كربلاء/المدى مكان تتجمع فيه نسوة قادمات من كل مكان من محافظة كربلاء،وبعضهن يأتين من محافظات أخرى ليجمعن محصول نخيل فيطلق عليهن"الطواشات"من اجل محصول يكفي معيشة عوائلهن لايام معدودة. بعضهن في مقتبل العمر كما تقول أم محاسن، وتضيف أن بعضهن أيضا تتباين أعمارهن فمنهن الكبيرة والمتوسطة العمر إضافة إلى الأرامل والمطلقات.
نساء يفترشن ساحة ما بين الحرمين على شكل مجاميع ثم يتجهن إلى منطقة باب بغداد وهو مكان التجمع المعروف الذي يقوم فيه أصحاب البساتين بالاتفاق معهن واصطحابهن إلى البساتين المعنية حيث يقمن بجمع التمر بعد فصله على شكل أكداس ويضعنه بعد ذلك في أكياس ليتم بعد ذلك بيعه وتصديره وكثيرات منهن ليس لهن معيل ولا مساعد ومن بينهن من تتكفل بمعيشة أطفالها تقول احدى الطواشات:من اجل أولادي اعمل في أي مكان حيث أوفر لهم مردودا يسد بعض نفقات العيش والدراسة إلى أن يصبحوا رجالا يعتمدون على أنفسهم. والبعض الآخر من العوائل المهجرة فضلت نساؤهن العيش والعمل في هذه المهنة لانها وفرت لهن فرص العمل،البعض من هذه العوائل في خيام على أطراف المدن أو أكواخ ويعيشون على شكل مجاميع. جمع سعف النخيل مهنة أخرى تتضمن جمع بعض سعف و(عكوس) التمر ويسمى الحطب واستخدامه للتنور في الخبز حيث تقوم بعض النساء بعمر الربيع بجمع الحطب يحملن الحطب على أكتافهن إلى الطرق الرئيسية لبيعه على شكل شدات صغيرة الحجم. تقول أم احمد: كنت أتولى مسؤولية بيع الجريد بنفسي بعد جمعه لان ما احصل عليه بالكاد يسد رمق من هم بمسؤوليتي وهذه معاناة قد لا يتصورها حتى الزوج في حين قالت سلمى: أنا يائسة وأريد زوجا ينقذني..وربما لأني اعمل بهذا (الكار) فلا احد يتقدم لخطبتي فأيادينا سال منها دم الشوك ووجوهنا تجرحت وضاع جمالنا بقساوة هذه المهنة.مهنة أخرى شاقة جدا اختصت بها النساء، حيث معامل الطابوق التي تقابل مجمع جريد النخيل واغلب العاملات فيها نساء في مختلف الأعمار توارثن المهنة عن ذويهن ويسكنن بالقرب من المعامل في بيوت بائسة، والعمل في هذا المجال صعب جدا إذ يقمن بعمل القالب وتفريغه بعد أن يجف وجمعه على شكل خطوط طويلة جدا حتى يجف تحت أشعة الشمس المحرقة وبعد ذلك يقمن بتحميله في عربات تسحبها الحمير التي تذهب وتأتي وحدها من مكان المعمل إلى مكان التفريغ. وأصعب ما في هذه المهنة هي (الشاعول) وهو الذي يوقد النار في الفرن الأرضي الذي تعلوه ما تشبه المنارة والتي تسمى مفخرة فهن على تماس مباشر مع النار وأصبحت بشرتهم سوداء نتيجة الدخان الأسود المتصاعد من الأعلى والأسفل. تقول إحدى العاملات: إن العمل في معامل الطابوق يشبه العمل في جبهة الحرب التي عشتها مع زوجي في ثمانينيات القرن الماضي فحين كان زوجي في لهيب الحرب يتنفس البارود غير راض وجاء أكثر مرة جريحا وكاد يقتل فانا كذلك لا أتنفس إلا الدخان الأسود والطابوق الذي يتساقط على أرجلنا ورؤوسنا ونكاد نموت بين لحظة وأخرى لكنها متطلبات المعيشة لأننا نحصل من وراء هذا العمل على مال حلال. فيما تقول مهدية الشابة التي يبرز جمالها من خلال سخام النفط الأسود كلاما يشبه تلك الشابة التي تجمع جريد النخيل..ربما وحده الزواج ينقذنا من هذا العمل ولكن من يتزوجنا غير عمال في الكار ذاته؟ وتضيف..انه عمل مرهق تماما لا يقوى عليه الرجال الأقوياء ولكنه مقسوم لنا نحن الشابات ولو كنا متزوجات لهان الأمر كثيرا.جمع الحرمل مهنة أخرى، وهي جمع هذا النبات الطبيعي، وعملية جمعه مزعجة حيث ترى النساء قد تقوست ظهورهن من فرط الإنحناء إذ يجمعنه ويضعنه في أكياس بعد تنظيفه من القشور، ويكثر هذا النبات على حافات الطرق الريفية وخاصة حافات المبازل والأنهر والمناطق المالحة والتي يستطيع العيش فيها وبعد جمعه يتم بيعه بكميات كبيرة حسب الطلب، كما إن هناك الكثير من الفتيات استفدن من الحرمل وذلك بحمل منقلة صغيرة فيها فحم ومسك ويقفن في تقاطعات الطرق وتقوم بتبخير السيارات والمارة مقابل مبلغ زهيد من المال.. تقول إحدى العاملات في هذا الكار. ونحن نجمع الحرمل من أكتاف الأنهر البعيدة والمبازل المالحة وهذا العمل يحتاج إلى صبر وخبرة ودقة وقوة ومعرفة لان الحرمل لا يعني أن تجمع فتات التراب بل ان تجد ما ينم على انه حرمل يمكن أن يعطي للزبائن رائحة طيبة..وتشير إلى إن الحرمل طارد للشياطين وحسد الحاسدين ولكنه لا يطرد الفقر عنا ولا يمنع عنا العمل في هذا الكار الذي لا تستطيعه غير النساء.
"الطواسات والشاعول وجمع السعف"مهن للرجال تمارسها النساء
نشر في: 23 مايو, 2010: 08:19 م