نظام ماردينيفي السابع من آذار تلونت أصابع العراقيين باللون البفسجي، مثبتة أن العراق واحد رغم الموزاييك الطائفي، تلك الطائفية التي أرادت أن تقتلع جذور الناس وتبني على جماجمهم صرح الفيدراليات والأقاليم العنصرية. لكن ماذا أفرزت انتخابات آذار؟
كانت هذه الانتخابات فرصة مصيرية وتاريخية تذكر بمعاهدة سايكس بيكو، لكن استحضار العراقيين لحظتهم التاريخية المستندة الى ارثهم وحضاراتهم ومواقفهم الوطنية هو من افشل مؤامرة تقسيم وتقزيم العراق، وبقي العراق الحقيقة الكبرى (....). أجمع معظم المراقبين الدوليين والمحليين على صعوبة المرحلة التي تلوح في الافق في ما يتعلق بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة بعد أن تمخضت الانتخابات التشريعية الاخيرة عن نتائج أولية تشير الى تفوق كتل كبيرة. ولعل المشهد الأوضح الذي أعقب الاعلان التدريجي لنتائج الاقتراع يتمثل بالصدمات المتلاحقة التي تعرضت لها بعض الاحزاب والتجمعات والائتلافات(...). ولعل ابرز الملفات الداخلية التي تواجه الحكومة المقبلة هي:- البطالة وتوفير فرص العمل. - فتح ملف الفساد المالي والإداري الذي ينخر في جسد الدولة العراقية. - العمل على تنويع مصادر الدخل وموارد الدولة العراقية التي تعتمد على النفط بنسبة مئة في المئة. - سن قانون خاص للقطاع النفطي الذي لم يتم إقراره حتى الآن. وهو قضية لا تزال محل خلاف بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومات الإقاليم. - الاهتمام بملف المصالحة الوطنية بعدما بدت آثاره السلبية واضحة في الانتخابات. لكن من الضروري أن يكون تحديد مفهوم المصالحة الوطنية أكثر أهمية من البدء في هذه العملية. - إلغاء مصطلح المحاصصة من القاموس العراقي، لأنه يجعل من الصعوبة بمكان اتخاذ قرارات دون الرجوع إلى الأطراف الأخرى. الملفات الخارجية تواجه الحكومة المقبلة مشكلات خارجية لا يمكن النظر إليها بمعزل عن الملفات الداخلية، بل نجدها متداخلة معها في كثير من الأحيان.فمشكلة المياه علي سبيل المثال مع كل من إيران وتركيا وسوريا سوف يكون لها أثر كبير على طبيعة العلاقات بين العراق وهذه الدول المجاورة. ومن المتوقع أن تكون في صدارة الملفات التي سوف تناقشها أي حكومة عراقية مقبلة إلى جانب الملف الأمني والذي تعاني منه كل الدول الإقليمية. لكن يبقى هناك قلق لدى العراق من تطور الصراع الأميركي الإيراني وانعكاس هذا على الداخل العراقي، لا سيما أن العراق ساحة مفتوحة لأطراف دولية عديدة، وهو ما يجعل وقوف العراق على الحياد أمراً في غاية الصعوبة، ويحتاج إلى حكومة عراقية مقبلة قادرة بقيادتها الجديدة أن تكون لديها حنكة سياسية كي لا تكون على مسافة واحدة من طرفي الصراع، أحدهم جزء أساسي من المنطقة، والآخر دخيل. لذلك لا يمكن للعراق ان يبقى حيادياً تجاه الصراع القائم، فاقتصاده قائم على ما سيقرره سير الصراع بين إيران واميركا وحلفائهما في المنطقة والعالم. ولتحقيق هذه العلاقة المتوازنة يجب على هذه الحكومة الموازنة بين ملف الديون العراقية والاستثمارات الأجنبية فيه. فمعالجة قضية الديون المتبقية على العراق تشكل عاملاً سياسياً واقتصادياً مهماً قد يغير شكل العلاقات الدولية في المنطقة إذا ما تم بخطوات محسوبة ومدروسة. لا شك في أن مهمة الحكومة العراقية المقبلة في معالجة كل هذه الملفات صعبة وأحياناً مستحيلة لا سيما أنها مرتبطة بشكل البرلمان المقبل وتوزع الكتل فيه وشخصية رئيس الحكومة. أهو أياد علاوي أم نوري المالكي؟ أما إذا كانت الحكومة حكومة محاصصة، على الطريقة اللبنانية، فهذا يعني دخول البلاد في مرحلة من الغيبوبة السياسية لا سيما أنه من الصعب جدا ً إيجاد صيغة توافقية بين القوى المتنافرة (....) وهو أمر يتخوف منه البعض لأنه يعني تشتتاً واضحاً في سياسات العراق الداخلية والخارجية.
العراق ما بعد الانتخابات.. قنابل داخلية وخارجية موقوتة
نشر في: 23 مايو, 2010: 07:12 م