TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > شارلي شابلن:الفنان ورجل السلام

شارلي شابلن:الفنان ورجل السلام

نشر في: 14 مايو, 2010: 04:14 م

ليلة 25 كانون الأول 1977, عشية الاحتفال بأعياد الميلاد, وقبل أن تدق الأجراس .. أعلن في حي كورسييه سير فيفي الباريسي ان قلب شارلي شابلن كف عن الخفقان .. توفي شابلن الانسان والفنان الكبير عن 88 عاماً.
كان على حد تعبير ناقد فرنسي – أشهر رجل على قيد الحياة في العالم, ويمكن القول, من دون حرج, أنه الوحيد الذي اضحك الناس في مختلف الاصقاع, وفي أقسى الأوقات.كان شابلن شخصية فريدة, دالة على عظمة الموهبة الانسانية والعقل الانساني. شخصية من طراز هاملت, ودون جوان, ودون كيشوت, وفاوست. وقد احرز في حياته الحافلة بالأعمال العظيمة ليس الشهرة فحسب, بل حقق ابهى انجازات السينما منذ عهدها الصامت, وأكثرها صفاءً ومقدرة على إثارة اعمق الأحاسيس الإنسانية. وشكلت تلك الانجازات قوة دفع لا نظير لها في تاريخ الابداع السينمائي العالمي.بانوراما صغيرة لشابلنولد في حي فقير في لندن. وكان والداه يعملان في التمثيل. مات الأب شارل حينما كان شارلي في الخامسة من عمره, فعاشت الأم وأولادها الأربعة اليتامى في فقر شديد. غير ان حيّهم الفقير بقدراته, وبأهله المتسولين المتسكعين في الطرقات, سيكون في يوم قادم أفضل وأجمل ما في أفلام شارلي شابلن. فقد قدم شابلن ماضي الطفولة البائسة على حقيقته.. عالماً من انعدام العدالة ومن العسف والحرمان والفاقة, عالماً يحفل بالمناظر القادرة ليس على استدرار الدموع فقط, بل على تعميق وعي المشاهد بما هو لا انساني, وما هو مسّبب لبؤس الناس.• اعتبارا من عام 1914 , أصبح بوسع الشارب الصغير, الى جانب العصا والحذاء الواسع العتيق والبنطلون الفضفاض ومشية "البطة", أن تكون استدلالاً واضحاً على شخصية هي أكثر تفرداً مما هو مألوف.• بعد أربعين عاماً حافلة بالأفلام الصامتة والناطقة في الولايات المتحدة الأمريكية, وجد نفسه عاجزاً عن البقاء في مواجهة الحملة المكارثية التي عّرضته للملاحقة بعد ان رمت بوجهه "تهمة" الشيوعية,فرد عليها :- انا انسان .. وهذه هي سياستي. لست شيوعيا .. ولكنني رجل سلام ! وكان – حقاً – رجل سلام, وهو القائل :- انني أؤمن بالحرية .. تلك هي فلسفتي, وسلامي هو الضحك ! حرص في كل منجز سينمائي, أن يقف ضد كل ماهو سيئ ومرير وغير جميل في العالم, وأن يشيع البهجة والضحك الفاتنة, التي تدفع الى التأمل. تماماً كما وصف ناقد عبقرية موليير بالقول : - انه الضحك العميق, الذي يجعلنا نشعر, ونحن نضحك, أنه يجدر بنا أن نبكي !تلك كانت سخرية شابلن, التي ارتقى بها الى مصاف أعظم الفنانين في عصرنا, وأكثرهم خلودا.بدأ في إخرج الأفلام التي كرست شهرته في جميع أنحاء العالم مثل فيلم "الملاكم" و فيلم "المتشرد"حيث قدم شخصية المتشرد التي أصبحت مرافقه الدائم في كل أفلامه التالية .و أيضاً فيلم "ليلة في الاستعراض" .كان شابلن يبتعد قدر الإمكان عن الكوميديا التقليدية في ذاك الوقت و التي تعتمد على العلاقات الميكانيكية و حركة الجسم و علاقتها بالآلة . و كان يميل أكثر إلى النقد الاجتماعي مثل معالجة مشكلة الإدمان و الصراع الاجتماعي بين الغني و الفقير . و مشاكل المجتمع الصناعي ("العصور الحديثة") و السياسة .أحبت الطبقات العاملة و اليسارية أفلام شابلن الذي كان يمثل روح الثورة و عدم الخضوع كما كرهته الطبقات البرجوازية التي كان شابلن يسخر منها بشدة في أفلامه .فيلمه "حياة كلب" 1918 كان أول الأفلام الطويلة لشابلن في تلك الأثناء ظهر الصوت في السينما و لكن شابلن يكره الاختراع الجديد و يرفضه و يعتبره قتلاً لفن السينما و يقدم فيلمه "السيرك" صامتاً .و في العام 1931 و بعد أن كان الصوت قد دخل السينما يقدم شابلن أحد أهم و أشهر أفلامه الصامتة و هو فيلم "أضواء المدينة" .يعود في هذا الفيلم للمسة الميلودراما . وللنقد الاجتماعي اللاذع . .و بعد خمسة أعوام قدم شابلن تحفة جديدة هي "العصور الحديثة" التي ينتقد فيها و بشدة واقع الطبقة العاملة و المجتمع الصناعي من خلال تجسيد شخصية عامل في أحد المصانع على خط الانتاج .استخدم في هذا الفيلم الصوت و لكنه يظل فيلماً صامتاً من دون حوار.أما في 1940 قدم شابلن أبرز أعماله السياسية "الديكتاتور" الذي يجسد فيه شخصية هتلر بطريقة كوميدية في وقت لم تكن أميركا قد دخلت الحرب بعد .. واعتبره العديدون أنه مجنون و لكن رؤيته أثبتت صدقها بأن عقلية النازية و الفاشية لا يمكن تركها من دون أن تحاول أن تتحكم بكل العالم.ابتكارات شابلن السينمائية عدة جداً و تحتاج لوقفة مطولة ...و لكن باختصار نستطيع القول أنه بالإضافة للتيمات الكوميدية الشهيرة التي قلدت مراراً و تكراراً بعدهقدم شابلن أول لقطة "عمق المجال" في تاريخ السينما في فيلمه "حمى الذهب"و أول "لقطة مشهدية" في تاريخ السينما في فيلمه "الملاكم"و كان له السبق في النقد الاجتماعي و السياسي في وقت لم يكن يجرأ أحد غيره على فعل ذلك

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram