TOP

جريدة المدى > ملحق اوراق > أرنست و ماري همنغواي

أرنست و ماري همنغواي

نشر في: 8 مايو, 2010: 04:30 م

ترجمة / عادل صادقظلت المكتبات تحصل على شحنات من طبعة مغيَّرة إلى حد كبير من تحفة الكاتب الأميركي أرنست همنغواي" " وليمة متحركة Movable Feast "، التي نشرتها دار سكريبنَر في عام 1964، أي بعد وفاة الكاتب. و هذه الطبعة، المنشورة أيضاً من قبل الدار نفسها، قد أُعاد الاشتغال بها على نحوٍ موسّع حفيد للكاتب لم يُعجبه ما قاله الأصل عن جدَّته، زوجة همنغواي الثانية.
لقد قام الحفيد بإزالة أقسام عديدة من الفصل الأخير من الكتاب و وضع مكانها كتابات أخرى لهمنغواي يشعر الحفيد أنها تضفي على جدته مسحةً أكثر تعاطفاً. أما الفصول الأخرى التي أثارت انزعاج الحفيد، فقد عوملت كمُلحق، و بذلك تكون الرواية، وفقاً للحفيد، " تمثيلاً أكثر حقيقيةً للكتاب الذي أعده جدي للنشر "!و حسب ادعائه، فإن ماري همنغواي، زوجة همنغواي الرابعة، قد لملمت المخطوطة من شذرات لعمل غير مكتمل و أنها ابتدعت الفصل الأخير " لا نهاية لباريس أبداً ".إن ارتباط دار سكريبنَر بهذه الطبعة المعدَّلة ينبغي فحصه وفقاً للنشوء الفعلي للكتاب، و لأخلاقيات النشر. في عام 1956، كنت و أيرنست نتناول طعام الغداء في اليتز في باريس مع تشارلس ريتز، رئيس الفندق، حين سأل تشارلي إن كان أيرنست عارفاً بأن هناك خزانة ثياب له في غرفة المخزن، تُركت هناك في عام 1930. لم يتذكر أيرنست أنه أودع الخزانة لكنه استعاد في ذهنه أنه في العشرينيات كان لويس فويتون قد صنع خزانة خاصة له. و راح أيرنست في وقته يتساءل عما تم بشأن ذلك.    و كان تشارلي قد أمر بإحضار الخزانة إلى مكتبه، و بعد الغداء فتحها أيرنست. فكانت مليئة بمجموعة رثة من الثياب، و قوائم تسعيرات، و وصولات، و مذكرات، أدوات صيد، و معدات تزلج، و نماذج سباقات، و مراسلات، و كان هناك في الأسفل شيء ما استدعى رد فعلٍ مبتهج من أيرنست : " الدفاتر! هنا إذن كانت ! أخيراً "كان هناك مجموعتان من الدفاتر ملفوفتان بخيط تشب تلك التي يستعملها التلاميذ الصغارفي باريس حين عاش هناك في العشرينيات. و كان أيرنست قد ملأها بخط يده الحريص و هو يجلس في مقهاه المفضلة. و كانت الدفاتر تصف الأماكن، و الناس، و أحداث حياته المعدمة.و عندما عاد أيرنست إلى كوبا في عام 1957، جعل نيتا، سكرتيرته أحياناً، تطبع القصص على صفحات مزدوجة الحيّز ليجعلها سهلة بالنسبة للتحرير. و حين زرت آل همنغواي في كيتشوم، إيداهو، في خريف 1958، كان أيرنست يعمل بما دعاه " كتاب باريسيmy Paris book  ". فأعطاني عدة فصول منه لأقرأها. و في عام 1959، حين كنا في أسبانيا نتابع مصارعي الثيران العظيمين أنطونيو أوردونيث و دومينغوين، كان أيرنست يعمل في الغالب بمخطوطة باريس في الأيام التي لا تكون فيها مصارعة ثيران. و عند عودته إلى كوبا، أوقف العمل بها ليكتب " الصيف الخطِر "، حول تلك المصارعات، لمجلة لايف. لكن بدلاً من الـ 40 ألف كلمة المتعاقَد عليها، كتب 746, 108و طلب مني أن أذهب إلى كوبا لمساعدته في تشذيب مخطوطته.و عندما كنت أغادر إلى نيو يورك لإعطاء المخطوطة إلى محرر مجلة لايف، أعطاني أيرنست أيضاً مخطوطة كتاب باريس المكمَلة لأعطيها إلى رئيس دار سكريبنَر، تشارلس سكريبنر الأصغر. و أنا أسرد هنا تاريخ رواية " وليمة متحركة " لأبيّن كيف كان أيرنست مرتبطاً بها، و أن المخطوطة لم تكن متروكة في شذرات و إنما كانت جاهزة للنشر. و قد توفي أيرنست قبل أن يكون ممكناً نشرالكتاب. و عندما زرته في عيادة مايو قبل أشهر من أن يؤدي اختلاله العقلي إلى انتحاره، كان منشغل البال بكتاب باريس هذا، و كان يقلقه أن الكتاب بحاجة إلى جملة أخيرة. و بعد موته، قررت ماري، باعتبارها المنفذة للوصية، أنه ينبغي على سكريبنر أن تباشر النشر. و كان هاري براغ هو المحرر. و قد تقابلنا مراتٍ عديدة في أثناء بروفات الكتاب.و لأن ماري كانت منشغلةً بشؤون تتعلق بممتلكات همنغواي، فإن انهماكها على الكتاب كان قليلاً. و على كل حال، فإنها دعتني بشأن عنوانه. فقد كان سكريبنر يعتزمون تسميته " تخطيطات باريس "، غير أن ماري كانت تأمل في أن يكون بإمكاني الإتيان بما هو أكثر إقناعاً. فرحتُ أقلّب في ذهني بعض الإمكانيات، لكن لم أستقر على شيء حتى تذكرت أن هنغواي كان قد أشار ذات مرة إلى باريس كوليمة متحركة. فأبهج ذلك ماري و سكريبنر، لكنهما مصدر ينسبون إليه ذلك. فدوَّنت ما كان أيرنست قد قاله وفقاً لأفضل ما تستطيعه ذاكرتي، و يظهر هذا على صفحة العنوان منسوباً إلى " صديق "، و هي الطريقة التي أردتها.هذه التفاصيل هي دليل على أن الكتاب كان عملاً جاداً أنهاه أيرنست بقوته الاعتيادية، و أنه أعده بالتأكيد كي يُنشر. و لم يكن هناك أي فصل إضافي ابتدعته ماري.و أنا كمؤلف، غير مرتاح لارتباط سكريبنر بهذه " الطبعة المجدَّدة ". فمع هذه السابقة، ما الذي ستفعله هذه الدار إذا ما طلب منها أحد أحفاد المذكورين فيها من معارف همنغوي شطب ما لا يروق لهم من أمور ذكرها همنغوي عنهم؟! إن الناشرين عموماً حراس مؤتمنون على الكتب التي أودعها مؤلفوها لديهم. و أي شخص يرث حقوق النشر الخاصة بمؤلف ما غير مخوَّل بتعديل عمله الفكري، فهناك على الدوام إمكانية أن يقوم الوريث

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

دستويفسكي جوهر الروح الإنسانية

دستويفسكي جوهر الروح الإنسانية

لكن الفكرة المركزية التي سيطرت على دستويفسكي كانت الله والذي تبحث عنه شخصياته دائما من خلال الأخطاء المؤلمة والإذلال.يقول دستويفسكي على لسان الأمير فالكوفسكي في رواية مذلون مهانون (.... لكنك شاعر ,وأنا إنسان فان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram