حازم مبيضين مؤكد أنه لم يكن أمام الفلسطينيين خيار غير العودة إلى مائدة التفاوض ولو بطريقة غير مباشرة، ولو لم يعجب ذلك أصحاب الرؤوس الحامية، المستعدين للحرب حتى آخر فلسطيني، دون أن يمس ذلك شعرة في أجسادهم، ودون أن يتعكر مزاج اولادهم،
وحسنا فعلت جامعة الدول العربية وهي تقدم للمفاوض الفلسطيني الغطاء والدعم اللازمين لمواجهة حكومة اليمين المتطرف التي يسعى رئيسها بنيامين نتنياهو لكسب الوقت بالمراوغة واللعب على الحبال، وهاهو اليوم يرفع عقيرته بالادعاءات حول تسلح حزب الله مثيراً الكثير من الغبار والضجيج الذي يلف أجواء بدء المفاوضات غير المباشرة، وإذا كان البعض يتهم الفلسطينيين بالرضوخ للارادة الاميركية باستئناف التفاوض، فان الرئيس محمود عباس يستحق الشكر لواقعيته التي تعي أنه ليس أمامه خيار غير الرضوخ لتلك الارادة، ولانه رجل يدرك أن ميزان القوى ليس في صالح شعبه المثقل بنتائج انتفاضات يروج لها البعيدون عن الساحة الفلسطينية، والطامح للسلام الذي يضمن اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على الاراضي المحتلة منذ العام 1967.المزاودون على عباس يقفون في صف نتنياهو نفسه – حتى وإن لم يدركوا ذلك – لان رئيس الحكومة الاسرائيلية سيكون المتضرر الاكبر من العودة إلى التفاوض، فما الذي كان يزعجه وهو يواصل تمزيق جسد الدولة الفلسطينية المأمولة، ويزرع أركانها بالمستوطنات الماهولة بالأكثر تطرفاً من الاسرائيليين، والتي سيكون موضوع إخلاء كل واحدة منها عقبة في وجه المفاوضين، وما الذي كان يضيره وهو يملأ السجون والمعتقلات بالفلسطينيين، وعلينا هنا التذكير بأن وزراء في الحكومة الفلسطينية وأعضاء في المجلس التشريعي، اقتيدوا من منازلهم ومكاتبهم وألقي بهم في المعتقلات، دون أن يتجاوز رد فعل المزايدين الادانة والتنديد، ولماذا يعود للتفاوض وهو القادر على اجتياح المناطق الفلسطينية ساعة يشاء لتدمير البيوت واغتيال الناشطين، وهو يعرف أن الطرف المقابل لايملك القدرة على منع ذلك.يعود المفاوض الفلسطيني إلى أداء مهمته الصعبة والشاقة، مسلحاً بالضمانات والتطمينات الاميركية لجهة تأكيد حدود الدولة الفلسطينية على الارض المحتلة عام 67 وعاصمتها القدس، مع تجميد الاستيطان فيها ، وإذا كان البعض يرون أن هذه الضمانات غير كافية، وأنها غير قادرة على إجبار الجانب الاسرائيلي على القبول بمضمونها، وأن على الفلسطينيين تعظيم الشك بها إلى حد رفض المفاوضات، فانهم مطالبون بتقديم البديل، أي بديل، غير المراوحة في حالة تجمد المنطقة في حالة اللا سلم واللا حرب، التي تعني وصفة جاهزة لانفجار العنف الاعمى في أية لحظة، وغير محاولة منع الفلسطينيين من مواصلة السعي لانجاز حلمهم الوطني في إقامة دولتهم المستقلة.المشروع الاميركي لحل القضية الفلسطينية، على أساس تبادل الاراضي في بعض المناطق، هو الوحيد المتاح حالياً، وهو مشروع لايملك الفلسطينيون ترف الدلال عليه، وهم يسعون إلى دولة على جزأين متباعدين من الارض، وقد استفردت حماس بجزء منهما لتقيم إمارتها الظلامية، وتعرض بندقيتها للايجار لقوى إقليمية تناكف واشنطن بالدم الفلسطيني، ويعرف الفلسطينيون أن دولتهم المستقبلية ستكون دولة مسالمة لاتحتاج للتسلح، وخير لها إنفاق كل فلس على مشاريع التنمية والرفاه لتعويض المواطن الفلسطيني عن سنوات الحرمان الممتدة لعدة عقود.العودة إلى التفاوض هي الخيار الوحيد أمام الفلسطينيين، وخلالها سيكون ممكناً البحث عن حل للقضايا المعلقة خصوصاً وأن أوليات تلك الحلول موجودة منذ بدأت مفاوضات الجانبين في أوسلو، والمهم أن تكون الادارة الاميركية جادة وحازمة وهي تديرها، والتي سيكون نجاحها هزيمة للمتطرفين الذين ينتظرون الفرصة للانقضاض على بقع السلام القليلة في هذه المنطقة. rn
خارج الحدود :خيار الفلسطينيين الوحيد
نشر في: 7 مايو, 2010: 05:50 م