ترجمة: عادل العامل بظهور آخر عملٍ له، ( صحبة حاضرة Present Company )، يكون الشاعر الأميركي و. س. ميروين، الفائز بجائزة الكتاب العالمي للشعر عام2005 ، و الثابت على المشهد الأدبي حوالي ستين عاماً،
قد دخل طوراً آخر من تجربته الشعرية. و الواضح من هذا المجلد الأحدث أن ميروين يشيخ على نحوٍ جميلٍ أنيق في حرَم طبيعته على جزيرة هاواي. ذلك أن " بيته الشعري المسنَد " المعظََّم في ما مضى، و إن لم يتخلَّ عنه تماماً، يُصبح أقل فأقل في الوضوح مع كلِّ مجلد تالٍ. و قد صار أكثر ارتياحاً مع نفسه بمرور السنين مهما بقي متشككاً في فكراتنا الثقافية عن " النفس self ". إن القصائد التي تؤلف ( صحبة حاضرة ) هي قصائد رثاء، مكرسة " إلى ... " مختلف الناس، و الأماكن، و الأشياء، التي زخرفت حياة الشاعر. و التوتر الوحيد الذي يشوب الكتاب هو ذلك الذي بين الرغبة الثمانينية العادية في التحدث عن " الحقائق الأعظم " و رد الفعل ما بعد الحديث، المغروس طويلاً، على كينونة مثل هذا الشيء. و النتيجة هي حوالي 100 قصيدة ذات اهتمام مسنَد تقطعه بانتظام توهجات flashes من التبصّر غير العادي. و لن يكون على القارئ مقاربة الثمانين من عمره ليميّز الوجدان الكامن في هذه الأبيات " إلى حالات ندم متريّثة " :rnأوه أيتها الحبيبة المحزونةذات العينين الخفيضتينالظاهرتين ليو أنت تتحولين مبتعدةً عني لتقفي صامتةً و متأخرةً في ضوء أتذكرهمشوباً بلون الكهرمانrnبعض الحقائق أو الأمور الصحيحة ستبدو في الواقع أعظم و " حالات الندم " من بينها. و لا شك في أن أولئك الذين يدّعون أنهم لا ينطوون على أي شيءٍ منها يرون أنهم بطريقةٍ ما لم يكبروا ليحققوا إنسانيتهم التامة، و هي مشكلة تبرهن هذه الأبيات، و كثير غيرها، على ميروين لا يشاطرهم إياها.و ما هو في الأقل ليس عمومياً أرواحية animism الكثير جداً من القصائد، في ( صحبة حاضرة )، التي تخاطب كل واحدة منها صحبةً يعتز بها. فمتلقّي قصيدة " إلى أسى " حاله حال متلقي " إلى بولا "، " إلى زاوية العين " أو " إلى الزمن القادم ". إن ميروين هو أوديسيوس و تعلّقاته الراحلة هي أولئك الأصحاب الذين لم يستمروا في البقاء بعد الأوديسة ( التي تعني أصلاً الهجرة أو التجوال الطويل ــ المترجم ). و هو و القلّة الذين بقوا يجلسون إلى جنب الأرض. و بجلوسه هناك يخاطب صاحباً آخر في قصيدة " إلى دخان " : إنك تظل على الدوام تحذّرنامتأخراً جداً و فقطو أنت تغادرrnإذ بالنسبة لميروين نفسه، سيبدو الأكثر رقةً بين الموجودات، كما هو مبيّن في أبياتٍ كهذه من " إلى نفسي " :rnأنا متأكد من أنك كنتَ هنا قبل لحظةٍ و أن الهواء لا يزال حياًمن حولك حيثما كنتَrnإن المعنى الضمني ( خاصةً في سياق عمل العمر ) هنا أن الشاعر و. س. ميروين هو كونٌ أكثر من كونه شخصاً. فعلى مدى سنواته الثمانين، يمكن القول إن التجريدات، و العادات، و الانفعالات، و المطابَقات، و الملاحظات و العناصر المادية التي سكنت ذلك الكون قد نضجت لتحقق هوياتها المستقلة. و جميعها حيةٌ بحكم حقها الشخصي. و بعملية الإزاحة، تقريباً، فإن ما يتبقى من بعد هو النفس self الحقيقية، الخارقة للطبيعة و غير القابلة للفهم. ليكن كوناً شاعراً أو كائناً فردياً، أو كانت تجاربه موجودات منفصلة أم لا، فإن لديه بالتأكيد القليل من الأفكار حول طبيعة الكتابة نفسها. و في الوقت الذي لا يُعد فيه ميروين استثنائياً، فإنه مقيد على نحوٍ مدهش إلى الموضوع، و ميَّال للانكباب عليه من بُعده الخاص. و هو ( أي الموضوع ) يتحدث عنه حتى بشكلٍ أكثر سمواً، و من ثم فإن ما عليه قوله في " إلى القصة " غاية في التبصر أو الفهم العميق بالنسبة للكتابة و الحياة :rnحين يمرّ أمامك ما لن تتدبَّر تذكّره لاحقاًالمفتاح المفقود إلى الحاضر و حياته غير المكرَّرةو هكذا سيكون عليك أن تصنعه بشكلٍ مقبول قدرَ ما تستطيعمن بقايا ما دوَّنه شخصٌ ما أو يمكن أن تتذكر إن أسعفتكَ الذاكرةأو أنك سوف تستحضر من تلك العناصر و الأنفس ذاتها مجموعةً من بلدٍ ما آخرrnإن سرديات أو قصص القلم و الحياة أمرٌ إشكالي و جوهري تماماً معاً. و لقد عاش شاعر ( صحبة حاضرة ) حياةً تتصارع مع " القصة ". و توصل إلى فهم أن التكتم على كلماتٍ صعبة المنال يمكنه أن يقول أكثر. rnعن/Virtual Grub Street
الشاعر الأميركي ميروين .. و صحبته الحاضرة أبداً
نشر في: 28 مايو, 2010: 05:07 م