اعلان ممول

TOP

جريدة المدى > غير مصنف > في بيت جبرا

في بيت جبرا

نشر في: 26 مايو, 2010: 04:55 م

حاتم الصكر حين تزور جبرا في بيته ، تحس بكينونته التذكارية ايضا. وهذا ما عبر عنه اصدقائي العرب من زوار بغداد، حين كنت اصحبهم لزيارة جبرا في بيته . كنت امازحه بالقول : لقد غدا بيتك معلما يزوره السياح ! كآثار بغداد واماكنها التاريخية وكنت اعني ما اقول فمنذ ان يفتح لك جبرا الباب الداخلي للبيت ، وتسير فى ممر ضيق يؤدى الى صالة واسعة مفتوحة على غرفة أخرى الى اليسار حتى تحس  انك في متحف .
اللوحات الزيتية والمنحوتات جزء من ذاكرة الرسمين العراقى والعربي.  لوحات رسمها افضل فناني قرننا جواد سليم وشاكر حسن آل سعيد وفائق حسن وحافظ الدروبي وعطا صبري ومنحوتات وتماثيل لمحمد غني وخالد الجادر واسماعيل فتاح وخالد الرحال . ثم على يمينك حيث سرت رفوف الكتب كلها اهداءات بخطوط اصحابها: السياب والبياتى واحسان عباس وسهيل ادريس... وصور لابرز اصدقائه "ومعهم " كعبدالرحمن منيف والخال والصايغ ... والأهم من ذلك اعمال جبرا نفسه . فثمة رسوم في فترات مختلفة ورفوف خاصة بمؤلفاته كان يمازحنا بالقول انها وحدها تحتاج الى مكتبة خاصة وليس في الامر مبالغة فلقد تعددت اهتمامات جبرا، فكان مثقفا موسوعيا يفتقد عصرنا الى امثاله ... فهو يرسم ويكتب عن الرسم - وهو شاعر... وقاص .. وروائى... وكاتب سيناريو وهو مترجم ودارس وناقد يكتب بالانجليزية الى جانب لغته الام . وهو يكتب عن الثقافة والشعر والأدب والحضارة والفلسفة ... واذ يعمل تجد له اسما في التعليم والصحافة الثقافية ... وفى المنظمات والاتحادات الثقافية ... مؤسسا وعاملا: في اتحاد الادباء والكتاب  ، ورابطة نقاد الادب ، ورابطة نقاد الفن العالمية. -ومسهم نشيط في موجات الحداثة : واكب حركة الريادة فى الشعر الحر في سنواتها الأولى -وفي حركة الحداثة الثانية التي بدأت بصدور مجلة "الشعر" التي كان جبرا من ابرز اركانها. - وكان فاعلا في الحياة الثقافية : تجده فى الندوات والحلقات الدراسية وفي معارض الرسم وعروض المسرح وامسيات الشعر والنقد... في لجان التحكيم... والهيئات الاستثمارية .. والمشروعات الثقافية الكبرى... لقد كان جبرا فريقا من الكتاب فى رجل واحد، و لم يكن ليمنعه اي شئ عن الوفاء بالتزام او المساهمة فى نشاط.. لذا نقول انه مثقف شامل ، ليس لانه جمع اجناسا ادبية وفنية عدة في شخصه بل لانا حاول من خلال ذلك ان يكون له "موقف" فى عصر تهمش فيه المثقف ، وتراجع دور الكتاب والادباء. لكن العجيب في حالة جبرا ابراهيم جبرا انه حافظ بموازنة دقيقة بين حضوره الثقافي ورعايته للحداثة والابداع ، وبين جماهيرية كتابته فهو مقروء بشكل واسع من قبل اوساط القراء والمهتمين من اجيال واعمار وبيئات وثقافات متباينة ، ولا يحظى - إلا قليل من الكتاب بمثل المتابعة والقراءة التي تحظى بها كتبه... * * *                                         لقد كان ذا دور تأسيسى دائما : حين جاء الى بغداد بعد تقسيم فلسطين عام 1948 لم يكن وجوده طارئا بل سرعان ما اشاع حوله جوا ثقافيا مؤثرا تبلور عبر صلته بالادباء والفنانين والشعراء لاسيما بدر شاكر السياب  الذي تشهد مراسلاته معه، على اهمية ما قدمه له من مساعدة، سواء فى القراءة او النشر. وكذلك صلته بجواد سليم الذي اسس معه .. وعدد من الرسامين... " جماعة بغداد للفن الحديث " عام ا 195. وحين اختار العراق وطنا ومستقرا بعد النكبة ، فانه كان متفاعلا ومشعا باتجاه الثقافة العربية . وهذا واضح فى دوره التأسيسي لجماعة مجلة ( شعر) رغم اختلافه مع طراز القصيدة النثرية التي كتبها ادونيس وانسي الحاج وابو شقرا وسواهم.. فقد كان جبرا يعد -نفسه وبعض الشعراء التموزيين كما يسميهم - من شعراء «الشعر الحر" بمفهومه الانكلوسكسوني وهو الشعر المتحرر من الوزن والقافية ، ولكن القائم على الترابط المنطقي والدلالى بين جمله وابياته .. كان "تموز في المدينة " هو اول دواوينه 1959 و(لوعة الشمس ) 1979 هو أخرها ولم يتغير منظوره الشعري خلال ذلك. فيما كانت رواياته تعمق نهجه الاستبطاني فهو يدرس شخصياته بدقة ويعريها دون رحمة ويقدمها دون تجميل او تصنع هكذا فعل فى " صراخ في ليل طويل " أولى رواياته 1955 وفي اشهر رواياته من بعد: صيادون فى شارع ضيق /السفينة / البعث عن وليد مسعود الغرف الاخرى / يوميات سراب عفان ... لقد قدم جبرا بشرا وامكنة واحداثا لايمكن ان تخطئهم الذاكرة ولايهملهم تاريخ القراءة ، فأخذ مكانته اللائقة في سجل الريادة الفنية والاتجاهات الجمالية الجديدة فى كتابة الرواية العربية الحديثة . وفى نقده ، لم يكن جبرا، لينطق من منهج نقدي مسمى، رغم دراسته الاكاديمية المعمقة . ومعرفته بالادب الاجنبي وتياراته ... انه يحتكم الى حسه الفني والجمال ، تفرده خطي الحداثة التي يرى فيها مستقبل الادب العربي وانسان هذا

انضم الى المحادثة

255 حرف متبقي

يحدث الآن

للحفاظ على «الهدنة».. تسريبات بإعلان وشيك عن موعد انسحاب القوات الأمريكية

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

العمودالثامن: حصان طروادة تحت قبة البرلمان

قناديل: أما كفاكُمْ تقطيعاً بأوصال الوردي؟

التجنيس الأدبي والاكتفاء الذاتي

ملحق عراقيون

الأكثر قراءة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

مقالات ذات صلة

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و
غير مصنف

علي كريم: أنا الممثل الأقل أجرًا و"باب الحارة" لم تقدم حقيقة دمشق

متابعة / المدىأكد الفنان السوري علي كريم، بأن انتقاداته لأداء باسم ياخور ومحمد حداقي ومحمد الأحمد، في مسلسلي ضيعة ضايعة والخربة، لا تنال من مكانتهم الإبداعية.  وقال كريم خلال لقاء مع رابعة الزيات في...
linkedin facebook pinterest youtube rss twitter instagram facebook-blank rss-blank linkedin-blank pinterest youtube twitter instagram