حازم مبيضين مثير للسخرية ومستهجن، نفي الخارجية الإيرانية لخبر اللقاء بين دبلوماسي إيراني وخبير إسرائيلي في نيويورك، ومهاجمة وسائل الإعلام التي نشرت الخبر موثقاً بالصوت والصورة، ووصفها بأنها مغرضة، وأن كل ما في الأمر أن اللقاء تم في اجتماع عقدته بعض مراكز الأبحاث والجامعات الأميركية،
وهو نفي يحاول استغباء المتلقي، لأن اللقاء كان مباشراً وصريحاً وودياً، وبحضور مسؤولين من الأمم المتحدة وشخصيات أمريكية ومصرية، وجرى رغم ما يقال عن تحريم إيران الالتقاء بالإسرائيليين حتى في المناسبات الرياضية، وهو تضمن نقاشاً حول الأنشطة النووية لإيران، حيث طالب الخبير الإسرائيلي بالبدء بحوار يتسم بالصدق والصراحة، وشدد أن على إسرائيل الاعتراف بما لديها، وبما لا يعني سلبها ما تملك، لأن الأمر يمسّ أمنها القومي. في حين أكد الدبلوماسي الإيراني أن بلاده لم تستخدم السلاح الكيمياوي، في حربها مع نظام صدام رغم امتلاكها له، وكأنه يطمئن محاوره بأن طهران لن تلجأ إلى سلاحها النووي في حال نشوب حرب بين الدولتين.كريمي دعا إسرائيل للقدوم إلى إيران والاستثمار فيها، باعتبارها سوقاً واعداً، لكن كوهن رفض متذرعاً بأن أحمدي نجاد يرغب في رؤية إسرائيل ملغاة من الوجود، لكن ذلك لم يمنع كريمي من الإشادة بهذا الحوار وتبادل الآراء، والدعوة لإعادة ضبط الأمور والبدء من جديد، والواضح أن هذا اللقاء ليس هو الأول بين إسرائيل وإيران، وأن لقاءاً سابقاً عقد بين الطرفين في القاهرة، تمهيداً لعقد اجتماعات على مستوى أعلى، وباعتبار أن مواجهة إسرائيل ليست هدفاً إيرانياً، وأن إيران تستخدم الورقة الفلسطينية وغيرها لتحقيق مصالح أخرى خاصة بها، كتوسيع نفوذها، وهي في هذا الإطار لن تتوانى عن التوصل لاتفاق مع الدولة العبرية لتوزيع المصالح واقتسام النفوذ. معروف أن هناك تاريخاً لمثل هذه اللقاءات بين إيران وإسرائيل، فإيران تتعامل مع الايدولوجيا ببراغماتية كانت واضحة عند حصولها على قطع غيار أميركية لأسلحتها إبان الحرب مع العراق، كما قامت ببيع نفطها لإسرائيل، وهي تستخدم الغطاء الأيديولوجي عند الحديث عن المسلمين المضطهدين في العالم ، ولكنها لا تتحدث مثلا عن المسلمين المضطهدين في الصين بسبب علاقاتها الطيبة معها، واعتماداً على هذه البراغماتية، فان لدى مجلس الخبراء الإيراني صلاحية اتخاذ أية خطوات للحفاظ على الجمهورية الإسلامية، وهنا فانه إن كان ذلك يستدعي التفاوض والحوار أو التحالف مع إسرائيل، فانه سيفعل بغض النظر عن عنتريات نجاد وتهديداته الجوفاء. الخبر الذي تحاول طهران نفيه أثار الذهول والاستهجان عربياً وإسلامياً، وباعتبار أن هذه الخطوة ناقصة وتتعارض مع ما تعلنه جمهورية الولي الفقيه، وهو فضيحة تأتي في الوقت الذي تتخذ فيه إسرائيل قراراً سرّيًا لإعداد حملة دعائية دولية ضد السعودية، تتضمن مطالبة واشنطن بممارسة الضغوط على الرياض، لوقف دعمها المالي للفلسطينيين، وإثارتها ضجة ضد الأعمال غير القانونية لإسرائيل، ولأنها العنصر الرئيس الذي يقف وراء دعوات نزع الشرعية عن إسرائيل، من خلال تمويل الشكاوى في المحاكم الدولية وسائر اللجان الأممية ومطاردتها في المحافل الدولية، بينما تكتفي إيران بالصراخ عبر حنجرة احمدي نجاد في حين تتفاوض مع إسرائيل على اقتسام النفوذ في المنطقة. ونسأل اليوم، بعد فضح لقاء نيويورك، لماذا قصر فهم البعض عن استيعاب تحذير الملك عبد الله الثاني من خطر الهلال الشيعي، وهو تحذير سياسي بامتياز وخال بالكامل من أي خلفيات طائفية خصوصاً وهو يصدر عن رجل من آل بيت الرسول الذين يدين لهم شيعة العالم بالولاء والمحبة.
خارج الحدود ..إيران وإسرائيل.. أي جديد؟
نشر في: 16 مايو, 2010: 06:07 م