TOP

جريدة المدى > ملحق اوراق > اخر يهود العراق

اخر يهود العراق

نشر في: 8 مايو, 2010: 04:29 م

يكاد كتاب (يهود العراق الأخيرون) يرسم صورة بلاد الرافدين في الذاكرة الأميركية. ويُعتقد أنّه وزّع على ضباط الاحتلال، وجنود استخباراته، وصحفييه، ليشكل "فهماً خاصاً" عن عراق كان اليهود مطلع القرن الماضي يشكلون "ثلث سكانه في بغداد" طبقاً للكتاب.
 وربما لكي يطلع هؤلاء جميعاً على ما يسمّيه الكتاب "شهادة لثقافة مفقودة". وإذ تركز الصحافة الأميركية والإسرائيلية –منذ سبع سنوات- على "الحنين الطاغي" ليهود العراق السابقين الى ديارهم، فإنها تُهمل الأسباب الحقيقية التي ألجأتهم الى الهجرة الى اسرائيل. وتهمل أيضاً أنّ عمليات تحويل الكثيرين من اليهود الى جواسيس قبل أن يصل صدام الى السلطة سنة 1969، باعتراف الموساد، كانت وراء الاضطهاد والهجرات النهائية لليهود الأخيرين في العراق. لقد كان اليهود فعلاً جزءاً من سكان العراق بكل قومياته وفئاته وأديانه. ولقد عاشوا في سلام وأمن وتفاعل اجتماعي، لم يكن له مثيل في كل بقاع الأرض. وتلك ميزة في التآلف الاجتماعي "ذبحها" الأميركان عندما احتلوا العراق، وعندما صار احتلالهم سبباً في ظهور التطرّف والحرب الدينية أو الطائفية وحتى ضد الأقليات الصغيرة.وكما تروي صحيفة النيويورك بوست، كتب عوديد حلاحمي عن "طرده" من العراق يقول: ((شعرت كما لو أنني أترك ورائي جنّة عدن)). هذه واحدة فقط من "شهاداته الساحرة" بحسب وصف الصحيفة عن كتاب (يهود العراق الأخيرون)، وهو عبارة عن تفاصيل مباشرة جمعها من لسان اليهود الذين هربوا من "وطنهم العراقي". وهذه القصص –يقول مايكل سوسان، المحلل السياسي للصحيفة- أكثر من كونها تفاصيل عن مجتمع يهود العراق السابقين، لأننا يمكن أن نتعلم منها الكثير عن ثقافة ذلك البلد وتاريخه. ويضيف المحلل السياسي: وفي وقت الاحتلال البريطاني للعراق الذي بدأ سنة 1917، أي في سنة نهاية الحرب العالمية الأولى، كان ثلث سكان بغداد من اليهود. ومثل هذه "الإحصائية المدهشة" التي لا يمكن تصديقها، تشير أيضاً الى أن أقل من عشرة يهود هم الباقون في العراق في هذه الأيام. ومن أصل 137,000 يهودي كانوا يعيشون في العراق حتى أوائل الأربعينيات من القرن الماضي، كان نحو 124,000 منهم قد هربوا من البلد متوجهين الى إسرائيل وإلى غيرها من دول العالم سنة 1952.  ويشير مايكل سوسان إلى أن كتاب (يهود العراق الأخيرون) مليء بالشخصيات المثيرة التي ولد أصحابها في بغداد مثل عوديد حلاحمي الذي انتقل الى إسرائيل سنة 1951، وهو الآن "نحّات مشهور" ويملك "غاليري" أي معرض للفنون في نيويورك. وفي معرض "الرمانة" الذي يمتلكه في سوهو، حلاحمي، يساعد الآن الفنانين العراقيين الشبّان (من كل الأديان) وهم يروّجون لعملهم عالمياً. وبالمقارنة مع ذاكرته الإيجابية عن العراق، فإن لندا مصري حكيم، التي غادرت سنة 1972، بعد أن سيطر البعثيون على السلطة في العراق، وزادت بشكل ثابت حالات اضطهاد اليهود العراقيين، مازالت تحتفظ في ذاكرتها حتى اليوم، بكوابيس كيف أنها كانت "محاصرة" في ذلك البلد. تقول لندا: ((عندما أستيقظ، ألمس وسادتي وأقول، شكراً لله أنا لست في العراق)). وتصرّ على أنها تودّ أن تغلق كتاب تاريخ اليهود في ذلك البلد (العراق) و((نسيان كل ما يديم تلك الكوابيس في الذاكرة)). وتضيف: ((هذا موقفي لأنني لا أستطيع أن أعود...بالطريقة نفسها التي عاد فيها اليهود الأوروبيون الى أوربا بعد المحرقة)). ويقول المحلل السياسي لصحيفة النيويورك بوست: ومن خليط الذكريات الشاعرية والمؤلمة، نصل الى إحساس الخسارة الهائلة للعراق نفسه الذي عانى من الاضطهاد والإحباط وبالنتيجة هروب جاليته اليهودية. ومن وجهة نظر ثقافية يكتب ضياء كاظم كاشي وهو مسلم شيعي، ((أن العراق –من وجهة نظر ثقافية- عانى من صدمة كبيرة عندما خرج اليهود، لأن جميع الموسيقيين والمؤلفين الموسيقيين في العراق كانوا من اليهود)) كما كانوا جزءاً من جماعات فنية أخرى في العراق. بالإضافة الى ذلك - كما يقول كاشي- ((كان اليهود في موضع المركز من الحياة التجارية في العراق، ولهذا اعتاد قطاع العمل في جميع أنحاء البلد على إغلاق أبوابه في أيام السبت، لأن اليهود يعطلون فيه عن العمل. وكان منهم أيضاً عناصر بارزة في كل نخبة مهنية، ففيهم موظفو البنوك، والأطباء، والمحامون، وأساتذة الجامعات، والمهندسون، الخ. ويقول كاشي إن بقاء اليهود كان سيساعد البلد كثيراً، كما يظهر المجتمع في حالة اعتدال. ويبقى حصناً ضد التطرّف القومي، الذي جسده صدام حسين، الذي قاد البلاد الى ثلاث حروب مدمرة، وبعدها انهار اقتصاد البلد)) بحسب توصيف كاشي. ولو لم يهرب أولئك المشاهير من المبدعين –كما تقول الصحيفة- فإنهم كانوا سيغنون الحياة العراقية وتراثها. كانوا مندمجين في المجتمع، ويتحدثون اللغة العربية كلغة رئيسة، وكانوا أيضا مثقفين فيما لعب زعماء الجالية اليهودية دوراً مهماً في تشكيل المصير السياسي للبلد عبر قرون. وكان السر ساسون حسقيل (وهو يهودي عراقي) مشارك

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

دستويفسكي جوهر الروح الإنسانية

دستويفسكي جوهر الروح الإنسانية

لكن الفكرة المركزية التي سيطرت على دستويفسكي كانت الله والذي تبحث عنه شخصياته دائما من خلال الأخطاء المؤلمة والإذلال.يقول دستويفسكي على لسان الأمير فالكوفسكي في رواية مذلون مهانون (.... لكنك شاعر ,وأنا إنسان فان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram