فاضل ثامر *يثير البيان الذي أصدرته وزارة الثقافة ووقعه السيد عقيل المندلاوي عن السيد وزير الثقافة والخاص بفك ارتباط وزارة الثقافة بمهرجان المربد قضية طبيعة العلاقة بين وزارة الثقافة ومديرياتها ودوائرها من جهة والمثقفين العراقيين باتحاداتهم ونقاباتهم ومؤسساتهم المدنية غير الرسمية من جهة أخرى.
فالبيان الذي أصدرته الوزارة مصاغ بطريقة بارعة تحتمل الكثير من القراءات والأوجه فهو في مظهره العام (البريء) يكشف عن رغبة الوزارة منح المثقفين العراقيين المزيد من الحرية والاستقلالية في إدارة شؤونهم الثقافية والإدارية والمالية، فالبيان كما جاء في نصه يمتثل في الظاهر لرغبة أدباء البصرة في أن يكون مهرجان المربد بصريا خالصا وهو إنما يمثل استجابة لهذا المطلب كما لم يهمل البيان استعداد الوزارة لدعم المهرجان ماليا ولكن في حدود الإمكانات المتاحة للوزارة طبعا، والتي تعني في حال الالتزام بها تقديم دعم مالي لا يتجاوز العشرة ملايين دينار فقط يصرف من ميزانية قسم المهرجانات في دائرة العلاقات الثقافية، أما الوجه الأخر للقرار فيكشف عن رغبة الوزارة في التملص من التزامها تجاه الأدباء والفنانين والمثقفين العراقيين أفرادا ومنظمات واتحادات ونقابات، ونية الوزارة بالانفراد بإدارة الشأن الثقافي بمعزل عن "تدخلات" المثقفين ومطالبهم وأحيانا مشاكساتهم والدليل على ذلك أن الوزارة قد قررت في مقابل هذا "التنازل" الإعداد لتنظيم مهرجان بديل ضخم هو "مهرجان بغداد" الشعري، ونحن بالتأكيد نبارك أية خطوة لإطلاق أية مبادرة أو فعالية ثقافية تغني الحياة الثقافية وتحركها وتنظمها بعد سنوات من الإهمال والتهميش والجمود لكن ذلك لا يبرر قطعا فك الارتباط بمهرجان وطني (عربي وعالمي) كبير مثل مهرجان المربد الذي أسسته مطلع السبعينات وزارة الثقافة وأصبح حقا من حقوقها وامتيازاتها بل ومعالمها الأساسية، لذا ندعو وزارة الثقافة إلى إعادة النظر في هذا القرار المتعجل وعرضه للمناقشة الجادة المسؤولة وفتح ملف العلاقة بين الوزارة والمثقفين العراقيين ومناقشتها على أسس موضوعية هادئة، لأننا بصراحة لم نلمس جدية في تطبيق مفهوم الشراكة مع المثقفين العراقيين الذي يفترض ان تعتمده الوزارة، وان التجسيد الوحيد الذي كان مكتوبا له ان يجسد هذا المبدأ ونعني به تشكيل هيئة استشارية تضم ممثلين عن شرائح المثقفين واتحاداتهم ومنظماتهم كان حبراً على ورق، إذ لم تعقد هذه اللجنة اجتماعا واحدا (ولو تأسيسيا)، وبقيت الوزارة في واد والمثقفون ومنظماتهم في واد آخر، وربما كان مهرجان المربد بما يمثله من اعتماد لمبدأ الشراكة العلامة المضيئة الوحيدة التي كنا نعتز بها والتي يراد لها بجرة قلم ان تشطب من سجلات الوزارة والى الأبد.نحن لا ننكر ان العلاقة مع المثقفين العراقيين ومنظماتهم يثير الكثير من الإشكاليات للمؤسسة الثقافية الرسمية الوحيدة في العراق ونعني بها وزارة الثقافة، لكن هذه هي طبيعة المجتمعات الديمقراطية التي يكون فيها المواطن مشاركاً ومعارضاً وقد لا يعجبه العجب، ووضع المثقفين العراقيين ليس استثناءً من ذلك بل قد يمثل أنموذجا للاختلاف الخلاق، والإدارة الثقافية الناجحة هي التي توفق من آليات عملها الإداري ووسائل مد الجسور مع المثقفين بوصفهم يمثلون شريحة واعية من شرائح الشعب العراقي.ندعو وزارة الثقافة، ومن باب الحرص على تنمية العلاقة بينها وبين المثقفين العراقيين إلى إعادة النظر في قرارها بـ "فك الارتباط الإداري والتنظيمي بمهرجان المربد" ومواصلة العمل بمبدأ المسؤولية المشتركة بين الوزارة والمثقفين للارتفاع بمستوى الحراك الثقافي وضمان تحويل الوزارة إلى وزارة سيادية لا تخضع لآليات المحاصصة الطائفية وتكون قادرة على الارتقاء إلى مستوى مسؤولياتها الثقافية الجسيمة ومنها الاستعداد لاعتبار بغداد عاصمة للثقافة العربية عام 2013.* رئيس الاتحاد العام للأدباء والكتاب في العراق
اتحاد الأدباء يدعو وزارة الثقافة إلى إعادة النظر بقرار تخليها عن المربد
نشر في: 15 مايو, 2010: 06:01 م