اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > تمظهرات المدينة فـي الشعر العراقي الحديث

تمظهرات المدينة فـي الشعر العراقي الحديث

نشر في: 15 مايو, 2010: 06:02 م

عباس الغالبييرى افلاطون  (ان الدولة تنشأ لعدم استقلال الفرد بسد حاجاته بنفسه،  وافتقاره إلى معونة الآخرين،  ولما كان كل انسان محتاجاً إلى معونة غيره في سد حاجاته،  وكان لكل منا احتياجات كثيرة لزم ان يتآلب عدد عديد منا،  من صحب ومساعدين في مستقر واحد،  فنطلق على ذلك المجتمع اسم مدينة  او دولة ).*و الشاعر  كائن اجتماعي يحيا في منظومة إنتاج معينة،
ويعكس وعيه بها صورة عن العالم.وتتخذ المدينة في الشعر العراقي الحديث  اشكالاً ذاتية وحضارية،  وأخرى على وفق صور  كالمدينة الحلم والمدينة الفاضلة،  ففي  الرؤية الذاتية يتساءل الشاعر  سعدي يوسف عن المدينة،  هل فقدت في العالم الأسفل،  أي عالم الأموات،  أم أنها طارت نحو السماء،  حيث ينبع سؤاله من ذاته الشاعرة بأن المدينة،  قد سلبته العالم الروحي للحياة،  ولهذا يراها في خراب عام وشامل،  لاشيء سوى الرياح تصفر في ساحاتها،  ما يدل على شدة الخواء والعدمية وذلك منتهى السلب المعنوي للإنسان في عالم المدينة،  إذ يقول :عام ألفين،  وفي منتصف الليل وفي باب حديقه سائر مر،  خطاه المثقلات برصاص العمر الضائع،  تروي كيف ماتوا أين ماتوا … في سباخ الكرخ،  أم في حفر الروح                         العميقة ؟ ترى أين المدينة ؟ رحلت أم هبطت في العالم الأسفل،           أم طارت إلى حيث تطير القبرات ؟ أترى الأحياء ماتوا أم ترى الموتى عليها نشروا،  فأنتشروا ؟             إن المدينة مثل شعف النخل اليابس،  انقاض سفينة تصفر الريح على ساحاتها الغبر،  وتصفر حزينة حيث لا دجلة يحمر،  ولا يصفو فرات rnفكأن الشاعر هنا يقدم نبوءته الذاتية،  عندما حكم على المدينة بالموات والخواء،  وتلك ليست الحقيقه على أرض الواقع،  وإنما احساس تعمق في دخيلته،  أوحى له بعدمية الحياة،  كونه مسلوب الارادة . ولذلك يتخفى خلفها في سؤالاته فالمدينة،  ما هي إلا الشاعر ممثلاً بجمع الناس،  الذين لا يحسون بأي معنى لحياتهم .اما السياب،  فإن مدينته الحلم تمثلت لديه بجيكور فهي مدينة الحلم،  التي لم يستطع الزمن ان يبعدها عنه،  بل انه اسهم في صيرورتها ذهنياً وفكرياً،  لارتباطها بارهاصات النقاء والصفاء ،  وهو بخياله المتدفق وشاعريته الفذة جعل منها جنة احلامه،  التي ترتبط بحكايا الاساطير :rnجيكور .. ستولد جيكورالنور سيورق والنور، جيكور ستولد من جرحي، من غصة موتي،  من ناري، سيفيض البيدر بالقمح، والجرن سيضحك للصبح، والقرية دار عن دارتتماوج انغاماً حلوهوبهذا فإن الذات عند السياب - كما عند غيره – في سعي دؤوب للخلاص من المكان القاهر - المدينة – وترى بحتمية الانفصال عنه،  ولهذا بقيت جيكور بوصفها مكاناً ريفياً،  قائمة في وعيه متعمقة في إحساسه ونفسه،  ففيها ينشد حريته،  التي افتقدها في المدينة اذ في المدينة تمثلت عوامل التيه والضياع . في حين ان جيكور مثلت ماضيه وحاضره ومستقبله،  مشدوداً عن طريق الحلم في العودة إليها ثانية.وتأخذ أشكال التعبير عن المدينة بعداً اجتماعياً حيث يصور حسب الشيخ جعفر أزقة المدينة وما تثيره من فزع عند الإنسان،  لأنها أماكن ضيقة ومظلمة وهي تفرعات صغيرة،  تصل بين أعماق المدينة وفضاءاتها المفتوحة،  فتكون ثنائية متضادة عبر المغلق والمفتوح،  وتبعا لحركة الإنسان من والى بيته،  تكون ممرات اتصال من المغلق إلى المفتوح،  وبالعكس،  ولذلك تكون الأزقة رمزاً لحالة مخاض صعبة وقاسية،  يمر بها المجتمع،  وهو يعبر من مرحلة إلى أخرى،  حيث يقول :والمدينة في العمق تصغي الى خطوتيالصخر احمر صلبا يواجهني،  في الزقاقالمؤدي الى الجسر،  توقفني امرأةمن دخان المطاعميلوي ابتسامتها السكر.rnوغالباً ما ترتبط الصورة الزقاقية،  عند ياسين طه حافظ،  برفضه الواقع ألمديني،  من خلال البحث عن الأثر الحضاري المفقود،  في بابل،  التي غابت في التأريخ،  وهو ينشدها مرة أخرى،  إذ يقول :سوف أعود مرة أخرىإلى الزقاق البابلي الملتوي في بطن بغدادكما الأحشاء.rnلقد اراد الشاعر،  أن يماثل بين إحساسه النفسي،  وانعطافات الأزقة وامتداداتها في مدينة بغداد،  ولكن الصور

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram