TOP

جريدة المدى > ملحق منارات > ممدوح عدوان.. التأسيس لمسرح التراث

ممدوح عدوان.. التأسيس لمسرح التراث

نشر في: 21 مايو, 2010: 04:23 م

علي مزاحم عباس المتابع لنتاجات ممدوح عدوان وهي كثيرة جداً يلاحظ أنه كتب في العديد من أجناس الأدب والثقافة والفنون, إذ بدأ صحفياً وشاعراً, ثم مسرحياً وروائياً,  وكاتب نصوص نثـرية فضلاً عن مقالاته السياسية والثقافية والمسرحية, ومترجماً في ما يخص الواقع الثقافي الراهن من روايات ودراسات عن المسرح والأدب والنقد,
حتى أنه ترجم كتاب التعذيب في العصور, وهذا مؤشر واضح مدى اهتمامه بالواقع السياسي للوطن ولم يتوان إلا أن يشن معارك أدبية على صفحات الصحف والدوريات ومن خلال الفضائيات العربية. إذاً هو متعدد ومثقف شمولي لم يترك مجالاً إلا وكتب فيه, شارك أفراح المواطن المقهور, ودافع عنه, وتألم لمآسيه, ويرى أن كل فرد مسؤول بمقدار ما تحمل من الصحة,تحمل من إمكانية تمييع المسؤولية, ومن خلال الشعر الذي كان جنساً أدبياً محبباً إليه ولم يتخل عنه حتى آخر نتاجاته الأدبية, دخل عالم المسرح عندما كتب مسرحية«المخاض» الشعرية التي تناولت شخصية شاهين, الشخصية المعروفة في التمرد والمقاومة ويمكن للقارئ أن يجد ظلال هذه الشخصية في أجناس أدبية أخرى وبصياغات متعددة.في إطار المسرح الشعري, وفي إطار الصياغة القصصية والشعرية, وتحولت في ما بعد إلى فيلم سينمائي بعنوان الفهد. نشر ممدوح عدوان مسرحية«المخاض» أولى كتبه عام 1967, قبل الهزيمة, يتناول فيها شخصية شاهين التي وقفت ضد الإقطاع, إلا أنها هوجمت من قبل النقاد آنذاك لسبب أن التمرد والمقاومة كانت فردية وليست منظمة,لذلك رأوا أن استبدلوا عنوان المسرحية من المخاض إلى إجهاض. يقول عدوان في مقابلة له منشورة في الحياة المسرحية عن سبب كتابة هذه المسرحية الشعرية« منذ صغري كنت أحب التمثيل, وتحول هذا الحب إلى حب للمسرح, وفي الوقت ذاته كنت أرى نفسي شاعراً, وبما أن المسرح الكلاسيكي كان في معظمه مسرحاً شعرياً, فقد اجتمعت هذه العوامل لتغويني بكتابة مسرحية شعرية». وهي مأخوذة من الأغاني الشعبية, إلا أنه لم يستسغ المسرحية الشعرية فيما بعد رغم أن مسرحياته اللاحقة, تتضمن شعراً في بعض مقاطعها, ويضيف« نتيجة تجارب أخرى في الكتابة المسرحية وفي القراءات المسرحية وصلت إلى قناعة أن الشعر لم يعد يصلح للمسرح», فقد طرأت تغيرات على الأداء التمثيلي, و تطورات في مجال الكتابة المسرحية والعرض المسرحي مع إلحاق هزيمة 1967 بالعرب كان لابد أن تحدث متغيرات جديدة, فكتب مسرحيات نثرية لها طابع التجريب والبحث عن الأصالة والمعاصرة والاهتمام بالواقع اليومي للمواطن المسحوق حتى لو كان الحدث تاريخياً أو مستمداً من كتب التراث العربي أو العالمي, وبدأ يتحاور مع التجارب المسرحية العالمية, فالهزيمة أحدثت لدى جيل الستينات شرخاً في وجدان المثقف قبل أن يحدث في نفس السياسي والعسكري, وراح ممدوح كالآخرين يستلهم من التاريخ العربي وقائع مسرحياته بذهنية المختلف عن السائد والمعارض للواقع الراهن على خلفية الهزيمة, ويقدم مسبباتها ونتائجها, وكان من الضروري استنباط لغة جديدة تواكب الأحداث, فحاول الدخول إلى لغة المسرح وتغيير الخطاب المسرحي, وإعطائها الطابع الحركي والحيوي بدلاً من السقوط في فخ الشعارات الرنانة والتغني بالأمجاد الغابرة, والخطاب السياسي المباشر والوصف الشعري المسهب الذي كان سائداً, كما يلاحظ القارئ في المسرحية, وراحت أصابع الاتهام توجه إلى مسرحه, بأنه مسرح سياسي, ومدافع عن قضايا الإنسان المعاصر, وإن كانت اللغة السياسية هي الطاغية في نصوصه الأولى, إلا أنها كانت لغة يومية تمتلك دينامية الأحداث الساخنة التي كانت تشغله وتشغل أبناء جيله آنذاك, باعتباره كان ملتصقاً بالواقع السياسي الخارج من رماد الهزيمة والواقع الجماهيري العاجز الذي يسعى للخلاص من الظلم, وهذا يدل على شن معاركه الثقافية والسياسية في كل مرحلة على خلفية فهمه للمواضيع والأحداث السياسية والثقافية والاجتماعية.‏‏ تستفزه حادثة فيكتب قصيدة شعرية, تغويه فكرة فيكتب زاوية أو مقالاً صحفياً, تهزه ظاهرة فيكتب مسرحية عندما يجد أن المقال والقصيدة لم تف غرضه, فيبدأ بالبحث عن جذور الظاهرة ومفردات الشخصيات المتخيلة ويحول أحداث الظاهرة إلى نص مسرحي باعتبار المسرح أكثر استيعاباً, وأكثر استجابة للمتغيرات السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية.‏‏ ممدوح عدوان ينتمي إلى جيل الستينات الجيل الذي كان يحمل مشروعاً ثقافياً وسياسياً حيث كانت الستينات المرحلة الأكثر خصوبة في الكتابة المسرحية, واستقطب المسرح مثقفين وشعراء وروائيين إليه, وبات مركز الثقافة مع امتداد الوعي القومي والاشتراكي وتحرر الشعوب والاهتمام بقضايا عالم العربي, إلا أن الهزيمة أجهضت هذه المشاريع, وبات التمسك بالكلمة التي لها تأثير مباشر على المشهد المسرحي من مزايا هذا الجيل, حتى أن عدوان رمى بظلال أفكاره وذهنيته المنفتحة على العرض, ورفض تغيير مقولة النص, وتسلسل المشاهد أو حذفها أو تعديلها, , يقول إن«انتقال المسرح من كونه مسرح مؤلف إلى كونه مسرح مخرج ثم مسرح ممثل» هو الذي أدى إلى الأزمة التي نتلمس أثارها على الخشبات, وهكذا يسخر من التجارب المسرحية التي

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

برتولت بريخت والمسرح العراقي

برتولت بريخت والمسرح العراقي

د. عادل حبه في الاسابيع الاخيرة وحتى 21 من أيار الجاري ولاول مرة منذ عام 1947 ، تعرض على مسرح السينما في واشنطن مسرحية "المتحدثون الصامتون"، وهي احدى مسرحيات الشاعر والكاتب المسرحي الالماني برتولت...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram