تحقيق / مريم جعفرماذا يقرأ الشباب الان؟ سؤال قد تبدو الاجابة عليه سهلة اذا ما تم طرحه في بريطانيا أو المانيا أو اميركا، فهناك مراكز ابحاث وصحف ومجلات متخصصة تصدرها دور النشر ترصد توجهات الشباب وميولهم، وترقب الاصدارات الجديدة ومؤشرات البيع الخاصة بها واي الشرائح التي تقبل عليها،
 فضلا عن المناخ الثقافي والسياسي المتنوع والذي يتيح للشاب التعبير عن ارائه بكل حرية سواء في الجامعة او خارجها والانخراط في أي عمل عام او حزبي يوافق اهتماماته واتجاهاته ومن ثم يمكن تتبع، او على الاقل توقع ، نوعية الكتب التي يقرأها كل شاب والكاتب الذي يؤمن بافكاره بمجرد التحدث معه. اما في العراق فالوضع مختلف تماما والشباب في حالة دائمة من العزوف والاغتراب والمناخ السياسي المحتقن همشهم الى اقصى درجة، فلا عمل سياسي في الجامعة ولا احزاب تحتضن طاقاتهم وتتبنى احلامهم، إضافة الى وسائل اعلام تخلت عن دورها الثقافي والتثقيفي وتحولت لنافذة تطل عليهم بكليبات عارية وبرامج بسيطة  تصدر لهم ثقافة استهلاكية وطموح انتهازي لا يعبأ الا باشباع الرغبات دون مراعاة للاخلاق او لقيم العمل وتحقيق الذات، الامر الذي يجعل من البحث عن اجابة دقيقة على السؤال السابق مهمة صعبة للغاية ان لم تكن مستحيلة، فمعظم الشباب تخلى عن الكتاب تماما ولم يعد يطيق القراءة بل وتجدهم حتى مكرهون على قراءة الكتب الدراسية وكثير منهم ينهي سنة دراسية كاملة دون ان يقرأ ولو صفحة واحدة من المنهج الدراسي القرر كما ان القليلين ممن لايزال الكتاب واقتناؤه يلعبان دورا مؤثرا في حياتهم يقبلون على كتب الرياضة والتربية البدنية والابراج، ومعاني الاسماء والجنس والعلاقات الزوجية وطبيبك الخاص، والرومانسيات مثل سلسلة روايات عبير، أو الكتب البوليسية  ولاتزال الفتيات يقتنين اشعار  نزار قباني وبعض قصائد الحب، بجانب كتب الطهي والتجميل والموضة. البعض يقرأ ايضا في السياسة ولكن كتب محدودة خصوصا الكتب التي تتناول حرب العراق او مايتعلق باسرار النظام السابق  ، فضلا عن كتب الفقه والدين، اما الادب من قصة ورواية وشعر فنادرا ما يكون بين اهتماماتهم وتقتصر معرفتهم بالروايات العربية والاجنبية التي ياتي ذكرها في المنهاج الدراسي او في افلام السينما  والكثير  منهم يعجز عن تذكر الاسم الصحيح لرواية قرأها او مرت عليه مصادفة في الماضي، او حفظ اسماء الكتاب الكبار الراحلين امثال غائب طعمه فرمان اوعبد الملك نوري وفؤاد التكرلي  كما انهم لايعرفون أيا من الادباء المعاصرين مثل حسب الشيخ جعفر ومحمد خضير وعبد الخالق الركابي وغيرهم واذا سئلوا عن احد هؤلاء فأنهم يردون باجابات صادمة من شاكلة، لا اعرف هذا الاسم..اظن انني سمعت عنه من قبل.... وهكذا، غير ان اطرف الاجابات كانت عن كاظم الحجاج  حيث قال عنه طالب في كلية الاداب بعد لحظات صمت قليلة، اعتقد لاعب بفريق الشرطة والقراءة في حد ذاتها لم تعد هدفا مهما يحرص عليه الشباب، وصارت الاولوية لما تثيره من موضوعات وخلافات، فقليلون هم من يسعون للاطلاع على احدث الاصدارات ويدخرون المال لشراء ولو كتاب جديد في الشهر، الكل يقرأ ما يجده مصادفة امامه في بيته او بيت احد اقاربه او في مكتبة والده، كما ان احدا لايشتري كتابا الا اذا صحب ظهوره ضجة كبيرة او سمع عنه من احد اصدقائه ، وكذلك الاعمال التي تحولت لأفلام سينمائية ناجحة ويستلفت الانتباه ان المكتبة لم تعد تمثل أي اهمية لكثير من الشباب ولايدخلونها الا بحثا عن مراجع وكتب تفيد ابحاثهم الدراسية ، ويرجع الشباب سبب عزوفه عن الكتاب والقراءة الى التغيير الذي طرأ على الحياة وما غدت تتميز به من ايقاع سريع يتجاوز سكون الكتاب وتفكره. فهناك فضائيات وانترنت وغير ذلك من وسائل المعرفة الجديدة، والتي توجه الى جيل جديد يستقبل المعلومة بالعين وليس العقل، يقول محمد عبد الحسن  –خريج الجامعة التكنلوجية  :الان الشباب  مشغولون  اكثر مما كان في المستقبل  والانترنت ممتع فبدلا من ان تقرأ كتابا او جريدة يمكنك خلال ساعة واحدة فقط ان تقلب الفضائيات أو الانترنيت  والتعرف على مئات الاخبار والاحداث، ويتفق رضا عامر، طبيب اطفال  ، مع الرأي السابق، مؤكدا  ان مشاكل الناس وسعيها للرزق قد شغلها عن كل شيء ، لقد كثرت هموم الناس وزادت متطلبات الحياة والتي شغلتهم عن أي شيء اخر ، فاصبح وقت للفراغ قصير جدا وهو ما لايناسب القراءة، واضاف انا شخصيا لوعندي  وقت فراغ مثلا ساعة في اليوم سافضل قضاءها على –النت- اما لوعندي  يوما كاملا فمن الجائز تخصيص ساعة منه للقراءة. اما حيدر هاشم  فيرجع بعد الشباب عن الادب الى وجود جيل منهم يفضل سماع القصص والحكايات عن قراءتها اذ سيكون استيعابهم لها افضل وهو ما تحققه المسلسلات التلفزيونية وخاصة اذا كانت تتميز بموضوع شائق واحداث سريعة!!ويرى البعض ان المناهج الدراسية  في العراق  وخاصة الجامعية من اهم اسباب انصراف الشباب عن المعرفة وتسطيح ادراكهم لما تتضمنه م