عرفان رشيد/ المدى - كـــانسهام الماضي وسهام الحاضر. هذا ما يمكن أن يُلخّص انطلاقة الدورة الثالثة والستين لمهرجان «كان» السينمائي الدولي الذي بدأ على الشاطى اللازوردي في جنوب فرنسا. وتقاسم البريطاني السير ريدلي سكوت والإيطالية الشابة سابينا غوتزانتي، سحب خيط القوس وإطلاق السهام المقلقة والمُقضّة لمضاجع من يجلسون على دفّة السلطة.
سكوت أعاد قراءة، أو بالأحرى كتابة أسطورة «السارق النبيل» روبين هود إلى قالبها التاريخي الحقيقي وأفرغها من ما اعتبرها «شوائب وتحريفات» أضيفت إلى القصة عبر سني السينما الماضية وعبر ترسيخ صورة مغايرة عن البطل الأسطوري الأنجلو ساكسوني. ورتّبت الإيطالية سابينا غوتزانتي إطلاقاتها المتعددة ووضعتها باتجاه إحداثية واحدة، تقف في نهايتها شخصية واحدة فحسب: رئيس الحكومة الإيطالية سيلفيو بيرلسكوني.. وإذا كان عرض فيلم «روبين هود» في افتتاح المهرجان (بغياب المخرج بسبب خضوعه لعملية جراحية في الركبة)، قد سجّل سابقة في تاريخ المهرجان وهي خضوعه لمنطق السوق وقبوله بعرض فيلم الإفتتاح بالتزامن المطلق، أو ربما بُعيد ساعات قليلة، مع بداية عرضه التجاري في صالات العالم وبضمنها الكثير من الشاشات العربية. فيلم «روبين هود» من إخراج السير ريدلي سكوت وبطولة راسيل كرو وكيت بلانشيت. راسيل كرو يعود بعد ما يربو على عشر سنين للعمل مع السير ريدلي سكوت، لكن من دون أن يُضيف أيّما شيء يُذكر على أدائه قياساً إلى عمله في «غلادييتور». الفارق الوحيد بين الشخصيتين هو في الأزياء ونوعية السلاح المستخدم في العمليات القتالية إلاّ أن تعابير وجه كرو وحركاته لم تتغيّر في الفيلمين قيد أنملة، ما يجعل من أداء هذا الممثل في فيلم «سيندريلا مان» و «بيوتيفل مايند» هما الأداءان الأهم في عمله السسينمائي على الإطلاق وباءت جميع محاولات إدارة مهرجان «كان» في ارجاء العروض العالمية للفيلم لبضعة أيام ليحتفظ المهرجان الفرنسي لنفسه بأولوية العرض العالمي ما أثار تساؤلات عديدة من قبل نقاد وصحفيين أوروبيين كثر وصلوا إلى مدينة «كان» لحضور افتتاح المهرجان حول ما إذا كان َضرورياً أن «يتكبّد المرء عناء السفر إلى كان والوقوف في طابور طويل لمشاهدة مريحة لفيلم تعرضه شاشات مدننا في نفس ساعات عرضه في كان؟». وعلى رغم أحقيّة التساؤل إلاّ أن الطابور للعرض الصحافي الأول للفيلم احتُشد بعدد غير قليل من الصحفيين والنقاد ومن بينهم من طرح التساؤل إعلاه، ولهذا الأمر تفسير واحد فقط وهو أن مشاهدة فيلم ما في إطاره المهرجاني، وفي مهرجان «كان» بالتحديد، لا يُمكن أن يُعوّض بأي عرض آخر. بنّاهي الغائب الأكثر حضوراًوكما لم تُتح العملية الجراحية في ركبة المخرج ريدلي سكوت من حضور المهرجان، فقد حالت عملية سياسية دون تمكين المخرج الإيراني الكبير جعفر بنّاهي من الحضور إلى فرنسا للمشاركة في عضوية لجنة التحكيم الدولية برئاسة المخرج الأمريكي تيم بيرتون. واستذكرت قاعتا «الصالة الكبرى» في المهرجان وقاعة «ديبوسي» المكتظتان بالجمهور والنقاد غياب بنّاهي بتصفيق قلّما حصل عليه مخرج في سنّه من قبل. وذلك عندما أعلن المدير الفني لمهرجان كان السينمائي الدولي تييري فريمو إصرار مهرجانه على اعتبار بنّاهي عضواً حاضراً في لجنة التحكيم الدولية، وعرض في حفل افتتاح عروض برنامج «نظرة ما» ثلاث دقائق من حوار مسجّل أجري مع بنّاهي في طهران يتحدّث فيه عن ظروف اعتقال سابق تعرّض إليه على يد أجهزة النظام الإيراني. فريمو أعلن عن أساه لغياب بنّاهي عن المهرجان لكنه أصر على اعتباره «حاضراً كبيراً رغم استحالة تواجده معنا )). وأعلنت اللجنة الدولية وعدد كبير من السينمائيين العالميين تضامنهم مع المخرج الإيراني وطالبوا السلطات الإيرانية بإخلاء سبيله واعتبروا التهم الموجّهة إليه «ظالمة ولا أساس لها من الصحة» وهي تهم أقعدته وعائلته في السجن التوقيفي لأسابيع طويلة. آخر الأخبار الواردة من طهران تُشير إلى إطلاق سراح أفراد عائلة بنّاهي الذين احتجزتهم السلطات الإيرانية برفقته. وبرغم أهمية هذا التطوّر وإيجابيته، إلاّ أن القناعة السائدة هنا في «كان» أن إطلاق سراح زوجة بنّاهي وابنه ليس مقدمة تلقائية لإطلاق سراحه هو. قضية بنّاهي ستكون حاضرة خلال الأيام القليلة المقبلة من المهرجان وستطفو على السطح مجدداً عشية وبُعيد عرض فيلم زميله عباس كياروستمي «نسخة طبق الأصل» من بطولة النجمة الفرنسية جولييت بينوش.. rnعرب غائبونوبانتظار عرض فيلمي «خارجون على القانون » للجزائري (الفرنسي الجنسية) رشيد بوشارب و «المسار الإيرلندي» الذي يتناول قصة ذات صلة بالتواجد العسكري البريطاني في العراق، فقد برز العرب جانبياً وبشكل غير مباشر في الفيلمين الأولين اللذين عُرضا في ال
سهام الماضي والحاضر تتشارك في قضّ مضاجع الـممسكين بالسلطات
نشر في: 14 مايو, 2010: 06:49 م