ترجمة :عمار كاظم محمد كان السجاد أحمر لكنه متهرئ عند حافاته وحروف الكلمات كانت قد بهتت بفعل السنوات ما يجعلها أقرب الى الشارع ذي المحال المغلقة بوجود الحواجز القليلة التي بدأت بالانهيار من حولة والتي كانت تطوقه باستمرار
.لكن هناك فيلم تم الاعلان عنه وهو فيلم عراقي عاد الى هذه المدينة حيث لا تعرض فيها بتلك الكثرة في السنوات الأخيرة وفي ليلة العرض لافتتاح فيلم « ابن بابل « كان هناك حماس كبير بانفراج الثقافة بوجود مجموعة كبيرة من الشعراء والموسيقيين والنحاتين والرسامين الذين جعلوا العراق فخورا بنتاجاتهم حيث يتحدون الحرب والاهمال الحكومي والعداوة العرضية لبقاء تلك الثقافة. هذا ما يعني أنه وللمرة الاولى منذ زمن طويل جدا تمتلئ دار العرض بسعتها البالغة 1800 مقعد حيث يشاهد العراقيون انفسهم وخبرتهم التي تولدت بعد الحرب من خلال فيلم تم صنعه من قبل عراقي آخر . يقول عدي رشيد وهو مخرج قام بتقديم الفيلم هل بالامكان أن نتخيل بغداد أو العراق بدون سينما ؟ ان العراق بدون ثقافة ليس عراقا . مضيفا هذه هي احتفالية بفيلم « ابن بابل « وهو حكاية حزينة بين ولد وجدته يبحثان عما يربطهما أبوه وابنها في الاضطرابات التي حصلت في الاسابيع الاولى لسقوط نظام صدام حسين عام 2003 . لقد فقد والد الطفل في حرب الخليج الاولى عام 1991 وقد أخذهما البحث من الشمال الى الجنوب حيث يلتقون بسائقي شاحنات وجنود عسكريين ورجال دين وزوار كانوا على نفس الحالة من البحث ثم يخاطرون بالدخول الى ارض مجهولة وحدهما وتتناوب اصوات ناعمة مع اصوات عويل الرياح حيث لحظات النعمة تبعثرها مناظر القبور الجماعية التي يخشى الاثنان ان والدهما قد دفن فيها . هذا هو الفيلم الثاني الذي ينجزه المخرج محمد الدراجي البالغ من العمر 33 عاما الذي ترك العراق عام 1994 وعاد عام 2003 وعلى الرغم من المديح الذي ادى الى توزيع الفيلم في عشر دول ودعوات للمشاركة في 75 مهرجانا فان الفيلم لم يعرض بعد في العراق الا مؤخرا وقبل ساعة من العرض كان هناك حشد من الفنانين والطلاب والمترفين الذين يتمسكون بزيارتهم عادة عبر سياراتهم الهمفي ويراقبون الجمع في صالة الانتظار التي غدت تغلي من دخان السجاير .كانت هناك بوسترات لأفلام مثل « ساعة الاقتحام « و « كودزيلا « مازالت تزين الحيطان وكذلك كانت الزهور البلاستيكية تمتد على طول السلم ويتجمع عليها الغبار لكن رغم ذلك ما زالت هناك غمغمة جديدة في صالة المشاهدة في سينما سميراميس وهي احدى صالتي العرض المتبقيتين في بغداد حيث كانت هناك منذ جيل مضى 68 دار عرض بأسماء مثل: الخيام وبابل والسندباد والتي تثير في داخل النفس زمنا آخر .يقول المخرج التلفزيوني حسين مطشر « انه عرس السينما العراقية ، انه عرس الثقافة العراقية وعرس الفن العراقي « ويقول هاشم خلف وهو رجل اعمال عراقي «بالنسبة للآخرين فهو استذكار متأخر عما حدث في ماضيهم القريب ، ففي كل بيت وفي كل حي وفي كل شارع في كل واحد منا لديه فيلمه الخاص ، المخرجون في بلدان اخرى يبحثون لسنوات عن فيلم مميز أما هنا فالامر سهل جدا فالافلام في كل مكان «. العديد من الافلام من نوع افلام حرب العراق لم تستطع ابدا ان تمسك بالمنظر الطبيعي للبلاد ففي الاردن مثلا حيث تم تمثيل فيلم «The Hurt Locker» كانت المشاهد بعيدة عن المشاهد الطبيعية هنا فهي تبدو مدمرة ومليئة بالاهمال . أما بالنسبة للمخرج محمد الدراجي فلم يواجه هذه المشكلة لكونه مولودا هنا ويعرف المواقع فهو يتذكر تماما الشعور بانها بغداد عند عودته عام 2003 فقد كانت في ذلك الوقت مدينة اشباح وفي فيلمه « ابن بابل « بمشاهده في العاصمة ومدينتي الناصرية والحلة كانت علامات الحرب والاهمال احيانا سهلة التمييز لكل شخص لذلك كانت تفاصيل الفيلم تمثل لمحة عين اسرت الفروق الدقيقة بين الاسم والمكان حيث كان الجنود الامريكان مجهولين وخطرين مثل الكثير من العراقيين في افلام هوليوود . لكن الجلوس في مكتب رث قبل ليلة الافتتاح والشعور بالراحة حينما يقدم للضيوف الماء والقهوة والويسكي احيانا يقول المخرج محمد الدراجي « ان الاصالة بالنسبة للفيلم كانت ثانوية قياسا الى الرسالة التي يحملها، فالفيلم هو رسالة التماس الى المواطنين « مضيفا « اننا مازلنا نعيش ثقافة العنف والانتقام لكن هذا الفيلم هو حول العدالة والمغفرة فهل نستطيع المغفرة حينما نمتلك القوة ؟ ، فنحن نحتاج ان ننظر في المرآة لنرى من نحن «.طوال 90 دقيقة من مدة عرض الفيلم انفجر الجمهور بالتصفيق في عدة لحظات عميقة حينما سامحت الجدة الكردية احد الجنود العرب من الجيش السابق وارتفعت الهتافات حينما غسل الطفل وجه جدته قبل دخولهما الى السجن حيث يأملان ان يجدا والده وحينما انتهى الفيلم وعاد النور كان الكثير من الجمهور يبكي .يقول احمد المالكي وهو طالب في كلية الفنو
احتفال بعودة الثقافة العراقية في إحدى دور السينما في بغداد
نشر في: 11 مايو, 2010: 05:10 م