رضا الظاهريمكن استخلاص ثلاث دلالات مهمة بخصوص مشروع د. نهلة النداوي الذي عرضه كتابها الموسوم (الأداء البرلماني للمرأة العراقية)، الصادر، مؤخراً، عن شبكة النساء العراقيات.أولى هذه الدلالات: التوقيت، فقد صدر الكتاب في وقت يستطيع المرء أن يقول إنه الأنسب لأسباب تتعلق،
أساساً، بالخصائص الملموسة للمرحلة السياسية الراهنة وتعقيداتها على أكثـر من صعيد. وجاء الكتاب، ثانياً، توثيقاً لمرحلة خطيرة الشأن. وانطوى، ثالثاً، على تقييم للتجربة الاستثنائية لـ "الأداء البرلماني للمرأة العراقية"، وهي تجربة جديرة بالاضاءة واستخلاص الدروس.وفي تمهيد الكتاب، الذي يعرض لمنهجية الدراسة وتفاصيل إجراءاتها البحثية، والاطار التاريخي للتجربة السياسية للمرأة، أشارت الباحثة الى أن هذه الدراسة "تهدف الى التعرف على أداء البرلمانيات عبر تجربة يمكن وصفها بالأولى لهن في تاريخ العراق ... "وتابعت المؤلفة، في القسم الأول من الكتاب، قياس مشاركة أعضاء مجلس النواب رجالاً ونساءً بشكل عام، وموازنة حجم تلك المشاركات بين الكتل والأحزاب والقوائم بحسب معدل تكرار المشاركات وحجم التمثيل النيابي لكل كتلة وحزب وقائمة. ثم عرض نتائج موازنة قياس مشاركة النساء والرجال في مجلس النواب بشكل عام، ونتائج موازنة تلك المشاركة للنساء في ما بينهن بحسب الكتل والأحزاب والقوائم. وحلل القسم الثاني من الكتاب المشاركة النوعية لعضوات مجلس النواب حصراً. ولارتباط هذا القسم بجوهر الأداء البرلماني، ميزت النداوي أربعة محاور مع تقديم سريع يوضح السياق العام لمجلس النواب.عرض المحور الأول الخرائط السياسية والاجتماعية للنائبات. وحدد المحور الثاني موقف النائبات من جميع القضايا والقوانين مدار الفصل التشريعي "محور الدراسة"، مركزاً على تحليل اهتمامهن بالقضايا السياسية والاقتصادية والنسوية. وتابع المحور الثالث السلوك البرلماني للنائبات عبر التعرف على مدى التنسيق بينهن في الأداء، وتشخيص هذا الأداء من حيث التبعية والاستقلالية. وانتهى المحور الرابع الى تقييم أداء جميع النائبات.وبالاستناد الى نتائج تحليل القياس الكمي والنوعي لأداء النائبات تم تحديد النائبات ذوات المشاركة المميزة والفاعلة من جميع الكتل والأحزاب المشاركة ومن المستقلات.أما خاتمة الكتاب فقد اشتملت على خلاصة لأهم النتائج والتوصيات.ويتسم هذا الكتاب، الذي يضم 144 صفحة وينتهي بجداول ملحقة، بوضوح المنهجية وموضوعية التحليل ودقة الاحصاء، وهي سمات أكسبت مشروع النداوي مصداقيته. ومما أضفى أهمية عليه أنه يكاد أن يكون استثناء بالارتباط مع غياب الأبحاث والدراسات التي تتصدى بالتحليل لطبيعة الأداء البرلماني بشكل عام، وأداء النساء فيه بشكل خاص.وفي تقديمها تشير المؤلفة الى أن من بين أهداف الدراسة "الحصول على إجابة موضوعية، خاضعة للبحث العلمي عن سؤال تكرر طرحه في السنوات الأربع الأخيرة من قبل المواطنين والاعلاميين وناشطي المجتمع المدني والكتاب والباحثين والأكاديميين، بل وبعض السياسيين أحياناً، بشأن الدور الذي قامت به عضوات مجلس النواب في العراق. ولم يكن هذا السؤال استفهامياً او استعلامياً بقدر ما كان استنكارياً في أغلب الأحيان. ومن أجل أن لا يكون إطلاق هذه الأحكام متسرعاً وغير موضوعي، تتصدى هذه الدراسة لرصد طبيعة ذلك الأداء بالطرق الكمية والنوعية وصولاً الى حقيقته وجوهره، بغية التعرف على كفاءة وطبيعة أداء البرلمانيات اللواتي دخلن المجلس عن طريق الكوتا والقائمة المغلقة".ويختتم كتاب (الأداء البرلماني للمرأة العراقية) بخلاصة مكثفة تشتمل على الاستنتاجات الأساسية التي توصل اليها البحث. فقد أوضح هذا البحث، عبر المنهج الاحصائي لقياس مشاركة النساء والرجال في مجلس النواب، أن "النتيجة الأهم تتمثل في أنه ليس من الموضوعي أن نتحدث عن تفاوت كبير بين أداءيهما حد أن يصنفا طبقتين مختلفتين". ومن ناحية أخرى فان "موازنة مشاركة الرجال مع بعضهم أفراداً أو طبقة في كتلة أو حزب، أو موازنة مشاركة النساء مع بعضهن فرادى أو طبقة في الكتلة أو الحزب تظهر أن هذا التفاوت حاصل بينهم". ومن هنا استنتاج الباحثة أن "النساء لم يختلفن، من حيث مستوى النشاط، عن الرجال الذين أوضحت الجداول وجود مثل ذلك التفاوت لديهم. والنتيجة أن إطلاق حكم نمطي عام شامل بالتفوق أو القصور لأداء النائبات قياساً بأداء الرجال لا يستند الى أساس موضوعي".وعلى مستوى نوعية الأداء خلص البحث الى أن النساء بشكل عام كن أقل مشاركة من الرجال في القضايا المتعلقة بالسياسة والاقتصاد، فيما ركزن اهتمامهن على القضايا ذات الطابع النسوي. وعزت الباحثة هذه الظاهرة الى أسباب عدة بين أبرزها الاقصاء المزدوج الذي مارسته قيادات الكتل السياسية تجاه النساء، سواء عبر إبعادهن عن المشاركة في مجريات العملية السياسية، أو التوافق على توزيعهن على اللجان الدائمة في المجلس وحرمانهن من العمل في اللجان السيادية المتعلقة بالأمن والاقتصاد والثروات والقانون. وربطت المؤلفة بين هذا الاقصاء وبين تهميش النساء وإبعادهن عن المراكز القيادية في أحزابهن.غير أن سلوك ا
نداء استيقاظ تنويري يسهم فـي رسم آفاق
نشر في: 19 مايو, 2010: 04:31 م