اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > جبرا ابراهيم جبرا - الكاتب والكتابة

جبرا ابراهيم جبرا - الكاتب والكتابة

نشر في: 26 مايو, 2010: 04:53 م

حليم بركات  *توفي جبرا، فاستيقظت في نفسي أربعون سنة من الذكريات ، فقد وطنه الاول وانهار وطنه الثاني عليه ، فكيف لقلب ان يتحمل كل هذا القهر.. ليس غريبا انه مات ، لولا الكتابة لمات منذ زمن من منا نحن الذين نحبه يمكن ان يحمل العبء عنه ؟
هذه مقالة كنت قد كتبتها منذ اشهر قبل وفاة جبرا ابراهيم جبرا لتنشر فى كتاب أعد من قبل اصدقائه تكريما له .. وانني انشرها دون تعديل علها تعبر عن نفسها وعني.هل هناك ما هو اكثر تكريما للكاتب من الدخول في نقاش معه ؟هل يمكن الفصل بين الكاتب والكتابة ؟ واذا لم يكن من الممكن الفصل بينهما، هل يجوز الدمج فنعتبرهما واحدا واذا لم يكن . من المكن الفصل او المدمج ، فكيف ننظر للعلاقة بين الكاتب والكتابة كعملية ونتاج فى أن واحد؟ليس هدفى أن اجيب على هذه الاسئلة فى هذه المقالة وان كان يهمني ان الواقع ضوءا على طبيعة العلاقة بين الكاتب والكتابة من ، خلال تجربة جبرا ابراهيم جبرا فى المزج بين ، الواقي والوهم فى غالبية ما كتب قد لا يكون هناك بين التجارب الادبية العربية المعاصرة ما هو اكثر مدعاة لطرح مثل هذه الاسئلة من تجربة جبرا وخاصة فى نتاجه الروائي.وكثيرا ما شغلتني هذه الاسئلة بالذات منذ تعرفت اليه في منتصف الخمسينيات حين كان يحضر مع عائلته من بغداد للاصطياف في لبنان ، بقدر ما اتعرف اليه واتعمق في قراءة نتاجه بقدر ما تتحول ، انطباعاتي الاولى الى قناعات بانه لايمكن الفصل بين جبرا الانسان وجبرا الكاتب او بينه وبين كتاباته .من ناحية أخرى وفى آن واحد، تعمقت : قناعاتي بانه لا يمكن الدمج بينهما كليا، بين الفصل والاندماج مسافة شاسعة ولكن هناك لقاء وثيقا ايضا مما اقصده هنا ان صوت جبرا فيما كتب يعلو على كل الاصوات «اقصد اصوات الشخصيات التي خلقها" دون ان يلغيها ولا غرابة فى الامر فان صوته متعدد الاصوات ، ولايثسكل التعدد نشازا بل هو انسجام.وربما اهم من هذا كله ان جبرا كان يسعى دائما لان يتجاوز نفسه فخبر تحولات مضنية وقد اراد ان يتجاوز نفسه لانه لم يكتف بمعرفة الحقيقة كما هى بل كان يسعي لان يملك حلما لنفسه بقدر ما هو حلم لهذا المجتمع العربي الشقى، وقد بدأنا على صعيد عام ندرك في الربع الاخير من القرن العشرين عمق الشقاء العربي وقد اخذ الحلم يتحول امام اعيننا الى اوهام . وما بدأنا ندركه مؤخرا على صعيد عام ، كان بعض المبدعين من اصحاب المنهج النقدى والرؤى المستقبلية قد وعوه وكتبوا حوله منذ منتصف القرن في الاقل .اثير موضوع المزج بين الواقع والوهم منذ اللقاء الاول بين جبرا وبيني في منتصف الخمسينيات اخبرني جبرا. وقد عنى لى ذلك الكثير في مطلع حياتي الادبية . إنه كان قد قرأ قصة قصيرة لى نشرتها فى مجلة الاديب تلك السنة ، وكان اخوه قد نبهه اليها باعتبار ان هناك شبها بيننا من حيث المزج بين الواقع والحلم بحيث يصعب التمييز بينهما. بل كثيرا ما كان يعصب ايضا التمييز بين الحلم والوهم ، وقد استمرت هذه النزعة كموضوعة واسلوب فنى في كتابتينا حتى الوقت الحاضر.اشار جبرا لهذا فى رسالة كتبها لي بتاريخ 19/11/1957 بعد ان كتب مقدمة بعنوان «الحرية والطوفان» ، لمجموعتي القصصية الصمت والمطر التى كنت قد دفعتها للطبع عن دار مجلة شعر، قال "ويعجبني كما ترى من مقدمتي انك ترى تفاعل الوهم والواقع في حياتنا، وهذا كما تعلم من مواضيعي ايضا، اتذكر حديثنا في مقهى " الانكل سام "؟فانت لذلك تاتي القارئ بكشف جديد ووعى لحياته لم يكن يتوقعه ". وقد ظهر تفاعل الحلم او الحلم . الوهم - والواقع خاصة في قصتي "رمال " التى كانت اول قصة نشرتها ولم اكن قد قرأت جبرا بعد، وفي قصة "الصمت والمطر" التى عنونت المجموعة بها والتي كتب لى جبرا عنها في الرسالة نفسها قائلا، "قصتك الصمت والمطر والعنوان "بسل وموح " . احسن ما فى المجموعة ، من اروع ما قرأت من قصص عربية وهي تشير الى خط التطور في فنك .واكثر ما اعتز به شخصيا ما استخلصه جبرا في نهاية تلك المقدمة من "ان لحليم بركات صوته الخاص ... انه صوت من رأى ورئي ، واحس بالمأساة ، اذن بدأنا نحس بالمأساة حتى في اوج زمن التفاؤل بالمستقبل ؟ بل بدأنا نرى نزعة واضحة في السلوك العربي العام للعيش في متاهات الوهم نتيجة لصعوبة تحقيق ما نريد في الواقع .وفيما يتعلق مباشرة بمسألة التفاعل بين الوهم والواقع ، ذكر جبرا في مقدمته ، لمجموعتي القصصية الصمت والمطر ان هناك اربعة مقاييس استخلصها "من" احسن القصص الموضوعة حتى الآن " هي استكشاف الشخصية، نقد الحياة ، الشكل - فيما يتعلق بالاستكشاف الذي اعتبره دلالة الحركة والبحث ونفاذة الرؤية، قال ان الاستكشاف لا يجرى في الخارج الواقعي فقط، بل في الداخل ايضا في مطاوي النفس والدماغ . في متاهات الوهم.وتتابعت المعزوفة بشكل مباشر وغير مباشر كما لو كانت "لايت موتيف " جميع مؤلفات جبرا، ورد في قصة عرق ان الشباب ... يقبلون بالوهم فيجهلون اغتنام الحقائق ، وفي السفينة ان الطيبات كلها وهم - ارفع الوهم . تضمحل المتعة الأخيرة ، ولا يبقى ال

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

مقالات ذات صلة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و
غير مصنف

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

متابعة / المدىأكد الفنان السوري علي كريم، بأن انتقاداته لأداء باسم ياخور ومحمد حداقي ومحمد الأحمد، في مسلسلي ضيعة ضايعة والخربة، لا تنال من مكانتهم الإبداعية.  وقال كريم خلال لقاء مع رابعة الزيات في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram