا العربي أنت أمام أنماط ثقافة متدرجة التسجيل منذ ما قبل مئة عام ثم خمسين عاماً ثم عشرين عاماً ثم هذيان الحاضر.. لا تقرأ فقط ولكن التفت يميناً نحو الشرق لتطبق فوارق ما تقرأه عن نوعيات ما تشاهده.. تكرر التصرف نفسه عندما تلتفت يساراً، حيث لن يكون هناك اختلاف بين معظم التشوّهات.. ربما لا تفضل أن تقرأ عن العراق، حيث تجزم أن كل شيء يتعلق بأحداثه ومصيرها مكشوف أمامك..
لكن نصيحتي أن تبدأ بالعراق، فهو رغم سيئات واقعه السياسي والاجتماعي وتدافع هجرات الهاربين من قسوته إلى مختلف أنحاء العالم، كان هو العجيب الغريب في أمره، في نوعية كينونته.. فدول عربية لم تخسر بحجم ما فقد ودمر، لكنها تخدرت ثقافياً.. فقدْنا تلك القدرات الخلاقة التي كانت شائعة قبل ستين عاماً في دول كثيرة، أما العراق فبقيت تتواصل فيه.. العراق الذي مُرّرت فيه عبارة.. الوجبة الخامسة.. وتعني الدفعة الخامسة من المحكوم عليهم بالإعدام حين يتم تحضيرهم لتنفيذ الإعدام.. وجبة!.. تماماً مثلما يعرف أكل الحيوان الشرس للحوم غيره.. هذا رسمياً.. في الماضي.. أما الآن فاجتماعياً أصبحت تعامل كلمة.. مجزرة.. بما يعني ارتفاع عدد القتلى ليس إلا.. ومع ذلك فالعراق الأسوأ في أوضاعه الداخلية ودموية صراع الفئات والطوائف والتدخلات الأجنبية، إلا أنه يكاد يكون البلد العربي الوحيد الذي فاق غيره باستمرارية بروزه الثقافي، بل إن مثقفيه الذين هاجروا إلى دول أجنبية عديدة واصلوا تمجيد حضوره الثقافي ببحوثهم ودراساتهم وأشعارهم.. ألم يمثل الأب أنستاس الكرملي حضورياً وثائقياً مبكراً؟.. ألم تتنازعنا قدرات الإبداع في أشعار الزهاوي والجواهري والرصافي وجواد علي ونازك الملائكة ولميعة عباس عمارة وبلند الحيدري؟.. مَنْ استطاع أن يحقّق نزاهة دراسات تاريخية ودراسات اجتماعية بمثل ما فعل علي الوردي رحمه الله؟.. قرأنا لبدر شاكر السياب والبياتي.. الكثير.. الكثير.. واستفدنا مما كتبه محمد حسين الأعرجي وميثم الجنابي.. في حاضر العراق مَنْ ينكر براعة الدكتور رشيد الخيون في متابعاته الدارسة بدقة لكثير من شؤون العالم العربي، وبالذات العراق؟.. الشيء نفسه هادي العلوي وفاطمة المحسن ومَنْ يجاري زهاء حديد في تميزها العمراني، ونصير شمة في انتشاره الموسيقي؟.. العراق لم يتأخر إطلاقاً في مجالات فكره وشعره وفنونه.. وهذه ظاهرة غريبة يفرزها مجتمع يحترق، بينما تذبل حيوية ثقافات دول عربية أخرى فضّلت أن ينام حضورها الثقافي مثلما هي حال أوضاع مجتمعاتها..

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

كاريكاتير

كاريكاتير

ميثم راضيميثم راضي
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram