ولادتهوُلِدَ في قرية قيرون (مصياف) عام 1941، من أبوين هما صبري ووضحة.طفولتهعاش في بيئة ريفية (قيرون ودير ماما، منطقة مصياف، ريف حماة. فكانت تنشئته ريفية الطابع، أما المرحلة الأولى من الطفولة فقد أمضاها في بلدة (مصياف).
يقول عدوان عن هذه المرحلة : «حين تعيش في هذا الجو وتكبَر فيه، ومهما بلغت درجة رفضك له أو لبعض ما فيه، ستكتشف لاحقاً أن التاريخ (تاريخ صدر الإسلام وبدايات الخلافة الأموية) كان يعيش معك، أو أنك كنت تعيش فيه. إن التاريخ لا يعود هنا معلومات في كتب، بل هو حياة. التاريخ حي وموجود».rnالعلم«وعلى المستوى الشخصي فقد رأيت من هم أكبر مني وهم "يتعالمون" وكان المقصود بهذه الكلمة التباري بالعلم. وكان العلم يتضمن "ثقافة" خاصة من هذا التاريخ الحي، مضافاً إليها الشعر المحفوظ من الجاهلية، أو من التراث إجمالاً. وكان فيه بشكل خاص "تعجيزات" إعرابية ولغوية يلتقطها هذا أو ذاك من كتب الشروح والتفاسير. وفي كل بيت من بيوت هؤلاء، كان هناك كتاب حول اللغة والقواعد والإعراب، والكتاب للشرتوني.والتعجيزات الأخرى كانت في تحدّي الطرف الآخر أن "يثلّث" بيتاً من العتابا. كانت تحديات من هذا النوع تستغرق السهرة كلها. وفي أغلب الأحيان لا يقال شيء إلا غناءً. وكثيراً ما يكون التحدي موجهاً إلى الموجودين كلهم، مما يجبرك على أن تحرك ذهنك في الموضوع».ممدوح عدوان في مرحلة الشبابrnالقراءة«أضيف مسألة شخصية أخرى هي أنني كنت أتقن القراءة السليمة. ومنذ الصف الأول الابتدائي كان يشار إليّ في مصياف: هذا الولد الذي يعرف قراءة الجريدة. وإذا أضفنا الصوت الجهوري واللفظ السليم فإن تميزاً خاصاً تعلق بي. وكان يتجلى في دعوتي من قِبَل من هم أكبر سناً، ومعظمهم لا يتقن القراءة السليمة، لكي أقرأ عليهم بصوت مرتفع كتباً يعطونني إياها. وكانت في معظمها من التاريخ والتراث والقواعد. ثم أضيف إليها في ما بعد كتب السير الشعبية.وبعد أن كبرت، اكتشفت أن ذاكرتي ما تزال تحتفظ بالكثير من تلك الآيات والأحاديث والمعلومات والأشعار والشواهد والقصص».rnالحياة الاجتماعية«بالإضافة إلى الفقر الذي كان يلف الريف كله، كانت هناك مسألتان تستوقفان الولد "الذي يعرف كيف يقرأ الجريدة"، الأولى هي الظلم الفظيع اللاحق بالمرأة، ولهذا أيضاً جانبه الديني. والمسألة الثانية هي التميز الاجتماعي (الذي ينجم عنه تميز اقتصادي يؤدي إلى تميز في فرص التعليم والوظائف) لرجال الدين وأبنائهم.ولكن مع شيوع الجانب الديني في الريف إلا أن التعصب أو التزمت لم يكن يغلف الحياة. بل كان هناك تعامل ميسور مع الدين. ولعل حضور التاريخ في الحياة اليومية قد أدى إلى شيء من رفع الكلفة مع الرموز الدينية.ممدوح عدوان مع بعض من أصدقائهكذلك فالضحك (والكلام) بصوت مرتفع كان سمة من سمات تلك الحياة. وهي سمة لازمتني حتى اليوم».rnنسبه«يكفي أن أشير إلى أن اسم عدوان في كنيتي جاء من سيرة شعبية كانت متداولة واسمها "حكاية الأمير نمر العدوان ومحبوبته وضحة ست النسوان".فعدوان هم اسم جدي (والد والدي) وليس اسم عشيرة. ولدي عم اسمه نمر (وبالتالي فهو نمر العدوان). كما أن أمي (وهي قريبة أعمامي قبل الزواج) اسمها وضحة. وزوجة أحد أعمامي، وهي من قريباتنا أيضاً اسمها هي الأخرى وضحة (تبين لي فيما بعد أن العدوان عشيرة كبيرة في فلسطين وشمالي الأردن وجنوب سورية. ولعل الأمير نمر العدوان منها. ولكن أنا لست منها مع الأسف).العوام هم أبناء عامة الناس، الذين أهلهم ليسوا مشايخ. وأنا من العوام ولا أعرف كيف أن جدي عدوان قد استطاع أن يعلّم أبي (صبري) حتى أخذ الابتدائية (السرتفيكا). لقد كان عدوان من وجهاء ذلك المجتمع القروي الصغير والفقير (دون مرتبة دينية أو ملكيات زراعية كبيرة، وهذا نادر). وبهذه الشهادة توظف أبي بعد الاستقلال في الإنتاج الزراعي. وقد أعطته الوظيفة امتياز ابن الحكومة، وامتياز الدخل الثابت المضمون. وبسبب الوظيفة كان ينتقل – ضمن المنطقة ذاتها – إلى بلدات وقرى متعددة. وكنت معه لأنني الأكبر (الثاني في الترتيب بعد الأخت الكبرى). ثم وجد أنه من الأفضل أن يستأجر غرفة في مصياف – مركز المنطقة – كي تسكن الأسرة الصغيرة فيها، بينما يذهب هو إلى وظيفته في القرى المجاورة ويعود إلى البيت. وكان هذا يعني أن أدخل المدرسة في مصياف».rnبداياته الشعرية«مرة أخرى فرض الشعر نفسه. فالأساتذة البعثيون المتطوعون كانوا يشتعلون حماساً. وكانوا يجعلوننا نخرج في مظاهرات سياسية (ضد أديب الشيشكلي أو في ذكرى سلخ اللواء أو ذكرى تقسيم فلسطين) لا نعيها تماماً. ولكنهم كانوا يلقون علينا قصائد حماسية تكون في أغلبها من نظمهم هم.ممدوح عدوان في إحدى محاضراتهبالنسبة لي في هذه المرحلة، ومع أنني تعلقت منذ صغري بقصيدة أحمد شوقي (سلام من صبا بردى أرق)، وخصوصاً أنه لم يسهر أهلي عند أحد، ولم يسهر أحد عندنا، إلا وطلب من
ممدوح عدوان ..سيرة حياة وابداع
نشر في: 21 مايو, 2010: 04:19 م