اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > الملحق الاقتصادي > حذف الأصفار من الدينار:علاج للتضخم أم خطوة في الإصلاح النقدي؟

حذف الأصفار من الدينار:علاج للتضخم أم خطوة في الإصلاح النقدي؟

نشر في: 10 مايو, 2010: 04:54 م

د. محسن علي حسنحينما يبدأ التضخم، تزداد سرعة التداول بمديات اعلى يصبح فيها الاحتفاظ بالنقود يمثل خسارة للافراد تدفعهم الى استبدال ارصدتهم النقدية بموجودات حقيقية مما يؤدي الى ارتفاعات حادة في الاسعار اكثر من الزيادة في كمية النقود المرغوب بها وبالتالي يجب ان تتكيف الاجور يوميا وربما تستبدل بعملات اجنبية.
 ونتيجة الى هذا التضخم القاسي يتوقف الافراد عن قبول العملة وفي النهاية لابد من تقديم عملة جديدة وسحب العملة القديمة من التداول. في المانيا حل الرايكسمارك محل المارك ثم حل الدوج مارك محله. وفي عام 1924 كان الرينتين مارك الجديد يعادل تريليون×1210 من الماركات القديمة. وفي هنغاريا حل الفورنت محل البينكَو، وفي النمسا حل الشلن محل الكراون. وفي احوال كثيرة يترافق تقديم العملة الجديدة مع سياسة ناجحة للاستقرار الاقتصادي، واكثر الطرق شيوعا هو حذف الاصفار من العملة المندثرة. وينطبق اسلوب حذف عدد من الاصفار على جميع الاسعار والاجور والموجودات المالية في عموم الاقتصاد. وبرغم ان مثل هذا الاجراء يعد بالأساس تغييراً تجميليا ليس له ضرر اقتصادي الا انه يحقق بعض التوفير في الكلف ( الحبر ، الورق ، الوقت ) أجهزة الحاسبات واماكنها وما شابه ذلك.وقد طبقت بوليفيا هذا الاسلوب عام 1986 بعد اشهر عدة من بداية برنامج الاستقرار وذلك بتغيير عملتها الوطنية من البيزو الى البوليفيانو بتحويل مليون واحد من البيزو القديمة الى بوليفيانو واحد من العملة الجديدة. ويبدو ان المشكلة في هذا النوع من الاصلاح النقدي ليس فقط بحذف الاصفار وانما بتقديم عملة جديدة وفقا لمشروع خاص لاعادة دفع العقود الموجودة بالعملة القديمة. وفي هذا السياق قامت بعض الدول (مثل الارجنتين عام 1985 والبرازيل عام 1986) بتصميم نوع من الاصلاح النقدي اكثر تعقيدا يقضي باعادة دفع القروض طويلة الاجل بالعملة الجديدة ولكن بسعر فائدة يتم تكييفه بصيغة جديدة، وعلى العموم فان الدول التي جربت التضخم الجامح كانت تعاني من مستوى واطئ جدا من الاحتياطيات الدولية مما جعلها في موضع دفاع ضعيف عن سعر الصرف وعن اسعار مستقرة الامر الذي دفعها للاستعانة بمساعدات فنية ومالية من المنظمات الدولية والاقليمية مكنتها من دعم ميزان المدفوعات. والامثلة على ذلك كثيرة مثل بوليفيا في الثمانينيات وقبلها النمسا وهنغاريا والمانيا في العشرينيات من القرن الماضي وبولندا ويوغسلافيا في عامي 1989 و1990 ونوعا ما في الاتحاد السوفيتي السابق وبلغاريا وهنغاريا خلال فترة الانتقال من النظام الاشتراكي الى التعددية الديمقراطية ونظام السوق.rnالتضخم في العراقيبني بعض الاقتصاديين نظرياتهم بشأن التضخم على الدلائل التاريخية التي تشير الى ان التضخم كان يترافق مع الزيادة في الخزين النقدي. والمثال التقليدي للعلاقة بين التوسع النقدي والتضخم هو تدفق الذهب والفضة الى اوروبا كنتيجة للغزو الاسباني للامريكيتين وفي انكلترا تحت حكم اسرة تيودور قبل خمسة قرون تقريبا. اما في العراق، فبعد العصر الذهبي ( 750 – 809 م ) الذي شهد ازدهارا اقتصاديا وتحسنا في مستويات المعيشة عرف العراق انحطاطا اقتصاديا شاملا تحت حكم الألخانيين في القرنين الثالث عشر والرابع عشر. فالطلب المتدني نتيجة تقلص حجم السكان وتعويض العملتين الذهبية والفضية لابد ان يكون قد تسبب عنه انخفاض مستمر بالأسعار وبالتالي تعرض النظام النقدي لتغيرات عدة وازمات. وفي محاولة لمعالجة تلك الازمات تم اصدار عملة ورقية عام 1294 لكنها لم تحقق النجاح المطلوب فتوقفت الطباعة وتوقفت معها الفعاليات الاقتصادية واستمرت الاسعار على اثرها بالانهيار. وبرغم ان المعلومات عن النقود في سجلات المؤرخين قليلة جدا، وان الحدس والتخمين المبني على تلك المعلومات ينطوي على خطورة الا انها تبدو متوافقة جدا مع صورة الاوضاع الاقتصادية السائدة انذاك.وحتى وقت قريب جدا سواء في العراق او في البلدان الاخرى كان عرض النقد يتقيد بكمية الذهب الذي يحتفظ بها البنك المركزي قانونا كغطاء للعملة. ومع ذلك فان تاريخ التضخم في العراق بالمفاهيم الحديثة ليس بعيدا. وربما يكون العام 1939م اول سنة تتوفر عنها الاحصائيات عن الاسعار وتكاليف المعيشة برغم العيوب والنواقص التي تشوب تلك الاحصائيات. فقد ارتفع الرقم القياسي لتكاليف المعيشة للعمال غير الماهرين في بغداد الى اكثر من اربع مرات خلال فترة الحرب العالمية الثانية والسنوات القليلة التي اعقبتها برغم ان العراق لم يكن مشاركا في الحرب بصورة مباشرة. وكان تأثير هذا الارتفاع شديدا على اصحاب الدخل المحدود مما دفع بالحكومة الى زيادة رواتب واجور العاملين لديها عام 1948. وقد رافق الارتفاع في معدل التضخم زيادة في عرض النقد بلغت نحو ثماني مرات خلال الفترة نفسها، غير ان هذه المعدلات تختفي تقريبا عند زوال تلك الظروف الاستثنائية واستعادة الاقتصاد لأوضاعه العادية. وحينما تتصرف الحكومة بطريقة مسؤولة من خلال احجامها عن وضع قيود غير مناسبة على طاقة الاقتصاد، واذا لم يكن الاقتصاد خاضعا لصدمات خارجية، فان مستوى الاسعار يبقى مستقرا نوعا ما. فمنذ عام 1950 وخلال العشرين سنة اللاحقة لم ترتفع الاسعار باكثر من مرة واحدة، بيد ان

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

العراقيون ضحايا فكين مفترسين: غلاء العقار وإهمال الدولة

  بغداد/ نوري صباح كما تتوالد الحكايات في ألف ليلة وليلة، الواحدة من جوف الأخرى، بالنسق ذاته، تتوالد الأزمات في العراق، ولا تشذ عن ذلك أزمة العقارات والسكن التي يقاسيها العراقيون منذ سنين عديدة، فليست...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram