TOP

جريدة المدى > غير مصنف > حكاية العالم الغريبة

حكاية العالم الغريبة

نشر في: 25 مايو, 2010: 06:07 م

الكتاب: الحرية في اثنين وخمسين درساً تأليف: جونفيف بريساغترجمة: إيمان قاسم ذيبان   كرست المؤلفة (جونفيف بريساغ) حبها الأدب في اثنين وخمسين قصة دقيقة ومعبرة لتوجه دفة الكلام إلى النساء على وجه الخصوص. من المعروف عن بريساغ أنها امرأة ذات فكر مستقل على الرغم من عملها ناشرة (كونها اختصاصية في أدب الفتيان) وروائية وكاتبة دراسات ومحررة مقالات في العديد من الصحف، لاسيما صحيفة اللوموند.
 فهي على غرار إحدى شخصياتها (توغ) ومع استخدامها الخيال العلمي الذي يزداد من كتابٍ لآخر، امرأة ذات إرادة حديدية وحادة الطباع. وبدلاً من ترسيخ نجاح أعمالها خصوصاً، بعد حصولها على جائزة (فمينا) في عام 1996 عن روايتها (نهاية أسبوع الصيد لدى الوالدة)، في كتابة رواية أخرى وبالوتيرة ذاتها والتركيز ذاته، اتخذت المؤلفة طرقاً أدبية منوعة، فقد ألقت جملة من القصص القصيرة ودراسة فكرية مثيرة سميت بـ (مسيرة الفارس) وبحث صغير عن الأدب. وقدمت مع المؤلفة (آنيس دبزران) كتاباً عن المؤلفة المعروفة (فيرجينيا وولف) سميت بـ (فرجينيا وولف ومزج الأعمال الأدبية). وبالتأكيد، لا تعد فيرجينيا (المؤلفة التي تمنت أن تسطر يوماً على ورقها شيئاً لما أسمته بالحياة الثانية المتوارية خلف ستار الحياة الرسمية والاجتماعية) غريبة تماماً عن الرهان الحقيقي الذي قامت به جونفيف في رواية 52 أو الحياة الثانية. وهي عبارة عن 52 قصة مهيأة في 52 أسبوعاً. وقد نتساءل أحياناً هل هي ديوان من القصص القصيرة أو رواية متعاقبة الشخصيات ومتقلبة العواطف والمشاعر؟ وعلى الأغلب إنها الاختيار الثاني إذ نجد من قصة لأخرى الكثير من الشخصيات المستمدة أحياناً من نصوصها السابقة.جسدت جونفيف وبكثير من البراعة والمهارة حبها الكلمات وتقاطعت مع أسلوبها الملتوي وغير المباشر (بشكلٍ أو بآخر) مع العديد من الكتاب أمثال بروست وسنتدال وفلانري واوغوتور وونيستان أودن وبليغ وبروغ شانتون وآخرين. ولديها القدرة على إخفاء الالتفاف إلى جملة ما أو الاقتباس من أحد أبيات لويس آراغون. هذه الالتفافات ظهرت واضحة وهي تصف بطلتها المراهقة المتمردة (آغا) التي تحمل كتاباً صغيراً في جيبها وهي تتحدث عنه بشغف قائلة: "جاء في هذا الكتاب شيء عن الشمس والصداقة والحياة والناس، فمنذ البداية جذبني عنوانه (الأمواج، ومع إنني لم استوعب مضمونه بالكامل إلا إنني أشعر بأن هذه الكتب تهدئني وتخفف عني،لذا قرأت ما لا نهاية عباراته السحرية. أنا على يقين إنني سأفهمه يوماً ما بالكامل". إضافة إلى آغا اشتهرت جونفيف أيضاً عن طريق بطلها الذي حمل اسم المخرج المشهور (غياروستامي). والطفل (توفا) الذي يجهش بالبكاء دائماً وهو الشخصية التي سمعنا عبرها (الصوت الخاص بالكاتبة المعروفة (مارغريت دورا) لتظهر الكاتبة من جديد في الحكاية ذاتها عام 1996. ألا يتوجب علينا التأمل ملياً في القصة رقم (45) التي سميت بـ (فوائد المرأة الفنانة) وهي في الحقيقة وثيقة وجدت ثم فقدت من قبل توفا. وهنا تطرح المؤلفة مجموعة من الأسئلة ومنها هل النساء بارعات في فن الكلام؟ وهل هن قادرات على الإلمام به وإدراكه؟ أيحببن الحرية أو هل يمتلكن روح الدعابة والمزاج الجيد؟ فمن يعاشر جونفيف يعرف تماماً أنها إمرأة حسنة المزاج لدرجة السفاهة إلا إنها متميزة بأحاسيسها للاستطراد وكثرة استخدامها التنويهات والاستشهادات لمعالجة تساؤلاتها ولإقحام قارئها في موج من الألفاظ وفي متاهات مختلفة الأوضاع والمشاهد والحكايات والنوادر والتأملات لتفقد هذا القارئ ثم تعيد إيجاده أو لتجعله شاهداً على حياتها الخاصة، وعلى ذكرياتها وسنوات ضياعها ولحظات ضعفها وإخفاقاتها وانتصاراتها، وكل ما لم تجرؤ البوح به. وحقاً نشعر في رواية (52 أو الحياة الثانية) بأن رأسنا في الغيوم وأقدامنا على الأرض، لاسيما وهي تصف ذكريات الطفولة التي عاشتها في شقق  فخمة ومؤجرة وهي ذكريات لم تتوقع حدوثها على الإطلاق وعدتها أمنية بعيدة المنال. في حين صورت لنا في قصة رقم ستة وعبر البطل (ريستان) لحظات المراهقة العصيبة. واستوقفتنا في القصة التاسعة في عالم المكتب وهمومه الدائمة وروتينه القاتل. وتسدي لنا نصيحة قيمة في القصة السابعة (إذا انكسرت طيارتك الورقية يوماً، فعليك الاحتفاظ بخيطها على الدوام). وسرعان ما تجعلنا ندرك وعبر حكاية إمرأة تهاب خادمتها، الشعور بالغيرة من الآخرين ومحاولة وضع العراقيل بوجههم. فهنا امرأة خائفة وأخرى تضع طفلاً دون الرغبة في إرضاعه على الرغم من أن طبيعتها كأمرأة تحتم عليها ممارسة الإرضاع. أما توفا، فقد اهتدى في القصة الواحدة والثلاثين إلى جملة من أسباب سوء الفهم الدئم بين الرجال والنساء. ومع ذلك قد يستطيع الاثنان العيش معاً وإنجاب الأطفال ومحبة أحدهما الآخر.وبمساعدته قد تنخرط إمرأة في العمل السياسي. وفي رأي توفا، (بغية استمرار العلاقة بين الزوجين)  عليهما تعلم الثرثرة والتمتع بلحظات تواجدهما معاً. ومع ذلك عليهما أن يكونا جادين ولا يلعب أحدهما دور الضحية وأن لا تنسَى المرأة أن بعض النساء لم يحصدن شيئاً من عدم تراجعهن. وختاماً يشير إلى أن المقدرة على اختلاق القتال وإثارة الضحك في الوقت ذاته هو ما لخصته وببراعة جونفيف بريساغ.   rnالإضافات: - في الوقت الذي ترى فيه جونفيف الرواية التقل

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

ملحق ذاكرة عراقية

الأكثر قراءة

"إعادة العرض": لوحات فنية ترصد مأساة العراق

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

مقالات ذات صلة

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 
غير مصنف

البرلمان يستأنف جلساته الاسبوع الحالي بعيداً عن التشريعات الجدلية 

بغداد/ المدى كشف نائب رئيس الأقاليم والمحافظات البرلمانية جواد اليساري، مساء اليوم السبت، عن عودة عقد جلسات مجلس النواب خلال الأسبوع الحالي، فيما أكد عدم وجود أي اتفاق على تمرير القوانين الجدلية. وكان البرلمان...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram