الحلقة الثالثة زهير كاظم عبودالوثيقة رقم (12) المملكة العراقية البلاط الملكي الساعة الثانية عشرة ظهرا ، البلاطالتقيت ظهر اليوم باستاذي حامد الصفار، الشاعر والاديب، والمحدث اللبق.
لقد تاثرت بالصفار كثيراً، وكان له التأثير الكبير على توجهي الثقافي وقد تمنيت ان يستمر معي واتلقى منه مزيدا من المعرفة ولكن ليس كل ما يتمناه المرء يناله. عند لقائي اليوم معه تبادلنا الاحاديث الجميلة وعند انتهاء مقابلتي معه قدمت له مسدسا نوع برونيك فأخذه على مضض لأنني اعرف بأنه يمقت السلاح اقتناء ومشاهدة وحمل (وحملا).. وكان برفقة استاذي الذي احمل له ودا خاصا وحبا شديدا وهو الاستاذ كاظم الدجيلي والذي لي معه مواقف ومواقف ظريفة. وقدمت له هدية ايضا ، لقد كان اليوم حافلا بلقاء الاعزاء. التوقيع الملك غازي الاول ختم البلاط الملكي 16/تشرين الاول/1934 rnالتعليق:عرف عن الملك غازي الوفاء واحترام معلميه، ويدل تواصله معهم وسؤاله عنهم برغم مشاغل الحكم دليلا على تلك الخصال. ويذكر العديد من الكتاب صورا عديدة عن احترام الملك غازي لمعلميه واساتذته، ومتابعته لهم ومقابلاته معهم. نشرت جريدة المدى من ذكريات فؤاد عارف المرافق الاقدم للملك غازي بحثا بعنوان (فؤاد عارف يتذكر...عندما كنت مرافقا للملك غازي) نشرت بتاريخ 22/شباط/2008، يذكر فيه: اللواء فؤاد عارف عمل في الجيش اكثر من نصف قرن وهذا الموضوع نشر في مجلة افاق عربية عام 1977 يروي فؤاد عارف ذكرياته مع الملك غازي فيقول: على نمط السلطان عبد الحميد الثاني افتتح الملك فيصل الاول دورات يقبل فيها ابناء العشائر بالمدرسة العسكرية حتى اذا كان الطالب لايحمل شهادة مدرسية سوى انه يعرف القراءة والكتابة لقد كان غرض السلطان العثماني، من وراء ذلك هو تاليف قلوب الرؤساء على الولاء له باحتضانه ابناءهم وبالتالي كسب اولئك بعد ان يشتد عضدهم الى جانب الدولة وبعد ان يصبح ابناء الرؤساء رؤساء مثل ابائهم في عصر كان للاسر وارثها دور اساس في السياسة والادارة والحزب. مع اننا لايمكن ان نسلم بتشابه ظروف العصرين عصر عبيد الحميد في الاستانة وعصر فيصل الاول ببغداد في التقدم والتحضر وتفشي الاراء الحديثة، الا اننا لايمكن ان ننكر ما كان لرؤساء القبائل من دور فعال في السياسة العراقية طوال العهد الملكي وقد استفاد الملك فيصل الاول نفسه من ذلك التقليد العشائري عندما استفاد ابنه الشريف غازي بن فيصل بانتسابه للمدرسة العسكرية العراقية وهو لايحمل اية شهادة مدرسية. المعروف ان الشريف غازي لم يتلق تعليما منظما بسبب ابتعاد ابيه عن الاشراف على تربيته اشرافا مباشرا فقد اضطلع الرجل بمهمات جسام منذ ان اعلن الشريف حسين بن علي الثورة العربية في 9 شعبان ضد العثمانيين وكان فيصل لايرى ولده الوحيد غازي الا بين الحين والاخر، ولم يكن الامير الصبي يستقر الى جنب ابيه الا وهو في الثانية عشرة من عمره في بغداد عام 1924 ، وليس معنى ذلك ان الاسرة الهاشمية وعلى رأسها الملك حسين في الحجاز، قد اهملت تعليم الشريف غازي اهمالا تاما، فمما يذكر ان للاسر الحجازية الشريفة تقاليدها العريقة في تعليم ابنائها على النهج السائد في كل عصر حيث تعلم غازي القراءة والكتابة على يد الشيخ ياسين البسيوني ، وتعلم القران الكريم وبعض العلوم الدينية على يد الشيخ حسن العلوي، الا ان والدته اولدت ابنها الوحيد الذي جاء الى الدنيا واولته حبها الشديد، وربما كان يولد بها لتخلص من عنت المعلم وقسوة المربية، وقد اقلق والده الملك وهو يرى تخلف ولده الذي سوف يرث عرشه في النواحي العلمية والثقافية، ما يجعله غير مؤهل تماما للمنصب الذي سوف يشغله ، وهو منصب الملك. لم يقف الملك فيصل الاول مكتوف اليدين ازاء هذه الظاهرة بل بادر الى اخضاع ولده الى اختبارات مطلوبة للتأكد اولا من سلامته العقلية بايلوجيا، اذ ان اي اجراء تربوي يمكن ان يجري فيما بعد ولابد ان الملك فيصل الاول قد تنفس الصعداء عندما جاءته النتيجة الايجابية من هذه الناحية، ويمكن ان يتصور مدى ارتياح الملك اذا ما علمنا انه قد فاتح المربي المعروف الاستاذ ساطع الحصري بانه لايمانع من حجب منصب ولي العهد عن ابنه الشريف غازي اذا ثبت لديه انه غير مؤهل الى اشغال منصب الملك فيما بعد، ومن اجل هذا التأهل انتقلت المعضلة من الملك الوالد الى الحكومة التي كانت مؤلفة برئاسة ياسين الهاشمي، فقرر مجلس الوزراء في 6 تشرين الاول عام 1924 تشكيل لجنة وزارية مؤلفة من الاستاذ رشيد عالي الكيلاني وزير العدلية والشيخ محمد رضا الشبيبي وزير المعارف، وساسون حسقيل وزير المالية، لوضع الطرائق والاساليب التي يجب ان تسير الحكومة عليها في امر العناية بالامير غازي، وقد استطاعت اللجنة وضع خطة جديدة بهذا الخصوص اوكل الملك امر تنفيذها الى العقيد طه الهاشمي في تشرين الثاني عام 1924، فتم اختيار افضل المعلمين، في نظر مدير المعارف العام ساطع الحصري وكذلك في نظر العقيد طه الهاشمي، فاخذ الشيخ منير القاضي معلم اللغة العربية في المدرسة العسكرية يدرس الامير اللغة العربية والعلوم الدينية، وعز العالم الديني يدرس
من أوراق الملك غازي
نشر في: 23 مايو, 2010: 04:28 م