اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > المدى الثقافي > قصة :ماعلمتم وذقتم

قصة :ماعلمتم وذقتم

نشر في: 17 مايو, 2010: 05:04 م

سميرة المانع(...... ما من  جيل ، منذ مدة طويلة ،  حلم بالحياة واللذة والحرية بجرأة كجرأة هذا الجيل ، ثم كان حظه من الحياة أسوأ من هذا الجيل ، او تألم اكثر مما تألم هذا الجيل، او عرف عبودية اثقل من العبودية التي عرفها )
 من كتاب "جسر على نهر درينا " تأليف : ايفو اندريتش ترجمة سامي الدروبي . الحّت الدكتورة سها ، ( تسمى هكذا ) أثناء الغداء ، على الطلب ، من الزوجة المضيفة ، اخبارها عن كيفية الحصول على قبول من احدى المدارس الداخلية ببريطانيا ، من اجل ادخال ابنتها فيها ذات الثلاثة عشر ربيعا . اعترضت الصبية بوجل :- أخاف ان افشل باللغة الانكليزية . - تفشلين ؟ !  انت احسن طالبة  في صفك ببغداد بهذه المادة .  اخرستها وبقي الحاضرون في حاجة الى اقناع :- درجاتها دائما بالتسعين ،  دائما  ، دائما ،  كيف تفشلين باللغة الانكليزية ؟! انت في حاجة الى مجرد شهرين فقط ، لا اكثر ولا اقل ، لتصبحي  بلبلا  باللغة الانكليزية .صمتت الصبية . الموضوع لا يتعلق باللغة الانكليزية فحسب ، كان هناك الداخلي الموحش ، البلد الغريب ، فراق الاهل والوطن والاصدقاء  . هذه كلها اشياء مهمة لا تستطيع ان تبوح بها . الام عاجزة عن ملاحظتها والفتاة لا تنطق بها  جهرا لئلا تواجه بعاصفة رد عنيف من ام دكتوراه بعلم الاجتماع . استمرت مؤكدة صحة رأيها وصوابه . ثقتها عظيمة بنفسها وبأولادها ،  سواء شاءوا ام ابوا :- انت مثل اخيك الكبير " حامد "  . يدرس في مدينة " كاردف " الكومبيوتر ، ووجدنا عنده مايقرب من الف كتاب . يقرأ كل شيْء . العلوم ، الآداب ، كافكا ، النثر ، الشعر ، كافكا ( اعيد اسم كافكا للمرة الثانية ) يقرأ كل شيء ، كل شيء .تدخل الوالد الضيف لمساعدة الام ، الجالس معها ، على  سفرة الغداء،ايضا ، أراد ان يفهم الحضور ماهية هذا الشاب المطلع على كل شيء :- مع العلم هو ملتزم سياسيا - طبيعي ، ولولا هذا لما سمحوا له بالمجيء في البعثة الحكومية للدراسة ببريطانيا .ردت الام بامتنان ، ارتفع حاجب المضيف العراقي المغترب بلندن منذ سنوات . فتح باب لابد من اغلاقه . اندفع الزوج متحمسا للدفاع عن ابنه كي لا تذهب الظنون بالحاضرين بعيدا . لا يؤخذ كلامه على محمل الخطأ على اعتبار ان ابنه اناني وانتهازي :- وهو مؤمن بافكاره . لو كان " حامد " بالعراق ، الآن ، لما تردد في التطوع والانتماء الى صفوف المحاربين بجبهة القتال ، لاشك .  تساقطت كلماته على اذن زوجته كرذاذ خفيف في ارض جدباء . تأوهت متحسرة ثم عادت لالتهام ما تبقى من طعام في انائها ، مطمئنة . الولد الكبير ناء عن العراق الآف الاميال . البنت ، ايضا ، ستدخل مدرسة داخلية بريطانية . بقي الولد الصغير معهما ، عمره لا يتجاوز الست سنوات ، يلعب في تلك اللحظة مع قطة اهل الدار قربهما بين الكراسي ، لا  مجال لأن يؤخذ الى الحرب عندما يعودان الى العراق معه قريبا ، خفيفي الاحمال ، ولو على حساب الفرقة المضنية لاثنين من فلذة كبديهما . على اية حال ، كل شيء يهون ولا ان يتعرض ابناؤهما لنيران حرب لا يعلم سوى الله مداها ، اججت دون استشارة احد من اباء وامهات الجنود الذين سيطحنون بها  دون اكتراث . لقد فكر الزوجان بكل شيء قبل ان يتزوجا ، الا ان يموت اولادهما في حرب شعواء .هذه مسألة لا تخطر ببال احد من المتزوجين في الليلة الاولى لفرح عرسهماعلى الاطلاق. - اعجبني ما  قرأت في احدى الصحف الانكليزية ، قبل ايام ، عندما ذكر الكاتب  ان اي شخص يطلب من الآخرين الذهاب للحرب ، عوضا عنه ، للدفاع عن افكاره ومبادئه ، فمن اللازم ان يكون موضع شك!قال المضيف ذلك وهو مبتسم ، متوقعا ان يحذو الآخرون حذوه . انتبهت امرأته للمطبة ’  اهذا  كلام مناسب !؟ انها غلطة .  الا ترى كيف جمد الضيوف في اماكنهم ؟ ارجو ان لايشعراحد من الحضور انه  المقصود ؟ انهمكت بايصال الطعام لهم ، محاولة ابعادهم عن الاحساس بالنغز ، كلوا ، كلوا ، ذوقوا ، من هذه الاكلة التي طبختها لكم ، ربما تعجبكم . تقدم الاواني بالاطعمة المتنوعة ، نحو صدورهم ، للترغيب . كفى كلاما يحمل  تفسيرين .  وهل هذا وقته . بدوره ، يريد الزائر الزوج، اغلاق الموضوع الذي فتح ، على حين غفلة ،  فقد تشعب اكثر مما ينبغي . كفى اهتماما بالحروب . حقيقة ، انه مهتم الان ، بتكملة احاديثه التي بدأها قبل لحظات ، قبل ان يضطر لتغييرها من دون رضاه . آن الاوان ان يعود اليها ، مرحا ، مستمتعا ، قبل ان تستولي على الجالسين الرغبة في خوض قضايا الساعة بمخاطرها الجمة ، مستحسنا عدم ذكرها ، محبذا عادة النسيان واغلاق الملفات. الاان المضيف لم يمهله طويلا لاستكمال خطته والعودة لنواياه القال والقيل لي . انبرى مقاطعا اياه كالغراب المتهيئ للصياح :- مولانا ما رأيك بمن قتل ابنه لرفضه الذهاب للحرب . هذه مسألة لم تذكرلا في التاريخ

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

أصابع بابلية' لأحمد مختار تتوّج عالميا

في استفتاء موسيقي تنافسي سنوي حصلت إسطوانة “أصابع بابلية” للمؤلف الموسيقي وعازف العود العراقي أحمد مختار على مرتبة ضمن العشر الأوائل في بريطانيا وأميركا، حيث قام راديو “أف أم للموسيقى الكلاسيكية” الذي يبث من...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram