TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > التفكير في ضوء الواقع..أين أصبح المشروع الثقافي العربي الجديد

التفكير في ضوء الواقع..أين أصبح المشروع الثقافي العربي الجديد

نشر في: 7 مايو, 2010: 04:28 م

يقترن المشروع التنويري العربي، في حالته الحاضرة بنزعة نقدية بانية للفكر كما للواقع ، يقودها ويرسي أسسها مفكرون عرب يأخذون دورهم في الحياة الاجتماعية والفكرية على نحو واضح .. وهم ، في عملهم هذا، يجدون طريق الحرية مفتوحا أمامهم ،
 طالما هم يخوضون معترك الحياة من أجل التقدم والنهضة ، مكتشفين في كل من " التراث " و " ألتجديد"  سلاحا لدفاع مشروع عن حقهم في التغيير الذي يعمل مفكرونا اليوم على أن يجعلوا له مداه الواقعي..في سياق مثل هذه النظرة يأتي فكر الدكتور محمد عابد الجابري..وفي سياق الموقف الذي تمليه هذه النظرة ينتظم ، فكرا وتفكيرا في مسار من العمل الدائب .والمستمر منذ ما يقرب من ربع قرن.. متخذا من الفكر العربي، بكل ما لنا منه من معطيات الماضي التراثي، أرضا يحرك عليها قضايا الحاضر ومشكلاته .وإذا كان " التراث " في فكر " الجابري" وتفكيره يمثل الأرضية .المنطلق بكل تأسيس فكري جديد.. فإن الديمقراطية والحرية هما. في نظره ، عماد كل بناء يمكن أن ينهض على هذا التأسيس . ومن هنا فهو يمارس دوره النقدي لكل من "التراثي" و"المعاصر" بهدف بناء عقلانية عربية معاصرة .وفي هذا الحوار معه بحث في هذه القضايا /المشكلات وما يتصل بها، أو ينبثق عنها..* دعنا ننطلق ، في حديثنا هذا، من الحاضر الراهن .. مما نعيشه أمة ونواجهه واقعا ونوسمه /ونترسمه أفقا  ثقافيا وفكريا... فأسأل : على أي نحو تتمثل هذا كله ؟وأي دور توي للمثقف العربي فيه ؟ (أرجو أن تكون الاجابة في ضوء تجربتك الشخصية ، ومن خلال رؤيتك- التي تتحدد في إطار عملك في حقل الفكر..).- لاشك أننا نجتاز مرحلة دقيقة . واقعنا العربي ـ سواء منه الواقع الاجتماعي أو الواقع الاقتصادي، أو الواقع السياسي أو الواقع الثقافي _ يعاني من مشكلات حقيقية ، ويعيش أزمات . ويمكن للمرء أن يلمس هذا بشكل واضح في بعض الأ قطار العربية عندما يتجه بنظره الى الشباب الذين هم رجال المستقبل .. إذ يمكن القول إن شبابنا اليوم ، بصفة عامة، يعاني من إحباطات كثيرة ، وأخطر هذه الاحباطات متأت من أنه لا يرى آفاقا واضحة أمام عينيه . ففي كثير من الأ قطار العربية ـ إن لم أقل: فيها جميعا، باستثناء الدول النفملية _ يعاني الشباب من مشكلات البحث عن لقمة العيش وتأمينها، فهناك بطالة بين الخريجين وبطالة بين الأميين .. وهناك بطالة حتى بين المشتغلين (بطالة مقنعة )، فإذا كنا في جيلنا قد عشنا مشروعا هو: مشروع الدولة الوطنية المتحررة من الاستعمار، أو مشروع دولة الوحدة ، أو مشروع النهضة _ وكان هذا كله يبدو لنا ممكنا ـ فإن الشباب اليوم لا يرى الأفق بمثل هذا الإغراء الذي كان له فيما مضى. لذلك لا نستطيع أن نواجه مهام المستقبل إذن نحن لم ندرك هذه الحقيقة بعمق .إن هؤلاء الشباب الذين يمارسون العنف في الجزائر أو في مصر باسم "الأصولية الدينية " هم ، في الأغلب الأعم ، شباب وجدوا الآفاق مسدودة أمامهم ، قد لا يكون للدين ، كدين ، دور في ممارساتهم أو في قناعاتهم ، ولكن الإحباطات التي يعانون منها تنسحب عليهم وتجعلهم ينساقون مع التطرف ويمارسونه .إن الدولة العربية القائمة أصبحت ، مع الأسف الشديد في وضع لأشغل لها فيه إلا الدفاع عن نفسها.. فهي متهمة : متهمة سياسيا لافتقادها الشرعية الديمقراطية إضافة الى افتقادها الشرعية الثورية التي كانت تستند اليها أنظمة معينة من قبل .. كما أنها تفتقد أي مشروع يمكن أن يستقطب اهتمامات الناس وطموحاتهم ويؤجل مطالبهم ، فالدولة العربية أينما اتجهت _ حتى لو كانت غنية ـ متهمة . وبالنتيجة أصبح همها، كل همها ، أن تدافع عن نفسها. وفي الدول التي يسود فيها التطرف والعنف تدافع الدولة عن نفسها بتطرف مضاد وعنف مضاد. وهذا الموقف ، أو الحالة ، لا تبشر بانفتاح أية آفاق واضحة ، لأن التطرف والعنف لا يولدان إلا التطرف والعنف ، وحتى الأ قطار التي لا يمارس فيها هذا النوع من التطرف أو العنف ، بشكل صريح وعلني، نجدها لا تحترم ماضيها.إذن ، نحن في حاضر صعب ، حا ضرنا صعب في الداخل وهو كذلك صعب بالنطر الى مسا يحيط بنا من الخارج ، خصوصا ونحن نواجه قطبا إمبرياليا واحدا، لا منافس له ، نحتمي به ،أو نصادقه ، أو نتحالف معه ، أو نستغل تناقضاته مع الآخر. هذا القطب الامبريالي ، ظهر مستعدا لأن يقوم بجميع أنواع التدمير في سبيل حماية مصالحه ، أو من أجل الأ قرار بوجوده حاكما مطلقا.. هذه الوضعية كما ترى تجعل الواقع العربي والفكر العربي أمام تحديات لا يستطيع أن يتجاوزها.* وهل يعني هذا أن القضايا المطروحة علينا اليوم التي قد تبقى هي نفسها التي تطرح علينا غداـ أكبر وأخطر مما كان مطروحا علينا بالأمس ؟- بكل تأكيد .. بكل تأكيد هي أكبر وأخطر. فبالأس كنا نواجه استعمارا مباشرا، وكان بالامكان مقاومته وإخراجه بشكل ما.. لأن مقاومة الاستعمار كانت تندرج في إطار حركة تحرر عالمية ، وفي ارتباط مع التيار الاشتراكي المعادي للاستعمار والمنافس للرأسمالية هذا من جهة .. ومن جهة أخرى؟ كان الخلاف ، في المرحلة الاستعمارية ، محدودا جد

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram