TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > مراجعات في فكر محمد عابد الجابري..أزمنة الثقافة وإشكالية التقدم

مراجعات في فكر محمد عابد الجابري..أزمنة الثقافة وإشكالية التقدم

نشر في: 7 مايو, 2010: 04:34 م

ياسر جاسم قاسملقد تناول المفكر العربي محمد عابد الجابري مجموعة من المفاهيم التي تؤسس لقيم ثقافية مهمة لنهضة الفكر العربي وانطلق من مفهوم الثقافة العربية وارتباطها باشكالية العقل العربي ومنها ما تناوله من تعريف للمنظومة المعرفية
 وعلاقتها بالمنظومة الثقافية فعرف النظام المعرفي في ضوء ما جاء عند المفكر الفرنسي ميشال فوكو من ان النظام المعرفي هو جملة من المفاهيم والمبادئ والاجراءات تعطي للمعرفة في مرحلة تاريخية ما بنيتها اللاشعورية ثم ينتقل الى  تعريف الثقافة في ضوء ما جاء عند المفكر الفرنسي ادوارد هيريو المتوفي سنة 1957م من انها: ما يبقى عندما يتم نسيان كل شيء وهو بذلك يصنف لوجود الثقافة على اساس ثابت ومتغيرات فالثوابت باقية في الفكر الانساني والمتغيرات يمكن نسيانها في خضم هذا الفكر الانساني ويعلل الدكتور الجابري ان الثوابت التي تسبب نكوص الثقافة العربية هي امتداد تاريخي يبدأ من العصر الجاهلي الى الى وم وتشكل هذه الثوابت بنية العقل التي ينتمي الى ها العقل العربي اي ان هناك زمنا ثقافيا لا يخضع لمقاييس الوقت والتوقيت الطبيعي والسياسي والاجتماعي لان له مقاييسه الخاصة (محمد عابد الجابري -نقد العقل العربي- تكوين العقل العربي-دار الطليعة للطباعة والنشر - بيروت 1984م) وبالنتيجة فان هذا الزمن الثقافي بكل ماهياته يفرض على  العقل العربي حالة من اللاشعور في التفكير في خضم هذا الزمن، بل ان العقل العربي ما زال ينظر الى شخوص التاريخ على انهم ابطال المسرح الثقافي العربي وما زال العقل العربي منشدا الى  هؤلاء الابطال والشخوص ويذكر الدكتور الجابري امثلة على هذه الشخوص وبغض النظر عن زمنهم الثقافي فهو ينطلق من امرئ القيس وعمرو بن كلثوم ولبيد وابن عباس ومالك وسيبويه والشافعي والجنيد وغيرهم. وقبل الدخول في الازمنة الثقافية واشكالى ة تواجدها الممزوج بحالة لا شعورية يقرر الدكتور الجابري ان جزءا من الازمة الثقافية العربية هي ان يقرأ الفكر الغربي بتفكير غربي ويحلل بناء على فكر غربي وتنسى الثقافة العربية كاساس لقراءة ثقافات اخرى  ويذكر الدكتور الجابري مثالا على ذلك فيقول ان الفيلسوف الفارابي قد قرأ الفلسفة الى ونانية وحللها بناء على فلسفته العربية اي حللها وفق تفكير عربي ووفق تفكير ثقافة عربية وهذا جزء من ازمتنا الحاضرة ان نقرا الفكر الغربي بناء على  معطيات الفكر الغربي والصحيح ان يقرأ الفكر الغربي بناء على  تحليلات شرقية كي نستطيع تشخيص حقائق نهضوية ونبني وفقها ما يهمنا في وقتنا الراهن وبالرجوع الى مفاهيم اللاشعور المعرفية والتي حددها عالم النفس المشهور في دراسته لتكوين بنية العقل جان بياجي فاللاشعورعبارة عن طاقة نفسية قوامها الرغبات والمكبوتات وموجهة نحو موضوع ما وهكذا فكما ان الشخص الذي يحب عشيقته لا يدري لماذا يحبها ولا يدري مجريات حبه لها على ماذا قائمة فكذلك ان عملية استخدام المعرفة لا يعرف هو الاخر الى ات استخدامه للمعرفة وكيف يقوم بعملية التفكير فهو يقرر ان هذا الاستخدام هو لا شعوري كمثل الانسان العاشق ولو اثرنا سؤالا مفاده لماذا إقحام مفاهيم اللاشعور المعرفي ونحن نتكلم عن الزمن الثقافي؟ ويجيب على هذا السؤال الدكتور محمد عابد الجابري بما نصه: (لا شك ان مفهوم اللاشعور المعرفي مفهوم اجرائي يجنبنا السقوط في التصورات اللاعلمية التي تقود الى ها بعض المفاهيم الجامدة مثل مفهوم العقلية الذي يقوم على القول بوجود ذهنية طبيعية مزاجية فوق الزمن والتاريخ خاصة بكل شعب او عرق وهذا ما ذكره ايضا احمد امين في كتابه فجر الاسلام الفصل الثالث طبيعة العقلية العربية ، ان مفهوم الشعور المعرفي مفهوم اجرائي خصب لانه يساعدنا على  ارجاع عملية المعرفة الى جهاز من المفاهيم والالى ات غير المشعور بها فعلا ولكن القابلة للرصد والمقابلة والتحليل بدل ارجاعها اي المعرفة الى ذهنيات او عقليات او غيرها من المفاهيم الفاصلة، ثم يتوصل الدكتور الجابري الى  ان الزمن الثقافي العربي الذي يعيشه العقل العربي هو زمن اللاشعور زمن متداخل متموج يمتد على  شكل لولبي الشيء الذي يجعل مراحل ثقافية مختلفة تتعايش في الفكر نفسه وبالتالى  بالبنية العقلية نفسها اي لا يوجد فاصل حقيقي بين زمن ثقافي واخر فنحن على  سبيل المثال نقسم الازمنة الثقافية بالشكل التالى  عصر جاهلي وعصر اسلامي وعصر اموي وهكذا ولكن لا توجد فواصل حقيقية بين هذه الازمنة عكس اوروبا التي تقسم عصورها :العصر القديم الاغريقي او اللاتيني العصر الوسيط (المسيحي) والعصر الحديث فاننا امام استمرارية تاريخية تشكل اطارا مرجعيا ثابتا وواضحا اي ان هذا التقسيم ينظم التاريخ ويفصل فيه بين ما قبل وما بعد بصورة تجعل من المستحيل التطلع على  صعيد الوعي الحالم الى  عودة ما قبل ليحل محل ما بعد وفي انتقالة اخرى الى  مصطلحات الثقافة فليس الزمن مدة تعدها الحركة وحسب بل هو كذلك مدة يعدها السكوت وهنا يستعرض الدكتور الجابري مصطلح ابراهيم بن سيار النظام

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram