بغداد/ المدى الثقافيفي واحدة من الأصبوحات المتميزة التي نظمها بيت الشعر العراقي ببغداد، احتفى مؤخرا بمقهى حسن عجمي في شارع الرشيد وبشعرائه ، باعتباره يمثل جزء من تاريخ الثقافة العراقية وذاكرتها، حينما كان محطة مهمة للقاء مثقفين وشعراء ومنبرا لاطلاق مشاريع ثقافية بدأت من زوايا هذا المكان الذي لم يعد كذلك اليوم محتفظا برونقه وألقه القديم.
اصبوحة (شعراء حسن عجمي) التي نظمت بحضور الكثير من المتابعين من الادباء والفنانين، كانت تهدف الى التذكير باهمية المكان بالنسبة للمثقف واعادة الأضواء الى طقس المقهى وما يتصف به من خصوصية، ليفتتحها الشاعر زعيم النصار متحدثا عن المقهى وحضوره منذ ثلاثيات القرن الماضي، وشخوصه الذين لازموه. واشار النصار الى " ان مقهى حسن عجمي يعد مقهى فلكلوريا فيه من روح الشرق مايمكّن السواح الأجانب المرور به، والتقاط الصور لنادله أبي داود الذي قال ذات مرة متندرا:" ان صوره وصلت الى كل بلدان العالم ولكن لاقبض هناك :"وشنو القبض". بعدها تحدث النصار عن "القصيدة الثمانينية التي نضجت وتبلورت ونشرت في هذا المكان الذي استوعب ستين شاعرا في ذلك العقد من القرن الماضي". واعقب التقديم قراءات شعرية بدأت مع الشاعر نصير غدير، بقراءة قصيدة حملت عنوان "عن كلِّ هذا وذاك"، والتي جاء فيها: بكلام الواحد للواحدِ،/عن الواحد ، والكثيرِ، وعنكم،/وعن هؤلاء،/وعن كلِّ ما يمضي،/وما لا يبرحُ،/تنقرينَ بإصبعِكِ/على طرَفِ أذنِي،/فأ سهبُ في إثارةِ المشكلات،/وتنطفئُ كلّ كلمةٍ سعيدةٍ/في المصباح.". بينما قرأ الشاعر حميد قاسم قصيدة حملت عنوان "أجلس في الحديقة، وأفكر"، والتي يقول فيها: لماذا، يشعر،/كلّ من ينظرُ إليّ./إنه، يحدقُ في هاوية؟/ماذا حدث لهذا المكان../قبل أن يهبط َ الغروبُ المذهّبُ على قباب بغداد؟موانا ألعبُ في ممرِ الحديقةِ، وأفكرُ:أهكذا ينهمرُ الذبابُ فوقنا ". الشاعر باسم المرعبي الذي شارك في الاصبوحة،اذ بعث الى المحتفين بمقهى حسن عجمي بشهادة عنوانها "حسن عجمي..صورة مقهى أَمْ صورة مدينة"، قرأها بدلا عنه الشاعر زعيم النصار و ذكر فيها: " عندما نستعيد هنا مقهى مثل مقهى حسن عجمي فاننا نستعيد صورة بغداد، بشكل ما، أليس في المآل الذي يحياه هذا المقهى الآن مصداقاً لقولنا فهو يشبه بغداد في تعثّر ضوئها وتشتّت روادها... استعيد الآن الحماس الكبير في النقاشات والإصغاء والجدل. الحماس في العلاقات والآصرة القوية بين رواد المقهى من الأدباء أو حتى من قراء متحمسين كان شغفهم يقودهم الى حسن عجمي للتعرف الى شعراء وقصاصين أو عاملين في الصحافة الثقافية ". في حين شارك القاص علي السوداني في الاصبوحة، بارساله شهادة من عمان هي جزء من كتابه "مقهى حسن عجمي" جاء فيها:" ثمة شعراء وكتاب مخابيل كانوا من أثاث المقهى وليس بينهم خضير ميري طبعاَ . أمامي اللحظة تبرق وتشع وجوه حامد الموسوي ورياض عبد الكريم وعدنان العيسى وجمال حافظ واعي وصباح العزاوي". ختام الأصبوحة كان مع الفنان ميمون الخالدي، الذي قدم مسرحة لقصائد: زاهر الجيزاني، خزعل الماجدي، سلام كاظم، نصيف الناصري ، مبتدءا بمقطع من قصيدة (شباط) للشاعر الماجدي:" أصيحُ على قاطعات الأيادي /ألم يك مروان يوسفكنّ الجميل؟ /إذن أين ضاعَ؟ /وأيّ الذئاب سبتهُ؟ /أصيحُ على الجُب /كيف احتويتَ رصيعاً من الماسِ؟ /كيف لثمتَ مفاتنهُ؟ /أيداه مقيدتان ! /هل يتقيدُ نبعٌ؟ /وهل سنابلهُ انفرطت قبل حين؟ ...". بينما قرأ من قصيدة (مرثية إلى جان دمو ) للشاعر نصيف الناصري :" لا يوجدُ حارسٌ لحمايةِ جثتكَ يا جان دمو... أنت الأكثرُ شبَهاً بالشّيطان/كنتَ رجلاً مريضاً على الدوام تبكي كلَّ يومِ أحدٍ عندما تشاهدُ نفسَكَ في التلفاز/ولكنني الآن أبكي حداداً عليك البكاء يغسلُ الأحقاد /موتكَ كانَ له أثرٌ بالغٌ في مسارِ الشعر الحديث.".
شعراء مقهى حسن عجمي.. استعادة المكان بهيبة القصائد
نشر في: 23 مايو, 2010: 05:20 م