TOP

جريدة المدى > ملحق اوراق > صناعة بن لادن ... صناعة الارهاب

صناعة بن لادن ... صناعة الارهاب

نشر في: 22 مايو, 2010: 04:40 م

علي عبدالسادةهل كان اسامة بن لادن يراقب تفجيرات الحادي عشر من أيلول، كما فعل العالم، عبر شاشات التلفاز؟ وان حدث ذلك بالفعل، بماذا كان يفكر؟. بهذا الاستفهام يستهل الصحافي المحنك جوناثان راندل حفرياته عن زعيم تنظيم القاعدة. كتابه الصادر عن دار النهار "أسامة.. السبيل الى الارهاب" بالامكان ان نعده اشتغالا بحثيا عميقا على طريق صعود رجل الاعمال السعودي منصة اهم شاغلي العالم.
 استخدم راندل لغة مشحونة بالعاطفة تتحكم بمفردات وتفاصيل الحدث الذي تستند عليه قصة اسامة بالنسبة للامريكيين، لقد اسهب في وصف حادثة تفجير البرجين قبل ان يفكك، مشككا، الدليل الامريكي على ظلوع بن لادن فيه؛ شريط فيديو راح راندل يدحض، يفتش عن صدقيته. يقول "انه من صنع الهواة"، لكن، في النهاية، اسامة يظهر فيه قبل عيد الميلاد باسبوعين، يتحدث عن المهمة لينطلق بعدها الرجل كزعيم راديكالي سلفي يقود جمهورا من المؤيدين، بينما هو يستثمر التكنلوجيا في مخبأ مجهول.ميلودراما السوادهكذا يصف راندل العالم بعد ظهور اسامة، ويواصل قراءته لتفاصيل الاعداد للحدث، بيد ان ما سطره الرجل، خصوصا عن الفترة التي تسبق تفجيرات برجي التجارة، تظهر جماعة القاعدة وكانها شلة من الستينيات تقود تحركات ثورية مسلحة. بن لادن، بحسب راندل لا يعرف شيئا عن التفجيرات سوى قبل ايام من وقوعها، بل انهم – المنفذون – جعلوه يستمع الى صوت ارتطام الطائرة المختطفة باحد الابراج عبر موجة مذياع خاصة.بن لادن يقول لضيوفه المفعمين بالفرح ساعة وقوع الحدث، وبعد سماع صوت الانفجار الاول:"مهلا، أصبروا .. ستسمعون المزيد".لكن بن لادن كان مُنظِماً دقيقا للمجاميع الانتحارية. كان قد جعل كلا منها في ظلام لا تعرف بوجود الاخرى، واستخدم ما توفر له من تقنيات حديثة للسيطرة عليها معا وادارتها بالطريقة التي افضت الى " نجاح" عملية أيلول.راندل قدم في كتابه هذا كيفية صناعة رجل مثل بن لادن، ورغم انه يذهب بين حين واخر الى مواضع امريكية داخلية معلقا على تأثير احداث ايلول على السياسة الامريكية، الا انه اجتهد كثيرا في ملاحقة اثر اسامة.انه يحاول ملء فراغ خلفه فقر المعلومات  عن الرجل، اضاء جوانب من حياته وشخصيته والعوامل والحوافز والمؤثرات التي دفعته ليصبح المطلوب الرقم واحد في كل دول العالم، مثيراً حوله الجدل لمعرفة أسراره، كما لم يفعل أحد من قبله. ولم يغفل راندل "الحماقات الامريكية" التي ساهمت في صناعة "القاعدة". وفي ذات الوقت يرى ان اسامة وجموعة المتطوعين الاوائل  في خطه – وكان حين اختارهم شخصيا القى فيهم خطابا باليمن – كلهم ضحية الخيبات في الشرق الاوسط. وهنا يعتقد راندل – من مجموعة خلاصات لقراءة كتابه المطول – ان التركيبة الاجتماعية الحضرمية – حضرموت – وتعرضه لتحولات اجتماعية ونفسية جعلت منه رجلا راديكاليا بخط سلفي ديني. لكن من المناسب هنا ان نمنح في هذا التعليق على هذا الكتاب نصيبا جيدا للجزء المتعلق بنشأة اسامة.rnحفريات في الماضييبدو لمن يقرأ كتاب راندل انه مشغول بخلفية الرجل كثيرا وراح يقتفي اثاره السابقة، حين كان رجلا عاديا، وكانت البداية من حضرموت، حيث يغادر محمد بن لادن (الاب) واثنان من اخوته، وكان الثلاثة عمال بناء متواضعين، قريتهم حصن باهشن في أقاصي وادي دوعان في اليمن أواخرَ عقد العشرينيات من القرن الماضي. يقول راندل ان الحضارمة الفقراء مشهورون بالترحال وقد أقامت جالية كبيرة منهم على مدى قرون في اندونيسيا التي كانت آنذاك مستعمرة هولندية. انضمّ الاخوة الثلاثة الى مجموعة من المسافرين في قافلة من الجمال اتجهت نحو جدة البوابة البحرية لمكة. كانت رحلتهم التي قطعوا فيها ما يقارب الف ميل من القساوة والخطورة بحيث قضى فيها نحبَه احد الاخوة الثلاثة، وحتى في العام 1999 تطلبت الرحلة من صيّون، كبرى المدن في ذلك الاقليم، الى باهشن اربع ساعات في سيارة رباعية الدفع على طريق صخريّ غير معبّد. كان محمد بن لادن – والد اسامة - رجلا طويل القامة داكن البَشَرة بَشِعاً لا يرى إلا بعين واحدة وكان أنقرَ الوجه (نتيجة مرض الجُدَري) أميا لا يعرف من القراءة والكتابة شيئا حتى أنه لم يكن يعرف كيف يوقّع اسمه. لكنه فرض احترامه عالميا على ما تمتع به من الاندفاع والجرأة اللذين لا يلينان. كان يجد متعة كبيرة بأن يثير دهشةَ مهندسيه الاجانب واستغرابَهم حين يحلُّ ذهنيا المسائل الحسابية المعقدة فيما هم لا يزالون في أخذٍ وردّ مع مسطرتهم المزلاجية. "كان أميا"، قال أحد المهندسين الفلسطينيين، "لكن كان في رأسه جهاز كومبيوتر". كان قد حقق شيئا من الشهرة وبنى اسما لنفسه بعد أن أنشأ عددا من القصور لافراد من العائلة المالكة، لكنّ الفكرة الاكثر ألمعيّةً التي خرج بها هي أن يقنع الملك، الذي كانت تدهمه السنون وينهكه داء التهاب المفاصل، بأن يبني له قصرا تستطيع فيه سيارة الملك أن تصل به من معبر انحداري خاص الى الطابق الأول فيترجّل منها على بعد خطوات من غرفة نومه. تقول الاسطورة إن عبد العزيز المتنبّه والشديد الحذر وافق على استخدام هذا المعبر لكن فقط بعد أن يسلكه بن لادن

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

دستويفسكي جوهر الروح الإنسانية

دستويفسكي جوهر الروح الإنسانية

لكن الفكرة المركزية التي سيطرت على دستويفسكي كانت الله والذي تبحث عنه شخصياته دائما من خلال الأخطاء المؤلمة والإذلال.يقول دستويفسكي على لسان الأمير فالكوفسكي في رواية مذلون مهانون (.... لكنك شاعر ,وأنا إنسان فان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram