تمر هذه الايام ذكرى احداث مايس 1941 والتي احدثت صداما بين بريطانيا وحكومة الدفاع الوطني برئاسة رشيد عالي الكيلاني .هذه الصفحات تسلط الضوء على نظرة البريطانيين للاحداث انذاك. خلال الاربعة عشر عاما التي اقامها في العراق من قبل قد ارتبط بصداقة متينة مع كثير من وجوه العراقيين
ولكن وجود رشيد عالي الكيلاني في الحكم لم يستطع احد منهم ان يجازف فياتي لزيارته وبانعزاله هذا لخص الموقف الى حكومته واشار اليها بوجوب ارسال الجيوش الى العراق والافان البلاد ستقع في قبضة الالمان فتبودلت البرقيات المستعجلة بين لندن ودلهي الجديد ة وبالنظر لان الالمان كانوا يشقون طريقهم عنوة الى بنغازي ويندفعون نحو اثينة ولما كانت رابطة الجيوش البريطانية محصورة في كفاحها من اجل الحبشة ، rnولما كان الخطر في الشرق الاقصى يتعاظم يوما بعد يوم فقد كانت في (كراتشي) قوة عسكرية يقودها امير اللواء (و.ك) تتألف من لواء المشاة الهندي العشرين والجنود الملحقين به مع كتيبة مدفعية الميدان في طريق ابحارها الى بلاد الملايو فتقرران تتجه في ابحارها نحو العراق وشحنت في الوقت نفسه طائرات الفلانشيا الى البصرة ويتحتم بموجب المعاهدة العراقية -البريطانية لسنة 1930 على صاحب الجلالة البريطانية ان يقوم باخبار ملك العراق عن رغبته في انزال جنود بريطانيين الى البر العراقي ولما كان الوصي على عرش العراق عبد الاله في حالة تشبه النفي لم يسع السفير البريطاني تنفيذ هذا الالتزام الا بالتعامل مع رشيد عالي الكيلاني نفسه لكونه صاحب السلطة بموجب الامر الواقع فلم يكن رشيد عالي الذي كان على علم تام بالمعاهدة الا ان يوافق على نزول اللواء الاول من القوات البريطانية وعندما اخبر عن وصول لواء اخر اخذ يحتج مفيداً ان اللواء الاول يجب ان يكون قد تحرك خارجاً الى الجهة التي يقصدها قبل نزول اللواء الاخر من القوات المذكورة ، كان رشيد عالي يعرف معرفة تامة ان البريطانيين لم يكن لهم ما يكفي من القوة المسلحة ليقاتلوا في العراق وكان الوضع يحتم عليه لاول وهلة ان يطلق الجيش من عنانه في الحال فيخرج البريطانيين من البلاد . وصل اللواء الثاني الى البصرة من الهند يوم 28 نيسان وبدأت في 29 منه وحدات الجيش العراقي بالتحرك من معسكر الرشيد ببغداد الى اجراء التدريب في الحبانية وكان من الحقوق التي منحت لبريطانيا في معاهدة 1930 قيام القوة الجوية الملكية بانشاء محطات الطيران واستخدامها عند الحاجة وكانت الحبانية احدى تلك المحطات. احتلت القوات العراقية الهضبة المشرفة على الحبانية وكانت تتالف من لواء مشاة ولواء مدفعية و (13) سيارة مصفحة.اما القوة البريطانية فكانت تتالف من 1300 رجلا من شبانة القوة الجوية و 18 سيارة مصفحة قديمة وعلى هذا فقد كان وقوف هذه القوة الدفاعية امام اللوائين من قوات رشيد عالي المجهزة باحد انواع المدفعية وسائر الاسلحة شيئا اشبه بالمزاح المحض وعلى هذا لم يكن الدفاع عن الحبانية شيئا معقولا اذا اخذنا بنظر الاعتبار جميع نواحي العلوم العسكرية . امر قائد القوة العراقية متجاهلا المعاهدة العراقية - البريطانية القوة الجوية الملكية في الحبانية بالكلف عن اجراء التدريب ورفض امر بالكف عن التدريب على الطيران رفضا تاما وقامت الطائرات باستعراض متعمد يضاف الى ذلك ان قوات رشيد عالي اخبرت بان وجودها على تلك الهضبة يصعب تفسيره بغير اعلان الحرب وطلب اليها القيام بمناوراتها في مكان اخر فرفض هذا الطلب بالمقابل ، وعندما بزغ فجر اليوم الثاني من مايس 1941 كان الجيش لايزال مرابطا في مكانه فصعدت طائرات تدريب القوة الجوية الملكية الى الجو وانتشرت فيه وهي تحمل القنابل وفي الساعة الخامسة والدقيقة الخمسين من ذلك الصباح اسقطت اول قنبلة فوق الهضبة وفي ظرف دقائق دوت في الجو القذائف التي اجابت على القنبلة . وقد وقعت المعجزة في الحبانية بفضل البرود والتروي والعمل الشاق المتواصل والفطنة التي لاقياس لها.فقد كان هناك ضباط يفهمون طبيعة الحرب وقد ادرك هؤلاء ان سقوط المعسكر بيد العدو غدت قضيته قضية وقت لاغير وكان خزان الماء العالي اذا ما اصيب بقذيفة فان الموت البطيء للمحطة يبدأ بصورة لامناص منها وكان من المحتمل ان تتعرض المحطة الى هجوم مباشر تشنه قوات العدو في اي وقت كان حيث ان الوية رشيد المجهزة بالمدفعية الكثيرة والدبابات عندما تقرر الزحف لاكتساح الابنية والمعسكر سيؤدي ذلك الى التسليم بل الى دنو النهاية . شرع الطيارون الانجليز ينقضون على المطارات التي كانت تصعد منها الطائرات المعادية لتشترك في المعركة ، كانت بعض مدافع العدو في اليوم الاول تقلق المحطة من الجانب الاخر من نهر الفرات فعبر فصيل احدى السرايا الكردية النهر العريض سريع الجريان بزورق بخاري قديم وهاجم تلك المدافع عبر ارض مكشوفة كان يغمر قسما منها الماء فاوقع جنود هذا الفصيل برجال مدفعية العدو المذكورة حوالي 30 اصابة قبل ان تضطرهم نيران الرشاشات على النكوص وبعد ايام عدة استولت دورية في شمال النهر على سيارة للعدو وفي هذه المرحلة اخذ العدو يبدي حذرا متناهيا من دوريات الشبانة فبادر الى اخلاء مراكزه الامامية اثناء الليل .عند بزوغ الفجر كانت ارض الهضبة خالية
من ملفات السفارة البريطانية في العراق .. معركة الحبانية عام 1941
نشر في: 23 مايو, 2010: 04:31 م