TOP

جريدة المدى > ملحق ذاكرة عراقية > محمد القبانجي يرتجل قصيدة عن فيصل الثاني

محمد القبانجي يرتجل قصيدة عن فيصل الثاني

نشر في: 23 مايو, 2010: 04:27 م

ثامر العامريهناك قول مأثورمفاده:الشاعر يشعر بما لايشعر به سواهوالشاعر عندما يمتلك موهبة الغناء، يكون دقيقاً في اختياراته ومتحفظاً الى ابعد الحدود بانتقاء القصائد الشعرية.
الاْستاذ القبانجي ، شاعر ومطرب يمتلك الموهبة الخصبة في الاختيار من مصدر القوافي التي يكتبها غيره من الشعراء وقد قالوا قديماً(يكاد المطرب ان يكون شاعراً) والقبانجي بحكم اصالته وحبه للغناء وهبه الله موهبة القوافي فكان لا يختار من الشعر إلا احلى الكلام.ومن الذين غنى لهم الاستاذ القبانجي من الشعراء الخالدين شعراء العصر الجاهلي وعصرالاسلام والعباسي ومنهم جميل بثينة ..الذي قال في حبيبته بثينة.لكل حديث بينهن بشاشة / وكل قتيل بينهن شهيدكان القبانجي ذواقاً في اختياراته للقصائد التي يراها تصلح للغناء في دواوين الشعراء القدامى والمعاصرين له، وذكياً في تغيير الجمل التي يعتقد انها ناشزة اوجارحة للاذن ويضع مكانها جملة شعرية موسيقية تضفي شيئا من الجمالية على جو الاغنية وهو الشاعر المثقف الذي يجيد صياغة الكلمات الشعرية، وهو الذي يدرك جيداً، ان ليس من مهمة الشاعر ان يرصف الكلمات على الورق كما يرصف الحجر على الارض وانما مهمة الشاعر اشبه بمن يدخل الى خميلة وارفة الظلال ينتقي اشذى واجمل ما فيها من ازاهير نعم هذا هو الاستاذ محمد القبانجي وهذه هي اختياراته الواعية منذ وضع الخطوة الاولى في طريق الفن والغناء، فقد كان ينتقي اغانيه من عيون الشعر العربي ومن ارشق القصائد المهيأة للغناء من دواوين الشعراء امثال (ابن الفارض –وابن زريق البغدادي –وعبدالغفار الاخرس –ومحمد سعيد الحبوبي –والسيد حميد الحلي –وعبد الباقي العمري-ومعروف الرصافي ، وعبد الرحمن البنا – والشيخ علي الشرقي والشيخ محمد رضا الشبيبي وعباس العبدلي –وعبد السلام حلمي –ومحمود الملاح – وخضر الطائي)اما بالنسبة لشعبياته الغنائية فقد استفاد من الحاج زاير الدويج واقتطف منه مجموعة من الزهيريات التي وجد فيها نفساً شعرياً ولمسة غنائية كما اختار من اشعار الملا عبود الكرخي وملا منفي العبد العباس الذي يعتبره القبانجي قمة في شعر الابوذية والموال.اما شعره هو بالذات فقد غنى الكثير من (الزهيريات والابوذيات والدارميات وبعض المقامات التي تؤدى بالشعر الفصيح وكذلك البستات البغدادية) مضافاً لهذا الابداع حالات الارتجال السريع وامام الجمهور يعطيك شعراً موزوناً لاغبار عليه من حيث الفكرة والمضمون والصورة الشعرية الجميلة ونذكر هنا على سبيل المثال لا الحصر ففي حفلة تتويج الملك فيصل الثاني قال:rnواليوم انشد في المليك مدائحي..............في فيصل الملك العظيم الثانييوم اغر فيه توج فيصل..............تاجاً سما فخراً على التيجانِوالمرتجى للنائبات ليعرب.............ابن النبي المصطفى العدنانيrnكان هذا من مقام الجمال وخلال هذا الاحتفال بتتويج الملك فيصل بتاريخ 4 مايس عام 1953 نادى رئيس الوزراء انذاك نوري السعيد، على عريف الحفل المذيع الاستاذ محمد علي كريم وهمس بأذنه: ان الملك فيصل الثاني امر بتكريم الاستاذ محمد القبانجي وسام الرافدين من الدرجة الثانية وطلب منه الاعلان عن هذا التكريم. فأسرع الاستاذ محمدعلي كريم الى (الميكرفون) ليعلن للمدعوين تكريم القبانجي بالوسام المذكور، وفي هذه الاثناء كانت الفرقة الموسيقية ما زالت على المسرح فما كان من القبانجي إلا اْن يمسك (الميكرفون) بعد الاعلان عن تكريمه مباشرة وأرتجل مغنياً من مقام الدشت ابياتا من الشعر مطلعها:rnلأن حليت صدري في وسام....................كان سنانه بدر تمامفلي ياسيدي شرف عظيم..................يحليه رضاؤك والوسامrnوقد ادهش الحاضرين لسرعة البديهية الشعرية التي يمتلكها وبعد الانتهاء توجه نحوالشاعرين محمد رضا الشبيبي والشيخ علي الشرقي مستفسراً منهما عن الابيات التي ارتجلها بقوله انقذني يا شيخ. فقالا له حسناً فعلت ولم تخطئ ابداً فأبياتك كانت مقفاة وموزونة وهي من بحر الوافر ومن ارتجالاته في الشعر انه في عام 1948 حضرالاربعينية التي اقامها الشباب القومي على مسرح قاعة الملك فيصل (قاعةالشعب حاليا) على ارواح شهداء انتفاضة معاهدة (بورت سموث) وحينما كان القبانجي يؤدي وصلته التأبينية دخل عبد الاله الى القاعة وكان وقتها وصيا على العرش ارتجل القبانجي كعادته في الارتجال الآني ابياتا من الشعر بدأها قائلاً:خذ من سير الامير...وكانت هذه الابيات مفاجأة للحاضرين الذين ادهشتهم قدرة القبانجي وسرعة بديهيته حتى في اصعب الحالات التي يكون معها الارتجال ضرباً من المستحيل.

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

مقالات ذات صلة

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

هل كانت ثورة 14 تموز في العراق حتمية؟

د. عبدالخالق حسين لو لم يتم اغتيال ثورة 14 تموز في الانقلاب الدموي يوم 8 شباط 1963، ولو سمح لها بمواصلة مسيرتها في تنفيذ برنامجها الإصلاحي في التنمية البشرية والاقتصادية، والسياسية والثقافية والعدالة الاجتماعية...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram